26/01/2011 - 08:16

ثورة العقيد عمر العفيفي../ زكريا محمد

إذا كانت ثورة تونس هي ثورة محمد البوعزيري الذي أحرق نفسه، من كرامته، فأشعل تونس كلها، فإن ثورة مصر هي ثورة العقيد عمر عفيفي

ثورة العقيد عمر العفيفي../ زكريا محمد
إذا كانت ثورة تونس هي ثورة محمد البوعزيري الذي أحرق نفسه، من كرامته، فأشعل تونس كلها، فإن ثورة مصر هي ثورة العقيد عمر عفيفي.
 
لم يحرق عمر عفيفي نفسه، لكنه أخذ المشعل التونسي وقرر أن يحرق الجثة المتعفنة التي زكمت رائحتها الأنوف في مصر، جثة الفرعون حسني مبارك.
 
أعلن عفيفي في بيان له على الإنترنت قبل أسبوعين بالضبط أن تونس فعلتها في الخامس عشر من يناير، وأن سنفعلها في الخامس والعشرين.
 
وها هو يفي بوعده في ما يبدو. فعرش الفرعون المتفسخ يهتز تحت صرخات حناجر الألوف من المصريين في شوارع القاهرة والمدن الأخرى.
 
حدد عفيفي الموعد، وحدد أماكن التظاهرات، وأوضح التكتيكات بدقة. لم يترك شيئا للصدفة. فعل هذا وحده. وعندما كنت أقرأ تعليماته، كنت أقول في نفسي: أهو رجل مجنون، أم أنه ضابط يعرف ما يقول؟ كيف يمكن له أن يعتقد أن المصريين سوف تتبعه عبر تعليمات على الإنترنت؟
 
لكن الناس تبعته.
كان عقيدا يعرف أن جنود فرقته سيتبعونه في اللحظة المناسبة.
وقد تبعوه.
 
وقد قرر عفيفي، كرجل أمن، سابق أن يواجه النظام في قلعته، أي في نظامه الأمني. لذا حدد يوم الخامس من عشرين من يناير، أي عيد الشرطة، موعد الثورة. بذا فثورة مصر التي فجرها تختلف عن ثورة تونس بأنها كانت ثورة في مواجهة القمع، أولا، لا من أجل الخبز. الحرية أولا، وقبل الخبز. أما الخبز فقد أضيف إليها في اللحظات الأخيرة. لحظاتها الأولى كانت موجهة ضد القمع، وضد نظام القمع.
 
لقد كان هم حياة عفيفي أن يخلص شعبه من القمع ومن العسف. لذا كان كتابه الوحيد الذي نعرفه مخصصا لمواجهة قوى القمع. الكتاب يملك عنوانا طريفا: (عشان ما تضربش على قفاك). لكن عفيفي لم يقصد الطرافة، بل قصد أن يبين للناس أساليب الأمن المصري الرهيبة وكيفية مواجهتها.
 
القليل هم الذين يعرفون الجنرال عفيفي- واسمحوا لنا بهذه الترقية-، فهو متواجد على الإنترنت فقط، ولا تهتم به الفضائيات. لكنكم سترون وجهه على كل الفضائيات في الأيام المقبلة... في أغلب الظن.

التعليقات