21/12/2010 - 11:52

عنصريون بامتياز../ مصطفى طه

-

عنصريون بامتياز../ مصطفى طه
مشاهد لا يمكن أن يُخرجها إلا واقعٌ يرضـَع ويرضـِع العنصرية على الدّوام لأنها أصبحت نهج حياة.
 
"كالمتسجير من الرمضاء بالنار،"، هكذا هو حال أهلنا في اللد الصامد عندما توهـّموا أن الرئيس المعيّن لإدارة شؤون بلديّتهم "إيلان هراري" خارج عن النص حين وقفوا أمام مبنى البلدية احتجاجًا على الهدم الإجرامي لبيوتهم ليُلقي بهم في العراء في أوج عاصفة البرد الذي كان، فاستدعى الشرطة بدوره لتفرقهم بالقوة، فاعتدت عليهم واعتقلت المسنّ عيسى ضبيط ابن الخامسة والسبعين، بحجة الاعتداء على رجال الشرطة.
 
لا عجب.. ولمَ العجب، إنها دولة إسرائيل، عنصرية بامتياز، إجرامية حتى النخاع، على الإجرام قامت، والتوغـّل فيه هو شرط البقاء بمنظورهم على ما يبدو! بغير الهدم لا تكون أنقاض كي يبقوا فوقها، فالركام هنا هو عامود الارتكاز لبنيانهم، وبغير الدم لا تطيب لهم الحياة، فلا بد من ضحية إذًا لغرس الناب لامتصاص الدم.
 
ما العجب.. كيان قام أصلاً على الدمار، وحين يستغرب البعض من هدم بيت هنا أو عشرة هناك، تخونه الذاكرة للحظة "فيفطن" أنهم مسحوا (518) قرية فلسطينية بالكامل عن وجه الأرض "في أكبر عملية سطو مسلح في القرن العشرين وفي وضح النهار"، وحوّلوا شعبًا بأكمله إلى لاجئين في الشتات أو مهجّرين في الوطن في غفلة من الزمن.
 
ولمَ العجب حين يستفحلوا بوحشيتهم أكثر وأكثر حين نبث لهم ألف رسالة تشجعهم للمضي في غيّهم.. وزير الداخلية يشاي يعطي أمرًا بالهدم اليوم ويحتضنه عشرات رؤساء السلطات المحليّة في اليوم التالي.
 
على "موائد الرحمن" في رمضان، حكومة ترتكب أبشع المجازر في غزة وحين تتظاهر قيادات وجماهير فلسطينيي الداخل على حاجز "إيرز" تقاطعه لجنة الرؤساء بالكامل بلا استثناء. وزير داخلية يتفنّن في عنصريته تجاهنا بقوانين حكومته اللامتناهية يوميًا ويوقع أكثر من عشرين سلطة محلية عربية عريضة داعمة له حين طالب البعض بإقالته.. يا للعار.
 
كيف لا نشجّعهم بهذا السّلوك الطفيلي الانتهازي على المضيّ في إجرامهم حين تتحوّل عقلية البعض منا إلى عقلية أقرب ما يكون إلى الدّجاج الذي يلتقط الحبّ من تحت حذاء العلاّف، ويقرقر شاكرًا على النعمة؟! كيف لا نشجّعهم حين يتصرّف البعض منا كالنعجة التي تسبّح بحمد الجزار وهو يقودها نحو المسلخ؟!
 
كيف تعطلت البلاد بإضراب المرافق الأساسيّة في الدولة مرارًا بفعل رفع سعر البنزين ببضعة أغورات؟!
كيف لا نشجّعهم على الإجرام حين تمرّ سلسلة قوانين عنصرية غير مسبوقة بهذه اللامبالاة القاتلة؟!
أقلّ ردّ فعل لضحية طبيعية بكبريائها أن تصرخ، كأن تُهدّد عندما يتهدّد وجودها.
 
عنصريون حتى النخاع ولكن لن تكسرنا عنصريتكم مهما طغت.. ألسنا شعب الجبارين؟!
عنصريون حتى النخاع تمهلوا! نحن ضحية نعم، ولكنها واثقة بذاتها، مؤمنة بطاقاتها وتملك من أساليب النضال الشعبي ما يقضّ مضاجعكم إن مضيتم بغيّكم..
كفى بلغ السيل الزبى.

التعليقات