16/04/2011 - 10:56

الشعب يُريد انتخاب "المتابعة"../ عوض عبد الفتاح

إنه المشروع القومي الديمقراطي الذي من شأنه إعادة إنتاج الشخصية الوطنية العربية في الداخل وتُخلـّصه من الاستبداد السياسي والحرمان المادي الذي تمارسه الدولة العبرية على هذا الجزء من شعبنا

الشعب يُريد انتخاب
تطرح مسألة تأجيل المؤتمر الأول للجنة المتابعة للمرة الثانية مجددًا قضية ومطلب تنظيم المواطنين العرب، الفلسطينيين في إسرائيل، (كان مقررا في 19/03 الماضي، وتأجل إلى 23/04 ومن المحتمل أن يؤجل مرة أخرى). وفي الوقت الذي استكمل فيه سكرتيرو الأحزاب العامون الهيكلية الجديدة، وهي صيغة حل وسط، ولم تبق سوى بعض الأمور الإجرائية، فتح مسؤولون في الجبهة النار على السيد محمد زيدان، رئيس لجنة المتابعة الذي كانت الجبهة المحرّك الرئيس وراء جعله رئيسًا لهذا الجسم التمثيلي الهام.
 
وذهب السيد حنا سويد، رئيس كتلة الجبهة الى المطالبة بتغيير رئيس اللجنة محمد زيدان عبر وسائل الإعلام وبشكل مفاجئ، ودون أن يطلب بحث هذا الأمر في إطار لجنة المتابعة. وفسّر الكثيرون هذه المطالبة بأنها تعكس موقفًا جبهويًا رسميًا، رغم تصريحه بأن هذه المطالبة تعكس موقفًا شخصيًا.
 
 والحقيقة هي أن كل مركبات لجنة المتابعة لها ملاحظاتها على بعض جوانب إدارة السيد زيدان للجنة المتابعة، مع انه ساهم في رفع النفس الوطني في اللجنة. وأصلاً غالبية الأحزاب، وفي مقدمتها التجمع الوطني الديمقراطي، كان مطلبها أن يتم التناوب على رئاسة المتابعة بين الأحزاب، حتى نصل الى مرحلة تاريخية تنضج فيها بعض القوى السياسية الرافضة والمترددة في مسألة الانتخاب المباشر. كما أن تناوب الأحزاب على رئاستها يؤدي الى تعزيز دور الأحزاب، والى تعزيز الدور السياسي-الوطني للجنة، وحتى يكون مساندًا للجنة رؤساء السلطات المحلية الذين يتعرضون لضغوطات المؤسسات المالية، إضافة الى وزارة الداخلية وإبعادهم عن السياسة – أي خوض نضال شعبي حقيقي يؤدي الى تغييب جذري في نظرة المؤسسة الاسرائيلية التي تحركها الأيديولوجية، وليس مبدأ المواطنة المتساوية وحقوق الإنسان والديمقراطية والعدالة، الى المواطنين العرب.
 
ويسود امتعاض شديد داخل الأطر التي تعتقد بضرورة انتخاب المتابعة، من سلوك قادة الجبهة، ذلك أن هذه الأطر نزلت عند رغبة محمد زيدان، ومن منطلق الحرص على الوفاق، وعلقت طرح مسألة الانتخاب المباشر على جدول أعمال المتابعة، وطرح اقتراح اتخاذ القرارات بالأغلبية.
 
وقبلت هذه الأطر؛ التجمع، الحركة الإسلامية الشمالية، حركة أبناء البلد، الحزب العربي الديمقراطي، وإلى حدّ ما الحركة الإسلامية الجنوبية التي تقترب من حسم هذه المسألة –كل هذه الأطر- قبلت بصيغة توافقية، تشتمل على ثلاث هيئات مركزية؛ السكرتاريا، والمجلس المركزي، والمؤتمر العام، والأهم والجديد، هو تشكيل لجان مختصة عديدة هامة، أهمها اللجنة المالية (جمعية أصدقاء لجنة المتابعة)، ولجنة التخطيط الاستراتيجي، فيما يتعلق بالاقتصاد والأرض، والتعليم والثقافة. هذا إضافة الى لجان هامة أخرى.
 
إن مراوحة لجنة المتابعة مكانها منذ تأسيسها، منذ ثلاثة عقود، يعود الى عدة أسباب: أولها غياب النظرة القومية-السياسية الحديثة لمكانة ودور جزء من شعب تحوّل الى أقلية قومية، داخل دولة احتلت أرضه وتحولت الى دولة الأكثرية. ويعود غياب هذه النظرة عند البعض الى فكرة الأممية (الأخوة العربية-اليهودية) المشوّهة. التي تقادم عليها الزمن.
 
السبب الثاني؛ هو تأخر دخول وانتشار الثقافة السياسية الحديثة الى الحياة السياسية العربية في الداخل والمتعلقة بالحقوق الجماعية التي تترجم عادة على شكل حق تقرير المصير لشعب؛ أو أقلية قومية – عبر إدارة شؤونها الخاصة بها: كالتعليم (مؤسسات ومناهج قومية في حالتنا عربية) الأرض والتخطيط. وهذا يتم عبر منح الحق لأفراد الأقلية بانتخاب قياداتهم ومؤسساتهم بقوانين وطنية – قومية وليس بقوانين الدولة التي تستثنيهم على أساس عرقي وعنصري من بنيتها، ومنظومة توزيع مصادر الثروة والقوة الاقتصادية والسياسية.
 
السبب الثالث؛ هو غياب صندوق قومي يُجنّد الأموال من المواطنين العرب، ومن رجال الأعمال، ومن الدول العربية وأصدقاء الشعب الفلسطيني. لا يمكن لجسم تمثيلي عربي أن يقوم بدوره وينهض بعرب الداخل من حالة التهميش المتزايد والإقصاء، ولا مواجهة مخاطر التفكك الاجتماعي – العنف الطائفي أو الفردي إلا عبر إقامة المرجعية الوطنية الجامعة التي تأخذ شرعيتها مباشرة من المواطن العربي، والقادرة على التخطيط والقيادة والتوجيه.
 
هناك حاجة الآن، لفتح النقاش الحقيقي على جوهر هذا المشروع وعلى المستوى العام، في الإعلام، في الندوات، واللقاءات المختلفة، وقد حان الوقت لكل القوى المعنية بإطلاق هذا المشروع الوطني الكبير وإعطائه الجهد الكافي والاهتمام الجدي – بل جعله جزءً من جدول أعمال كل حزب وكل حركة معنية. إنها الحملة التعبوية السياسية والوطنية المطلوبة الآن لتصل لكل مواطن عربي، وعرض مشروع الانتخاب المباشر ليس كمسألة تقنية يدلي بصوته وترضى مشاعره بل كمشروع – سياسي ووطني واقتصادي وتعليمي – يلبي حاجاته المعنوية والمادية ويربطه ببقية أبناء شعبه وأمته العربية التي تمرّ بعملية تغيير سياسي واجتماعي كبير وغير مسبوق. إنه المشروع القومي الديمقراطي الذي من شأنه إعادة إنتاج الشخصية الوطنية العربية في الداخل وتُخلـّصه من الاستبداد السياسي والحرمان المادي الذي تمارسه الدولة العبرية على هذا الجزء من شعبنا.

التعليقات