23/04/2011 - 09:37

المؤتمر السادس للتجمع: شعبنا أقوى بالتجمع../ عوض عبد الفتاح

تبرز الآن أمام حزبنا مهام كبيرة، وجلها مرتبط بصورة مباشرة أو غير مباشرة في كيفية مجابهة المستجدات الخطيرة في السياسات الاسرائيلية سواء تلك المتعلقة بفلسطينيي الداخل أو تلك المتعلقة بالموقف من قضية الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده

المؤتمر السادس للتجمع: شعبنا أقوى بالتجمع../ عوض عبد الفتاح
تكثفت في الأسابيع الأخيرة الاستعدادات لعقد المؤتمر السادس لحزب التجمع الوطني الديمقراطي. ويخوض كوادر الحزب وأعضائه، والعديد من أنصاره الذين يشتركون في هذه الاستعدادات، نقاشًا عميقًا وصريحًا حول الوثيقة السياسية وكل ما يتعلق بمسيرة الحزب والمهام المطروحة أمامه. ويبرز في هذه الاجتماعات والنقاشات بصورة خاصة دور ومساهمة الأجيال التي ترعرعت وكبرت في كنف هذا الحزب، وتغذت من فكره ونضاله وصموده وتحولت الى قيادات شابة جذابة وقادرة على الاضطلاع بدورها الوطني والتنويري، والبناء والتوسع، ومجابهة العنصرية المستشرية ومخططات فرض الولاء للأيدلوجية الدولة العبرية.
 
يدرك الحزب وقادته من كافة المستويات والمراتب، أن الانتقال بالحزب وبالحركة الوطنية في الداخل إلى مرحلة أرقى لا يأتي بالرغبات ولا عبر المديح الذاتي والاكتفاء بالتغني بإنجازات الحزب الكبيرة والهامة. وتدرك قياداته أن الحزب الذي لا يتجدد بفكره وبنوعية صفوفه، والذي لا يفتح باب النقد الصريح البناء والمسؤول، والمبني على المعرفة والخالي من الذاتية القاتلة والعقد الشخصية، لا يمكن أن يكون مؤهلاً للقيام بدوره السياسي والمساهمة النوعية في بناء المجتمع.
 
يأتي موعد عقد المؤتمر السادس (22 و 23 من شهر حزيران) في وقت تحاول وتسعى الدولة العبرية إلى تشديد الخناق على عرب الداخل وعلى أحزابهم وقواهم الوطنية وفي مقدمتها حزب التجمع الذي شخصته منذ هبة القدس والأقصى كتحدٍ أيدلوجيٍ وفكري، باعتبار أنه طرح نقيضًا للصهيونية – دولة المواطنين والمساواة الكاملة للمواطنين العرب بما فيه حق اللاجئين الذين كانوا حتى عام 1948 مواطنين في هذه البلاد، قبل أن تُنفذ بحقهم جرائم الطرد والاقتلاع. ولكنه أيضًا يأتي في ظروف الثورات العربية المجيدة وما تشعّه من أمل كبير في التغيير وحصول فجر عربي ديمقراطي جديد.
 
تبرز الآن أمام حزبنا مهام كبيرة، وجلها مرتبط بصورة مباشرة أو غير مباشرة في كيفية مجابهة المستجدات الخطيرة في السياسات الاسرائيلية سواء تلك المتعلقة بفلسطينيي الداخل أو تلك المتعلقة بالموقف من قضية الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده. فعلى مستوى عرب الداخل، يتعيّن علينا أن نطوّر برامجنا العملية والنظرية أولاً؛ في كيفية المحافظة على الإنجازات التي حققها العرب في الداخل على مدار 62 عامًا وبشكل خاص على ما تحقق خلال الـ15 عامًا – هم عمر التجمع الوطني. ففي هذه الفترة الأخيرة رسم التجمع معالم المرحلة – مرحلة مواجهة الصهيونية وأيدلوجيتها بالسجال والنزال الفكري، وعبر المساهمة في النضال الشعبي واستعادة عافية الحركة السياسية عمومًا هذه العافية التي تحققت عبر التنافس بين الأحزاب السياسية وبرامجها، فتنوعت الأفكار والطروحات، واكتسب عرب الداخل ثقافة سياسية جديدة تتمثل في القيم الديمقراطية والمدنية، والتعددية والمواطنة المتساوية.
 
ويرى الكثيرون أن إقامة التجمع والحراك الذي حفّزه برنامج التجمع ومفاهيمه الديمقراطية والقومية، شكلت أوسع عملية تثقيف للحركة الوطنية – التيار القومي، بل للعديد من الأكاديميين والمؤثرين في الرأي العام، والشباب. كما ساهم التجمع في تخفيف حدة الصراع الأيدلوجي والثقافي بين التيار القومي والإسلامي وأصبحت إمكانية الإصغاء المتبادل والاستفادة المتبادلة ممكنة في إطار الاعتراف بالهوية الحضارية المشتركة للعرب جميعًا، ولصالح مبدأ التسامح والتعددية واحترام الرأي الآخر.
 
فمن المهام الوطنية المطروحة على حزبنا، هو التصدي للتحديات الراهنة والمضيّ في تطوير دورنا ومساهمتنا النظرية والعملية. ابتداءً من إعادة بناء لجنة المتابعة وتطوير آليات النضال الشعبي-المنهجي والمدروس، والانتقال بأفكار التنمية الاقتصادية المنتجة إلى حيّز الفعل أيضًا. أيضًا محاربة العنف وعبر معالجة هذه الظاهرة في سياقها الاجتماعي-الاقتصادي المسدود، وليس عبر الصراخ من على المنصات وتنظيم المؤتمرات. إن الحركة الوطنية تعتقد أن لا بديل عن بناء مرجعية وطنية جامعة حقيقية منتخبة يكون لها "أسنان" ومؤسسات اجتماعية وثقافية وتعليمية واقتصادية قوية من أجل تحصين مجتمعنا.
 
أما على الصعيد الفلسطيني العام، يدرك التجمع وقياداته أهمية المضي في تطوير رؤيته للحلّ بعد وصول الصراع الى هذه المرحلة، في ظل التغول الاستيطاني الصهيوني في الضفة والقدس، وموت حل الدولتين. ويترتب على ذلك تطوير التقارب والتفاعل بين كافة تجمعات الشعب الفلسطيني عبر رؤية ديمقراطية لمستقبل هذا الشعب، وللمسألة اليهودية في فلسطين.
 
وعى المستوى الحزبي الداخلي، وهذا ما نستطيع التحكم فيه، فإننا مطالبون بتعزيز مكانة الحزب، وتوسيع صفوفه والتواصل مع جماهيره ومع هموم شعبنا، وخوض نضال شعبي منهجي متواصل.
 
لقد أجرى الحزب، وهو ما ورد في وثيقته التنظيمية، مراجعة جريئة لمسيرة الحزب والسنوات الأربعة الأخيرة، أي منذ المؤتمر السابق، وشخّص القصورات بدون مواربة، ومع ذلك يرحب الحزب بكل ملاحظة جدية وبكل مساهمة في تطوير فكر ومواقف وأداء الحزب، ليس فقط من الأعضاء بل من الأصدقاء ومن الغيورين على الحركة الوطنية.
 
لقد أثبت هذا الحزب عبر مسيرته، عقد ونصف، أنه إضافة نوعية كبيرة إلى الحياة السياسية لعرب الداخل بل لعموم شعبنا الفلسطيني، وقد نجح في خلق التواصل بين المؤسسين والأجيال الجديدة التي تربت في صفوف الحزب، وتحمل الفكر والإرادة والشعلة، وتضع أقدامها على عتبة مشوارها القيادي والمسؤولية الكبيرة في إدارة الحركة الوطنية والمشاركة في قيادة شعبنا إلى برّ الأمان.
لنحمِ جماهيرنا وقضيتها عبر تحصين حزبنا وحركتكم الوطنية.

التعليقات