06/02/2011 - 12:36

بين مصر وفلسطين.. / خالد بركات

ملاحظة أولية: هل ستواصل السلطة الفلسطينية تصديع رؤوسنا "بالورقة المصرية المقدسة" التي يجب التوقيع عليها وإلا ذهبنا جميعا إلى جهنم؟! هل ستفعل ذلك، أم تقنع أن تلك الورقة ذرفتها رياح الثورة المصرية؟!

بين مصر وفلسطين.. / خالد بركات
ملاحظة أولية: هل ستواصل السلطة الفلسطينية تصديع رؤوسنا "بالورقة المصرية المقدسة" التي يجب التوقيع عليها وإلا ذهبنا جميعا إلى جهنم؟! هل ستفعل ذلك، أم تقنع أن تلك الورقة ذرفتها رياح الثورة المصرية؟!
 
ينتصر الشعب الفلسطيني لثورة شقيقه، الشعب المصري، وهي ثورة مشتعلة الآن في شوارع وأزقة وبيوت مصر، ينحاز إليها بلا شروط أو مقدمات. ويردد لسان الفلسطينيين في الوطن والشتات ما تقوله الأكثرية الشعبية الساحقة في مصر، ويلتزموا بصوتها الجماعي الديموقراطي، الذي يصدح في ميادين "المحروسة" وهي تصرخ اليوم: "ارحل يا مبارك" و "الشعب يريد إسقاط النظام" وتهتف مع جموع الملايين من المصريين ضد الفساد والظلم والاستغلال وضد أمريكا وإسرائيل ومن باعوا مصر وقزموا دورها الى حدود السريالية والاحتضار.
 
في زمن ما قبل الثورة، كنت تسمع دائما عبارة على لسان المصريين، تقول "هذه ليست مصر". وكان الإنسان المصري يدافع عن مصر أخرى، ويرسم المسافة المطلوبة بين موقف الشعب وموقف النظام. فعل ذلك لـ30 عاما وقد دفع ثمنا للقيام بهذه المهمة النبيلة. لكن الشعارات التي تعلو اليوم في ميدان التحرير، في العلن وتحت الشمس، إنما تعبر عن مصر التي أرادنا أن نراها في عبارة "هذه ليست مصر"، لذلك تجد ضمير الأمة العربية من المحيط إلى الخليج يقاتل الآن في الميدان وحقيقة كبرى لا ينكرها صديق أو عدو، وهي أن مصر تستطيع وتقدر وسوف تتجاوز مرحلة كامب ديفيد. انظروا اليها وهي تمشي الآن على بقايا نظام مبارك القمعي والفاسد وتتركه خلفها.
 
الشعب الفسطيني الذي خبر - ولا يزال - معنى غياب العدل والحقوق ينتصر بالضرورة لأشقائه الباحثين عن العدالة والحرية والحقوق في كل وطنه العربي والعالم. وإن ثورة المصريين جاءت اليوم حاملة معها بشائر التغيير والأمل كي تصب في خدمة مشروع نهضة جديدة لمصر وتحررها، فالشعب المصري الذي قدم آلاف الشهداء من أجل تحرير فلسطين واليمن والجزائر يعلن هذه الأيام عن حضوره التاريخي الحيّ ويبرز قدرة الشعب العربي حين ينتفض ويثور.
 
اليوم تعود مصر إلى نفسها وتنتزع دورها وتستعيد اسمها، بل وتعود إلى فلسطين وإلى موقعها الريادي وتلتقيان في مكان وحلم كبير، يحلم المستقبل وتجاوز "بوابة ومعبر رفح" و "جدار الفولاذ" على الحدود المصطنعة.
 
إنها العلاقة الوطيدة بين شعب عربي شيد أجداده الأهرامات وبنى أكبر دولة عربية وبين شعب شقيق يحمل أكبر وأقدس قضية عربية، هذه العلاقة سوف لن تتقزم أو تغيب.
 
للأسف، على يد اتفاقيات كامب ديفيد واتفاقيات أوسلو اهتزت المفاهيم لدى البعض. لقد أراد النظام المصري ومعه سلطة رام الله أن يحددا تلك العلاقة التاريخية ين الشعبين ويختزلاها وفق الرؤية الأمريكية الإسرائيلية وليس وفق اختيار حر للشعبيبن الشقيقيين. وبقدر ما كان النظام يقزم مصر كانت القيادة الفلسطينية تقزم قضية فلسطين، ويتكئ مهزوم مصري على آخر فلسطيني، ويتبادلان معا الزيارات وموال الهزيمة وتبرير التطبيع مع العدو.
 
 تؤازر السلطة الفلسطينية حليفها الفاسد في القاهرة وتقف إلى جانب رمزه الأول، فهذا النظام كان حجر الزاوية في معسكر الهزيمة وتعريبها وتعميمها، وهذا النظام يتداعى ويسقط الآن، فيما تؤكد سلطة رام الله على عجزها وتسقط من عين الشعب الفلسطيني.
 
ومثلما كان نظام مبارك يجلب العار والأذى للمصريين بسبب سياسته ودوره المرسوم امريكيا، فإن سلطة محمود عباس في رام الله تجلب العار للفلسطينيين، وتبيع ما تبقى من حقوقهم في سوق المفاوضات والعبث وبازارات التنسيق الأمني مع العدو. السلطة الفلسطينية تحتار اليوم وهي تبحث عن أسطوانة مشروخة غير تلك التي صدعت رؤوسنا بها عن (ضرورة توقيع الورقة المصرية) هذه الورقة التي ستذهب مع النظام وجلاوزته ورئيس مخابراته.
 
ملاحظة اخيرة:
كانت متظاهرة مصرية تحمل يافطة في ميدان التحرير كتب عليها "معلش يا بلدي تأخرت عليكي" وحين تنهض مصر وتنفض عن ردائها ما علق عليه من غبار ودم وأحزان، سوف تنظر نحو الشرق، كما فعلت دائما وتنهض، وتقول لأختها الصغرى: معلش تأخرت عليكي.

التعليقات