02/01/2011 - 10:41

مصر في خطر.. وكل العرب!../ ناصر السهلي

-

مصر في خطر.. وكل العرب!../ ناصر السهلي
في الشارع الذي جرى فيه تفجير الإسكندرية يعيش مصريون من مختلف المذاهب الدينية، ثمة ما يسترعي الانتباه لمعرفة شخصية بهذا الشارع. المسجد يقابل الكنيسة تماما فأصيب المسيحي والمسلم..
 
تنتقل إذا الفتنة من العراق إلى مصر، لننتبه قليلا:
متى كان العراقي المسيحي يُستهدف؟
بعد الغزو الأميركي باتت الصورة واضحة، لكن للأسف ليس للجميع، ففي مشهد تجميع الصور، مهما بدت صغيرة، بُح صوت المحذرين من استهداف كل بلد عربي على حداه.. صحيح أن مصر شهدت بعض الاحتقان، لكن قبل ساعات من التفجير خرجت علينا ويكيليكس بوثيقة مثيرة: يجب أن يكون الجيش المصري على استعداد للتسلح الأميركي ليواجه "الإرهاب". بمعنى أن الأميركي أراد أن يتحدد دور وعقيدة الجيش المصري وفق القراءة الأميركية في مسائل الداخلية والإقليمية.
 
انبرى البعض فور وقوع حادث التفجير فجر العام الجديد بتحميل "العرب" مسؤولية الحادث، فرضية تعيد تكرار ذاتها في رغبة ما لمزيد من التقوقع المصري على الذات، تماما مثلما هو الأمر لغير مصر. بات واضحا أن الخطر الذي تواجهه جمهورية مصر العربية منذ أبريل 2003 على الأقل، ومع تزايد عدد شبكات التجسس الصهيونية والتركيز على دائرة أخرى من دوائر الأمن القومي المصري، يَنفذ من نوافذ أخرى أرادت لمصر أن تصبح مقسمة.
 
نعم، هناك من يريد أن يتنقل بفتنة ما في بلاد العرب تمهيدا لمخطط لم يُلغ في خارطة مسربة تثير الكثير من علامات التعجب، دويلات تقسم البلد الواحد وفقا لمصالح كبرى عابرة للجنسيات والقارات.
 
لقد قيل الكثير بعد مرحلة غزو العراق، عن مصر وسوريا والسعودية ولبنان والسودان، قيل ما سُمع بعد نزعة الغرور الإمبريالي وسرب ما لم يُقل. وها نحن مع بداية عام جديد، نُعيد المشهد إلى جذوره وإن غلبت مشاعر البعض في الذهاب باتجاهات غير صائبة في تحليلها للأمر العربي كأحجية يُراد لنا من خلالها أن نصدق المجتر في خطاب "الديمقراطية" الأميركي وتعميده بالدم في العراق ونتيجة صفر مكعب وسيل من دم المذاهب والطوائف.
 
محزن و مفجع ومغضب هو المشهد، لكن حين تبرد الرؤوس الحامية لابد أن تتوقف قليلا أمام اللوحة لتتأملها بشكل جاد، قبل أن نقرأ سيل التدخلات الغربية. فهل يستيقظ العرب من كبوة التخندق في معسكرات البوصلة الأميركية؟.. ليس فرديا، فهذه مواجهة فاشلة.
 
البعض الأميركي يظن أن وجود سفير لهم في دولة عربية مثل سوريا هو "امتياز" تمنحه لدولة محورية في المنطقة، وعليه فهذا الهراء هو ناتج عن عقلية ثابتة في قراءة مصالح جيوستراتيجية تمتد من الصحراء الغربية مرورا بالسودان ومصر ولبنان والعراق وصولا اليمن والعربية السعودية.. ولا يجب أن ينتظر العرب عقدين آخرين ليكتشفوا ما يجري بهم وعليهم..
 
لا حاجة للتذكير مرة إثر مرة بأن الأمن القومي العربي لا يتحقق بأدوات وقراءات فردية تعمق ما يُفرق ويشتت الجهد باتجاهات تكون نتيجتها إعادة إنتاج خطاب شوفيني متقوقع عن الدور والجذور وعمق المصلحة المشتركة.
 
حالتنا العربية كلها تحتاج لإعادة صياغة علاقاتها البينية بما يخدم إستراتيجية تجيب على تحديات الواقع والمستقبل بكل ما يحمله الأمر من أمن قومي، بدءا من بناء الإنسان وليس إنتهاءا بالأمن الغذائي وتقدير الخطر المستقبلي.
 
قد يستغرب البعض ربطنا لحادثة الإسكندرية بالأمن القومي العربي، وهو استغراب محق إذا ما انطلق مما ساد في تراجع مفهوم المشترك في هذا الأمن العربي بوجه ما يخطط ويُنفذ لتكريس فردانية الحلول.    

التعليقات