31/10/2010 - 11:02

يوم الأرض وضرورة تصعيد النضال الوطني../ خالد خليل

يوم الأرض وضرورة تصعيد النضال الوطني../ خالد خليل
وسيلة الاحتجاج من خلال إعلان الإضراب العام في المناسبات الوطنية أو كرد على الممارسات السياسية العنصرية لإسرائيل تجاه العرب والقضية الفلسطينية عمومًا، لم تكن في يوم من الأيام مؤسسة على ميزان الربح والخسارة المادية لهذه الفئة أو تلك. وعلى الدوام انطلقت الحركة الوطنية في قراراتها من ضرورات وطنية وسياسية تمليها ظروف الصراع بيننا وبين المؤسسة الإسرائيلية.

الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة (حداش) تحاول دائمًا من خلال مندوبيها في الهيئات التمثيلية التخفيف من وتيرة التصعيد النضالي للجماهير العربية، وفي كل مرة تعارض قرار الإضراب تحاول تقديم تفسيرات وتبريرات لموقفها.

سكرتير الجبهة المحامي أيمن عودة قال في مقابلة مع راديو الشمس هذا الأسبوع إن الجبهة ليست مع قرار الإضراب في يوم الأرض هذا العام، وذلك لأنّ يوم الأرض يصادف مع أول أيام عيد الفصح وخلال عطلة المدارس وهذا يعني انه لا قيمة للإضراب، لا بل بالعكس فإنه يلحق الضرر بالأسواق العربية خاصة داخل المدن المختلطة. وبما أن الجبهة تحمل هم الناس فإنها لا تريد أن تثقل على كاهل التجار العرب الذين قد يخسرون السيل الجارف من الزبائن اليهود في أول أيام الفصح. وأضاف عودة لو أننا نتحدث عن يوم عمل عادي وعدم وجود عطلة للمدارس فإنّ موقف الجبهة قد يكون مغايرًا وقد تؤيد قرار الإضراب. (وماذا مع قطع أرزاق العمال بسبب الإضراب وخسارة الطلاب لدروسهم، ألا تندرج ضمن قائمة الهموم التي تحميها الجبهة؟).

هناك قطاع واسع من المواطنين العرب في الداخل يشدون هذه الأيام الرحال إلى مدينة القدس والمسجد الأقصى المبارك بهدف الاعتصام، ومنع سوائب المستوطنين المتدينين من تدنيس حرماته وتعطيل مشروع التهويد المستفحل للمدينة المقدسة. وهذه النشاطات الاحتجاجية قد تتحول إلى مصادمات مع الشرطة كما حصل أكثر من مرة في الماضي، وربما يسقط جرحى أو شهداء جراء هذه المصادمات، أي أنه وفقًا لميزان الربح والخسارة الجبهوي ستكون الخسارة البشرية أكبر شأنًا من خسارة الأموال والزبائن اليهود. فهل نزولاً عند مبدأ حمل هموم الناس ستدعو الجبهة المواطنين إلى عدم المشاركة في الأعمال الاحتجاجية في القدس والأقصى؟!

الجماهير الفلسطينية داخل الخط الأخضر تدرك بالسليقة والوعي المخاطر الوجودية لسياسات إسرائيل العنصرية، وعادةً ما تستنفر بعفويتها كلما استشعرت وجود هذه الأخطار. لكن الهبات العفوية كما هو معلوم تبقى نتائجها منقوصة وغير مكتملة ما لم يتم تنظيمها سياسيًا من قِبل قيادات مسؤولة وثورية مستعدة لأن تدفع الثمن حتى على المستوى الشخصي.

السياسات الإسرائيلية فيما يتعلق بموضوع الأرض والمسكن أخذت أبعادًا خطيرة في السنة الأخيرة وتترجمت بهدم عشرات المنازل وأوامر الإخلاء ضمن مخططات إسرائيلية متجددة للاستيلاء على الأرض الفلسطينية وتهويد المناطق العربية واستمرار عملية تضييق الخناق على القرى والمدن العربية التي أصبحت بمثابة غيتوات.

وفي خضم الحديث عن تبادل المناطق مع السلطة الفلسطينية قامت السلطات الإسرائيلية عام 2009 بهدم عدد كبير من البيوت العربية في منطقة المثلث وتحديدًا في الأماكن المتاخمة للخط الأخضر.

رد الفعل العربي تمثّل بإقامة لجان شعبية نضالية استطاعت في كثير من الأحيان وقف عمليات الهدم وإفشالها، خاصة عندما كسر الناس حاجز الخوف وتقدمت القيادات المحلية الجماهير أثناء عملية التصدي لجرافات الهدم وارتال الشرطة.

لم يكن ميزان الربح والخسارة في هذه الحالات بائسًا ويعتمد على الحسابات الرخيصة، بل كان ميزانا وطنيًا وإنسانيا من الدرجة الأولى، فكل الذين تصدوا للهدم خسروا أيام عمل أو جرح بعضهم، لكنهم ربحوا كرامتهم وعنفوانهم وتصميمهم، وردوا الظلم عن الضحايا الذين كادوا يخسرون مأوى عائلاتهم.

هذه النماذج المشرقة في النضال الشعبي والتي كان آخرها في أم الفحم قبل أسبوعين عندما فرض الإقدام الشعبي على الشرطة التراجع وعدم تنفيذ أحد أوامر الهدم في المدينة، يقابلها أيضًا نماذج من الخوف في أوساط مجتمعنا، حيث أقدم بعض المواطنين على هدم منازلهم بأيديهم خوفًا من الشرطة وخوفًا من الغرامات الباهظة.

لذلك فمعركتنا ما زالت طويلة وشاقة خاصة مع تفاقم القمع والعنصرية في المجتمع الإسرائيلي ومؤسساته الرسمية، ما يستلزم تصعيدًا لوتيرة النضال والمواجهة حتى إجبار الدولة على التراجع عن سياساتها.

لقد شكل يوم الأرض عام 1976 نقلة نوعية في الفعل الكفاحي لجماهير الداخل مما فرض على السلطة معادلات جديدة للتعامل معهم.

وقد أثبتت التجارب انه كلما تراخت القيادات وازدادت الدعوات إلى ضبط النفس والاستكانة والهدوء، كلما ازداد القمع والظلم.

إنّ قيادات الداخل مطالبة اليوم بإعلان الإضراب في ذكرى يوم الأرض كخطوة لوضع إستراتيجية موحدة في التصدي للانتهاكات الإسرائيلية على مستوى الأرض والمسكن وعلى مستوى التضامن الفلسطيني في رفض الظلم ورفض تهويد مدينة القدس والمقدسات.

ونعتقد أن الأحداث التي بدأت حول الأقصى هذا الأسبوع سوف تفرض خطوات تصعيدية كبيرة سيكون أقلها الإضراب في يوم الأرض القادم وعلى من تخلف ان يلحق بالركب قبل فوات الأوان.

التعليقات