19/03/2011 - 21:08

يوم الأرض.. دلالات الحفاظ عليها../ نزار السهلي

لعل حديث الأرض وذكرى مقاومتها، ارتبط بنهوض مختلف لأصحابها في فلسطين 48 بعد إخفاق المؤسسة الصهيونية على تطويع العقل الفلسطيني المنتمي لأرضه ويأخذ شكل نضاله وفعله اليومي بشجاعة لا مترامية ومنسوج بإرادة بسيطة ونبيلة ترنو إلى الحرية في الوطن المرتبط بالأرض التاريخية لأصحابها الفلسطينيين، الذي ارتبط بفعلهم الشعبي المقاوم الإطار السياسي الذي يجمع وعي النكبة والأرض ويبعد وهم الدولة المتحسسة على موائد المفاوضات منذ مدريد وحتى هذه اللحظة

يوم الأرض.. دلالات الحفاظ عليها../ نزار السهلي
إحدى القضايا التي باتت ملحة على العقل الفلسطيني المعاصر قضية الأرض، أو ما تبقى من الجغرافية الفلسطينية التي يحيي الفلسطينيون ذكرى هبتها بعد ثلاثة عقود ونصف من الثلاثين من آذار 1976 الذي ارتبط بفعل شعبي يتطلع للدفاع عن الأرض وتحريرها من مغتصبيها، ليعيد الشعب الفلسطيني داخل ما يسمى الخط الأخضر تشكيل الفعل الإنساني المرتبط بالأرض وبمفهوم الهوية الوطنية في إطار من الشجاعة والإخلاص والمعرفة الدقيقة بمخاطر ما يتهدد شطب انتمائه للأرض، لا كحيز جغرافي فقط إنما في صورة انتمائه الوطني والسياسي التي تراكمت مع سنوات النكبة الأولى 1948 التي سبقتها عقود من مقاومة المشروع الصهيوني في فلسطين مع بداية القرن الماضي.
 
يأتي يوم الأرض ومشاهد التفكير الأعوج قد كثرت بين ظهرانينا، من جراء الحسابات الفقيرة للعقل السياسي الفلسطيني والعربي.. أوصلتنا الحالة المؤسفة لحسابات كارثية مهددةً الهوية الوطنية لأصحاب الأرض الأصليين بعد أن تحولت الأرض لقطعة صامتة لا شيء خارجها سوى البحث عن وطن ودولة دون أرض ودون شعب هو من دون أول الثورات للذود عن الأرض من المحتل الغاصب للحق.. يرى أصحاب النظريات الواقعية والعقلانية في فعل الإنسان المنتمي لفلسطين التاريخية مسلكا غير مفهوم باتجاه وعي هذه القضية وثنائية الأرض والدولة والكرامة الإنسانية والحرية.
 
هل يكفي الفلسطيني التأمل في تواريخ ارتبطت مع أحداث مقاومته للمغتصب الصهيوني على النحو المحدد للوقوف أمامها في ظل هيمنة السياسي على عقله؟ إحياء ذكرى يوم الأرض وذكرى النكبة ويوم الأسير ويوم الشهيد..لتغدو طقوسا بلا إيمان بالذين سقطوا مدافعين عن الأرض في المقام الأول، وأسقطوا في فعل الشهادة اسم "الدولة" في مقامها الثاني لتصبح قضية الأرض هي قضية الوطن لا الدولة و"السلام" مع الكيان المزعوم الذي ينفي وجود الأرض ومن عليها ليتعرف الفلسطيني مجددا على أن التاريخ يبدأ ولا ينتهي في زمن المقاومة لغطرسة المحتل الغاصب للأرض وللهوية، وينتهي مع بدء التشريع لتحقير تلك المقاومة.
 
لعل حديث الأرض وذكرى مقاومتها، ارتبط بنهوض مختلف لأصحابها في فلسطين 48 بعد إخفاق المؤسسة الصهيونية على تطويع العقل الفلسطيني المنتمي لأرضه ويأخذ شكل نضاله وفعله اليومي بشجاعة لا مترامية ومنسوج بإرادة بسيطة ونبيلة ترنو إلى الحرية في الوطن المرتبط بالأرض التاريخية لأصحابها الفلسطينيين، الذي ارتبط بفعلهم الشعبي المقاوم الإطار السياسي الذي يجمع وعي النكبة والأرض ويبعد وهم الدولة المتحسسة على موائد المفاوضات منذ مدريد وحتى هذه اللحظة.
 
كانت معالم ما بعد أوسلو تتضح بما فيه الكفاية لتمثل انعطافة في مسار الصراع العربي الصهيوني، وبالتحديد على الأرض التي نحيي اليوم ذكراها ومشاهد هضمها متواصلة أمام ناظرينا، ومن تجليات مخاطر ما بعد أوسلو احتمالية دفع الهوية الوطنية الفلسطينية نحو التبدد وعبر صيغ مختلفة يجتهد العقل السياسي الفلسطيني الصامت مع الإسرائيلي المحاول فرض التوطين والأسرلة والهجرة وصولا "للدولة" وتبادلية الأراضي "بالكم والمثل" كما اجتهد المفاوض الفلسطيني للقبض على مقاومة سكان الأرض الأصليين عبر تخليه عن أحد أسلحته الأساسية التي كان من شأنها أن تدعم موقفه التفاوضي الذي وضعته في موقع المفرط عن حقوقه الثابتة من خلال تخليه عن الجماهير التي ضحت واحتضنت المقاومة، وبفعل التخلي عن الخزان المهم للشعب الفلسطيني وأهمية تعميق وحدة المصير المشترك بين الداخل والخارج تصبح معادلة الأرض والشعب أمام السلطة والدولة، مهددة للأرض وسكانها داخل فلسطين وخارجها من اللاجئين المنتظرين عودتهم الى قراهم ومدنهم.
 
الأرض كدلالة وطنية
 
يستمد الفلسطيني هويته المركبة في انتمائه للأرض كتعريف مرتبط بالمدينة والقرية التي لجأ منها بفعل النكبة مع استمرار مصادرة ما تبقى من أرضه ليعيد تعريف نفسه من جديد أنه لا تبديل في الهوية والانتماء، برغم ما لحق من أذى في صورة الأرض المغتصبة والتهويد المستمر، وإسقاط حق من بقي على هذه الأرض في فلسطين 48 من حسابات من يحتفي بيوم الأرض كدلالة غير مرتبطة بفعل كفاحي ينتمي لحقبة من يصر أنه صاحب الأرض لا صاحب السلطة الذي أضفى خطورة متزايدة على الأرض بفعل البحث الدائم عن الدولة لا عن الأرض التي يتعرض أصحابها لأبشع عملية قرصنة على هويتهم وانتمائهم الوطني والقومي، فيما هم مسقطون من حسابات الدولة والسلطة بفعل أوسلوي عن سابق تصميم ورصد مشترك مع المحتل لصياغة علاقة تؤمن له انقضاضا أكثر سهولة على التاريخ والهوية المرتبطة بالأرض التي نحتفي بذكرى هبتها، فيما الشعب الباحث عن إنهاء الانقسام كشعار مرتبط بالسلطة التي ستقود للدولة التي يدرس حدودها نتنياهو.
 
الشعب يريد إنهاء الانقسام أم إنهاء الاحتلال أم إنهاء التنسيق الأمني أم حماية الأرض؟ الإجابة على كل هذه الأسئلة بكل تأكيد يعرفها من بقي يحرس اللغة والأرض والزيتون والهوية في كل قرية ومدينة فلسطينية داخل فلسطين التاريخية، انجراف البعض لاستحضار شعارات بلهاء للغة دون الفعل لإنهاء كل التساؤلات المطروحة منذ النكبة وإلى اليوم ستعرض الأرض لمزيد من مخاطر الضياع الكامل، ولتهديد من ينتمي لهذه الأرض بمزيد من صيغ العمل الشعاراتية الراهنة والسابقة دون اتخاذ إجراءات لإنهاء الاحتلال ووقف التنسيق الأمني لوقف العبث بقضية الأرض وسكانها الأصليين واللاجئين كأصحاب للقضية والأرض دون منزلقات الدولة والسلطة التي تنفي كل ارتباط بالأرض وبسكانها الملاحقين بهويتهم العربية وانتماءاتهم القومية وبأسماء مدنهم وشوارعهم المكونة للأرض العربية الفلسطينية كدلالة وطنية تقول إن التطورات العاصفة التي حدثت ولا تزال في الشارع العربي وانعكاساتها المباشرة على واقع ومستقبل فلسطين كأرض وسكان لا كدولة منتظرة في جزء من الضفة وغزة ولا سلطة منقسمة بين "جناحي الوطن".
 
 الوطن لديه جسد ممتد من رأس الناقورة شمالا إلى رفح جنوبا كل ذلك يتطلب حيوية وابتداع طرق للحفاظ على الأرض التي لا تريد احتفالا من العقل الفلسطيني والعربي!

التعليقات