04/02/2011 - 12:10

مصر ليست تونس والجيش ليس "محايدا"/ نضال محمد وتد

لأن مصر ليست تونس، لا من حيث المساحة ولا تعداد السكان ولا قوة بنية المؤسسة والنظام، وبالأساس لموقعها الجغرافي وقيمتها المعنوية في العالم العربي، تحركت الولايات المتحدة بحذر، والتحرك الأمريكي كما يظهر لا يتوقف كما يبدو الآن في دعوة مبارك إلى الرحيل

مصر ليست تونس والجيش ليس

لأن مصر ليست تونس، لا من حيث المساحة ولا تعداد السكان ولا قوة بنية المؤسسة والنظام، وبالأساس لموقعها الجغرافي وقيمتها المعنوية في العالم العربي، تحركت الولايات المتحدة بحذر، والتحرك الأمريكي كما يظهر لا يتوقف كما يبدو الآن في دعوة مبارك إلى الرحيل، والإشادة بدور الجيش المصري. المسؤولون الأمريكيون لم يخفوا أنهم على اتصال مع القوات المسلحة ومع جهات مختلفة في مصر (داخل النظام كنظام، ومن يمثله اليوم هو عمليا عمر سليمان وليس مبارك).

ويبدو أن الولايات المتحدة تعمل لضمان استمرار النظام بعد إزاحة من يقف على رأسه والتضحية بعدد من رموزه الذين "يمكن الاستغناء عنهم" مقابل حماية باقي النظام. والنظام في مصر ليس مبارك فقط، وليس أجهزته الأمنية – سواء الشرطة أم المبادرات، وإنما أيضا الجيش المصري. والجيش المصري بقيادته لا يقف كما يتردد إلى جانب المتظاهرين برغم العلاقة المباشرة الحميمة بين الجنود (العناصر) في الميدان وبين المتظاهرين، وهو لا يتخذ موقف الحياد، لأن الحياد في هذه الحالة، هو مساندة النظام، وبدا ذلك وفق الدلائل الأولية في عدم مسارعته إلى حماية المتظاهرين من هجمات بلطجية النظام.

مصر ليست تونس لأن الجيش في تونس بوقوفه إلى جانب الشعب حسم الأمر، أما في مصر فدور "المحايد" الذي يقوم به الجيش هو عمليا مد النظام -وليس بالضرورة مبارك- بالأوكسجين، لحين يرتب النظام أوراقه ويرسم خطواته. من هنا طلع نائب الرئيس المصري الجديد اللواء عمر سليمان، بموقف النظام بأنه لا محادثات ولا اتصالات قبل وقف المظاهرات وإخلاء الميادين، فسليمان يدرك (ومعه المتظاهرين طبعا) أن انفضاض المظاهرات يعني عمليا إنقاذ النظام الحالي دون أن يضطر إلى تغيير جوهر سياساته الداخلية والخارجية، مع الاكتفاء على الأقل بتغيير رأس النظام.

 وعلى ما يبدو فإن الجيش ومعه بطبيعة الحال عمر سليمان، والولايات المتحدة يراهنون على عامل الوقت وعلى تعب المتظاهرين من التظاهر، أو ضعف شوكتهم، أو حتى تدب خلافات بين أحزاب المعارضة، التي لحقت بركب المتظاهرين، خصوصا في ظل وجود عناصر أو أطراف واضح أنها ركبت موجة التغيير، بدءا من البرادعي، ومرورا بعمرو موسى، ناهيك عن الإشارات المعلنة عن الخوف من أن تؤدي انتخابات ديمقراطية حقيقة إلى فوز الإخوان المسلمين...

وبما أن مصر ليست تونس، فإن لإسرائيل مصلحة ودور وتحركات هي الآن غير واضحة ولا يمكن تحديدها لكنها قائمة، وإسرائيل التي اضطر نتنياهو إلى "الاعتراف" بأن نظما ديمقراطيا حقيقيا سيضمن الاستقرار ويحافظ على السلام، هي نفسها التي تشد اليوم على يد أبو مازن في تشديد قبضته في الضفة الغربية ومنع أي تعاطف شعبي مع مصر الجديدة.

لن يحسم أمر النظام في مصر خلال الأيام المقبلة، فلا النظام سيتنازل أو يتهاون ويقر بالهزيمة، ولا الجيش المصري سيستكين لثورة حقيقية في مصر، والأهم من كل ذلك أن الولايات المتحدة لن تعدم وسيلة أو محاولة لضبط "التحول الديمقراطي" المأمول في مصر وتوجيه دفته نحو "معسكر الاعتدال"، دون أن تجربها أو تقدم عليها. الأمر الوحيد الأكيد هو أن مغادرة مبارك لرأس الهرم المصري قد باتت أمرا مقضيا أما ماذا تخبئ الأيام لمصر فيبقى مجهولا.

التعليقات