06/02/2011 - 14:53

مصير اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية../ زكريا محمد

الغرب كله، وعلى رأسه أمريكا، مشغول باتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية. الحفاظ على هذه الاتفاقية وعدم المس بها هو هدفهم. وهم يفعلون كل ما بوسعهم لاستيلاد نظام من رحم الثورة يبقى على الاتفاقية. أو قل هم يريدون لمصر التي تحت الطلق أن تلد مسخا على شكل حسني مبارك، لكي يحافظوا على هذه الاتفاقية. لذا ستكون الشهور القادمة شهور كفاح غربي لكبت أي صوت يريد تعديلها

مصير اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية../  زكريا محمد
الغرب كله، وعلى رأسه أمريكا، مشغول باتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية. الحفاظ على هذه الاتفاقية وعدم المس بها هو هدفهم. وهم يفعلون كل ما بوسعهم لاستيلاد نظام من رحم الثورة يبقى على الاتفاقية. أو قل هم يريدون لمصر التي تحت الطلق أن تلد مسخا على شكل حسني مبارك، لكي يحافظوا على هذه الاتفاقية. لذا ستكون الشهور القادمة شهور كفاح غربي لكبت أي صوت يريد تعديلها. 
 
 هذه الاتفاقية قامت على أساس واحد: تفويض إسرائيل بعمل ما تريد فلسطينيا، مقابل إعادة سيناء. أو باختصار: الضفة مقابل سيناء. هذا هو جوهر الصفقة. وقد نقل أناس قابلوا الصحفي المصري حسنين هيكل حديثا أن السادات قال له يوما: (سيعطونني بقدر ما أتنازل في الموضوع الفلسطيني). وهذا ما حصل، فقد أعطاهم فلسطين وحصل على سيناء مكبلة لا يستطيع الجيش المصري أن يتحرك فيها من دون إذن إسرائيل.
 
 بالطبع، ليست فلسطين من بيعت وحدها فقط، بل الجولان، والعرب جميعا. فقد أعطى اتفاق كامب ديفيد لإسرائيل حرية التصرف في المنطقة العربية بكاملها مقابل الاستعادة الشكلية لسيناء. وقد تصرفت إسرائيل على هواها فعلا: فغزت لبنان، وقصفت المفاعل العراقي، وقصفت مقر القيادة الفلسطينية في تونس. وطوال الثلاثين عاما الماضية استباحت إسرائيل الأرض العربية كلها انطلاقا من كامب ديفيد. لقد أعطت الاتفاقية سلاما مذلا لمصر وحربا متوالية للمنطقة العربية. الأسوأ من ذلك أنه لم يجر استغلال السلام النسبي الذي منح لمصر، ودفعت ثمنه المنطقة غالبا، بشكل يؤدي إلى تقوية مصر، بل أدى إلى انهيارها. فقد حطمت شلة كامب البلد ونهبته ومزقته. وتحول السلام مع إسرائيل إلى حرب داخلية مصرية، كانت نهايتها هذه الثورة المباركة. 
 
 الآن يجري الصراع حول حدود التغيير في مصر، أي حول طبيعة السلطة القادمة. وطبيعة هذه السلطة ستحدد مستقبل اتفاقية كامب ديفيد المجنونة. هذه الطبيعة لم تحسم بعد. وإذا ما تمخض الأمر عن سلطة وطنية فعلا فسوف تكون أمام مأزق كبير بشأن هذه الاتفاقية المذلة. فهي من جهة ملزمة بالاتفاقية، وملزمة بتنفيذها تحت الضغط الغربي والتهديدات الإسرائيلية، لكنها، من جهة أخرى، مرغمة على أن تتحلل من قيودها. فقد فرضت على مصر وضعا أضر بها وأفقدها مجالها الحيوي لصالح إسرائيل، ولصالح غيرها. 
 
 عليه، ربما كانت النقطة التي يمكن الاستناد إليها للبدء في التحلل من قيود الاتفاقية هي القول إن السلطة الجديدة سوف تلتزم بالشروط العلنية المعروفة للاتفاقية، لكنها لن تلتزم بالشروط السرية التي لم يعرف بها الشعب المصري، ولم يوافق عليها. يجب أولا معرفة هذه الشروط وعرضها على برلمان منتخب بشكل ديمقراطي ليقرر بشأنها. فإن كانت تضر بمصر وبمصالحها فسوف لن تقر، ولن يجري الالتزام بها. وهذا موقف معقول وشرعي. فلا يمكن إلزام الشعب المصري بأمور لم يناقشها ولم يعرف بها، ووقعها أناس من وراء ظهره.
يعني أنه يمكن فتح هذه الاتفاقية للتعديل، انطلاقا من شروطها السرية بالذات.
 
 الوقت مبكر ربما للتفصيل أكثر من هذا. فالشباب يقف في الساحات، وهو ما زال مهددا بالقتل والذبح، لكن الخيط الأبيض من الفجر يتغلب على الخيط الأسود ويزيحه.

التعليقات