29/04/2011 - 10:32

إنجاز لفلسطين ولمصر وللعرب‪/‬ د. جمال زحالقة

من المتوقع أن يجري الأسبوع المقبل التوقيع رسميًا على اتفاق المصالحة بين حركتي فتح وحماس، بحضور كل من محمود عباس وخالد مشعل وممثلي الفصائل الفلسطينية، وذلك بعد أن وقع عزام الأحمد وموسى أبو مرزوق مبدئياً وبالأحرف الأولى على تفاهمات المصالحة.

إنجاز لفلسطين ولمصر وللعرب‪/‬ د. جمال زحالقة

من المتوقع أن يجري الأسبوع المقبل التوقيع رسميًا على اتفاق المصالحة بين حركتي فتح وحماس، بحضور كل من محمود عباس وخالد مشعل وممثلي الفصائل الفلسطينية، وذلك بعد أن وقع عزام الأحمد وموسى أبو مرزوق مبدئياً وبالأحرف الأولى على تفاهمات المصالحة. 

مما لا شك فيه أن الاتفاق هو انجاز لمصر ما بعد مبارك وعمر سليمان، وهو بالتأكيد إنجاز للشعب الفلسطيني، الذي عانى الأمرين من استمرار الانقسام ودفع ثمنه غاليًا. المصالحة هي حقاً إنجاز لفلسطين ومصر والعرب، وهي نتيجة مباشرة لحقبة الثورات العربية وتنسجم معها ومع روحها ومبادئها.

جاء الاتفاق استجابة لمتغيرات كبرى تشهدها المنطقة والوطن العربي، والتي تتمثل بالثورات والزلزال الإستراتيجي الذي نتج عنها. لقد سقط نظام مبارك، الذي أدار مفاوضات المصالحة استنادًا إلى دعم طرف على حساب آخر، وإلى عدم إثارة حفيظة كل من الولايات المتحدة وإسرائيل. أما مصر الثورة فهي اليوم أكثر استقلالاً في قراراتها وسياساتها، وأكثر حرصًا على المصالح السياسية والأمنية الحقيقية لمصر، في حين كان العهد البائد يعتمد مصلحة النظام وبقائه لمبارك وعائلته من بعده. من جهة أخرى توجد مصلحة لفتح لعدم خسارة علاقاتها بمصر، ومصلحة لحماس لربح علاقات أفضل مع النظام الجديد في القاهرة.

إن إنهاء الانقسام هو مصلحة وطنية عليا للشعب الفلسطيني، ومن المهم جدًا البدء بالخطوات العملية الضرورية لإنجاح المصالحة وتوظيفها في النضال الفلسطيني من أجل الاستقلال والحرية والعودة. أولى هذه الخطوات هو إطلاق سراح السجناء السياسيين في سجون سلطتي رام الله وغزة, وكذلك وقف حملات التحريض الإعلامي والسماح بحرية العمل السياسي وصيانة حقوق الإنسان الفلسطيني. وحتى يكون للمصالحة معنى يجب أن تعطي القيادات ضوءًا أخضر لبناء وحدة نضالية ميدانية في كل قرية ومدينة، وفي مقدمة ذلك وحدة وطنية في مدينة القدس، التي تعاني من غياب قيادة موحدة تنظم التصدي لمخططات التهويد والترحيل والهدم. المصالحة مطلوبة ليس بين القيادات الفوقية فحسب، بل والأهم من ذلك بين الكوادر الميدانية، التي تتحمل عبء النضال ومقاومة الاحتلال. 

يمكن للاتفاق، وبالتوافق، أن يفتح آفاقًا جديدة للخروج من المأزق الذي وصلت إليه الحركة الوطنية الفلسطينية. إن ما يريده الشعب بالأساس هو إنهاء الاحتلال، وإنهاء الانقسام مرهون في البداية وفي النهاية بإستراتيجية جدية لمقاومة الاحتلال وهذا بطبيعة الحال لا يصحّ مع استمرار التنسيق الأمني مع الاحتلال. وإذا كان تعثر المفاوضات مع إسرائيل قد ساعد في التوصل إلى المصالحة، فإن من أهم شروط نجاحها واستمرارها هو الإقرار بأن المفاوضات، كما جرت حتى الآن، لا تمرّ بأزمة عابرة، بل وصلت إلى طريق مسدود لا يترك مجالاً حتى لتسويق الأوهام، هذا يتطلب تغيير نهج وتغيير إستراتيجية. 

بموازاة ذلك من الضروري استثمار المصالحة في رد الاعتبار للعمق العربي في المواجهة مع الاحتلال ومع الصهيونية، وما يحدث اليوم في العالم العربي يوفر ظروفًا أفضل بكثير لتفعيل هذا العمق، خاصة وأن الجماهير كذات سياسية فاعلة ومؤثرة لن تسمح لأي نظام بالتنصل من واجباته تجاه فلسطين الشعب والقضية.

لقد استفادت إسرائيل كثيرًا من الانقسام ووظفته في خدمة أهدافها العدوانية والتوسعية والاستيطانية، لذا فهي غاضبة من المصالحة ونتنياهو، وبكل وقاحة، دعا السلطة الفلسطينية إلى الاختيار بين السلام مع إسرائيل أو مع حماس. إسرائيل بالتأكيد لن تكتفي بالتصريحات بل ستعمل على إفشال المصالحة من خلال محاولات الابتزاز والضغط ومن خلال محاولة التأثير على الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. لكن الأمر الذي سيجعل إسرائيل تفقد صوابها وتوازنها ويفشل مؤامراتها هو ترجمة فورية لشعار "الشعب يريد إنهاء الانقسام" إلى "الشعب يريد إنهاء الاحتلال"، والانطلاق بنضال شعبي يستلهم الثورة العربية وينسجم مع روح وما تعبر منه من طموح للحرية والعدالة.

التعليقات