07/01/2011 - 17:19

ليست عنصرية، وإنما لاسامية../ بروفيسور يهودا شنهاف*

-

ليست عنصرية، وإنما لاسامية../ بروفيسور يهودا شنهاف*
(ترجمة عــ48ـرب)
 
لماذا يجب استخدام المصطلح "لاسامية" حتى عند الحديث عن العنصرية ضد العرب، واستخدام مصطلح "دولة عرقية" عندما نتحدث عن العنصرية المشتملة في التشريع؟
 
نشهد في السنوات الأخيرة، وخاصة مع تسلم الحكومة الجديدة السلطة، سلسلة من جرائم الكراهية ضد الفلسطينيين مواطني دولة إسرائيل واستخدام التشريع العادي أو قوانين الطوارئ لملاحقتهم. ومن بينها:
 
·        تعديل قانون المواطنة من العام 2003، والذي يمنع عرب 48 من الزواج من مواطنين في دول عربية والسكن في إسرائيل
·        قانون الولاء الذي يطالب "غير اليهودي" بإعلان الولاء لدولة إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية من أجل الحصول على المواطنة
·        قانون النكبة "المعدل" والذي يحرم الهيئات التي تعارض تعريف إسرائيل كدولة يهودية من الميزانيات. وقد تضمن القانون بصيغته الأصلية اقتراحا بمنع إحياء ذكرى ضياع الوطن الفلسطيني
·        قانون لجان القبول والذي يخول السكان حق عدم قبول سكان جدد على أساس "عدم التناسب الاجتماعي" (قضية قعدان هي المثال الأبرز)
·        مناورة قوات الأمن والتي تضمنت سيناريو تنفيذ ترانسفير لعرب 48
·        رسالة الحاخامات التي تطالب بعدم تأجير شقق سكنية للعرب
ه
ذه الملاحقات ضد العرب أطلق عليها من قبل وسائل الإعلام وأعضاء الكنيست والمثقفين والناشطين السياسيين "عنصرية" (racism ). وقد تشكلت مؤخرا في الكنيست هيئة لمكافحة العنصرية، من خلال تعاون بين يهود وعرب. وأعتقد أنه قد حان الوقت للتوقف عن استخدام مصطلح "عنصرية"، واستبداله بـ"اللاسامية" تجاه العرب في إسرائيل وتجاه غير اليهود مثل اللاجئين من أفريقيا والعمال الأجانب.
 
تصرف اليهود في العالم، وبحق، بحرية في محاربة اللاسامية الموجهة ضد اليهود. وتقوم مراكز الأبحاث في إسرائيل وخارجها بقياس معيار اللاسامية الموجهة ضد اليهود في كل مكان في العالم. ومع ذلك، فليس لليهود وحدهم احتكار هذا المصطلح. فهذا مصطلح فعّال في الخطاب اليهودي، ولكن لا يوجد أي سبب لعدم استخدامه حتى لو كان الحديث عن كراهية العرب وملاحقتهم.
 
إن استخدام هذا المصطلح الفعّال جزئيا بسبب التحليلات التاريخية لحوادث ملاحقة اليهود خلال القرن الماضي، وبسبب حقيقة أن اللاسامية التي يظهرها اليهود تجاه غير اليهود مصدرها تذويت عواطف سامية في داخل الصهيونية ذاتها. وعلى سبيل المثال فإن منع الزواج بين الأعراق مصدرها في مناطق معينة أو تعريف "الآخر" كعدو للشعب، وقد مورست ضد اليهود في أوروبا، وتمارَس اليوم من قبل اليهود ضد الفلسطينيين في إسرائيل.
 
إن المصطلح "عنصرية" مشكِلٌ أيضا لأنه مخصص لتمييز ظواهر الملاحقة في المجتمعات الليبرالية والديمقراطية. العنصرية هي تفضيل أو كراهية أشخاص ومجموعات على أساس فوارق عرقية أو إثنية أو قومية أو جندرية أو طبقية. والعنصرية الكلاسيكية ميزت بين أناس على أساس ما اعتبر عرقا من خلال استخدام مميزات بيولوجية مثل لون الجلد ونوع الشعر ومبنى الجسم. ومنذ الحرب العالمية الثانية فإن استخدام العرق، مثلما فعلت الدولة النازية، أصبح كـ"طابو". وبدلا منه بدأ استخدام "عنصرية جديدة" لا تستخدم العرق في الخطاب، وإنما تضع بدلا منه أطرا اجتماعية وثقافية، مثل الإثنية والانتماء القومي والانتماء الثقافي والانتماء الطبقي والانتماء الجندري والجنسي. وعلى سبيل المثال، فقبل الانتخابات الأخيرة لحزب العمل وصفت إحداهن عمير بيرتس كسائق شاحنة، في حين وصفت إيهود باراك طيارا يقود طائرة قتالية. ورغم أنه لا يوجد أي ذكر لـ "شرقية بيرتس" و"أشكنازية باراك"، فمن الواضح أن الوصف يستند جزئيا إلى تمييز إثني بينهما.
 
ليست اللاسامية الموجهة اليوم ضد العرب في إسرائيل نتيجة لمزاج شعبي فقط، مهما كان إقصائيا، وإنما كنتيجة لنشاط الدولة والمشرعين فيها. فجزء كبير من الملاحقة ضد السكان العرب (مصادرة حقوقهم كمجموعة قومية) متضمنة في التشريع، وتقودها السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية. والنتيجة هي قوانين عنصرية لاسامية موجهة ضد مجموعات سامية أخرى، وهي أخطر وأوسع في معانيها من "العنصرية". وعندما تكون العنصرية مشمولة في التشريع فإنها تتحول من عنصرية إلى "قوانين عرقية"، مثل تعديل قانون المواطنة وقانون النكبة وقانون الولاء.
 
وفي هذه الحالات فإن استخدام "عنصرية" هو مخفف أكثر من اللازم، ولا يحتوي كل خطورة الظاهرة الماثلة أمامنا. فالدولة التي تسن قوانين عنصرية هي "دولة عرقية"، وهذه القوانين تتكاثر بشكل مطّرد على شاكلة أنظمة وإجراءات تميز بشكل رسمي بين العرب واليهود، حتى لو تمت شرعنتها بشكل غير مباشر لـ"ضرورات الأمن". وأبرز مثال على ذلك هو الأنظمة المتبعة في المطارات والمؤسسات العامة والتي تجعل من العرب خطرا أمنيا دائما، وبات فحص جسد العربي يتلاءم، مثل ملاءمة اليد للقفازات، مع ضرورة فحص نفس العربي (قانون الولاء).
 
هذه القوانين والأنظمة والإجراءات المستندة إلى التمييز العرقي (أو القومي) مثلما هو الوضع القائم اليوم في إسرائيل، لا يسمح بتعريف إسرائيل كديمقراطية أو ليبرالية، وإنما كدولة تقوم على تشريع عنصري. وهذه القوانين تنبع، من جملة ما تنبع منه، من الحقيقة المأساوية أن دولة اليهود معرفة كدولة "يهودية". يجب أن ندرك أن معنى المصطلح "دولة يهودية" يفترض تلاؤما بين سيادة – جغرافية – هوية؛ فتعريف الدولة كـ"يهودية" يتطلب هوية يهودية منسجمة داخل حدود السيادة اليهودية، وعلى كل مساحة أراضيها. وبالنتيجة فالقوانين العنصرية مشتقة بالضرورة من هذا المطلب.
 
هناك بالطبع ظواهر كثيرة من اللاسامية تجاه العرب والتي لا تستند إلى قوانين عرقية. مثل حقيقة أن نصف الجمهور اليهودي يعارض وجود جيران عرب أو يؤيد إمكانية ترحيل العرب (ترانسفير). هذه الظواهر تنضاف إلى القوانين العرقية وتتغذى منها وهي مكملة لها. ومثلما رأينا في الشهور الأخيرة فالصهاينة الليبراليون (مثل مؤيدي ميرتس والعمل وكاديما) الذين يؤيدون "الدولة اليهودية الديمقراطية" يعبرون عن مشاعر مماثلة لمشاعر ليبرمان.
 
وبهذا المفهوم، فإن ليبرمان ليس متطرفا أكثر من الليبراليين. فهو يشير إلى المشكلة الليبرالية للدولة اليهودية (والديمقراطية). إلا أنه طالما تصاعد "التهديد" على تعريف الدولة كـ"يهودية" فإن المركب "الديمقراطي" سوف يتضاءل في تعريفها، وتزول الفجوة بين ليبرمان وبين الجمهور الليبرالي. هذه هي طبيعة السياسية الثيولوجية؛ فهي تولد حربا ثنائية بين "صالحين وطالحين"، وبين "اليهود والعرب" ( أو بين اليهود وبين العرب "غير الصالحين"). والانتخابات في كلية "عيميك يزراعيل" هي مثال واضح لحقيقة أنه في داخل كل ليبرالي هناك مشاعر ليبرمانية تنتظم في حوار آخر.
 
إن مكافحة اللاسامية يجب أن تكون دولية. يجب محاربة اللاسامية في كل مكان في العالم. ويجب أن يشمل منظمات دولية ومنظمات يهودية وفلسطينية. والتغيير المصطلحي هذا هو مهم من أجل تعزيز مكافحة اللاسامية حتى تجاه الفلسطينيين في إسرائيل.   

التعليقات