07/05/2011 - 15:18

الواقع العربي بين المخاوف والآفاق../ عثمان أبو غربية*

تحتم علينا الأحداث الجارية في الوطن العربي وفي المنطقة عموماً أن نقف حيالها وقفة غير مسبوقة، ليس لمجرد أخذ العبرة من خلال قراءة الظواهر والنتائج، بل ومن أجل استشراف الحقيقة والعوامل الجوهرية الظاهرة والكامنة وربما المزمنة، لكي نتمكن من رؤية أفضل للمستقبل ولاتجاه خطواتنا وبرامج عملنا وتخطيطنا إذا أردنا أن نكون في مستوى مواجهة الاستحقاقات والتحكم بدفة مسارنا ومسيرتنا

الواقع العربي بين المخاوف والآفاق../ عثمان أبو غربية*
تحتم علينا الأحداث الجارية في الوطن العربي وفي المنطقة عموماً أن نقف حيالها وقفة غير مسبوقة، ليس لمجرد أخذ العبرة من خلال قراءة الظواهر والنتائج، بل ومن أجل استشراف الحقيقة والعوامل الجوهرية الظاهرة والكامنة وربما المزمنة، لكي نتمكن من رؤية أفضل للمستقبل ولاتجاه خطواتنا وبرامج عملنا وتخطيطنا إذا أردنا أن نكون في مستوى مواجهة الاستحقاقات والتحكم بدفة مسارنا ومسيرتنا.
 
إننا نقف في مفترق صعب بين المخاوف والآفاق على مستوى الأمة بأسرها، وعلينا أن نجيد التقاط الآفاق واستمداد الحوافز منها وتعزيز ثقتنا التاريخية، وأن نجيد مواجهة المخاوف والمحاذير باليقظة والوعي وإرادة الدفاع عن مصيرنا.
 
إن أهم ما في الآفاق من أمر هو أننا نلمس استرداد روح اليقظة والتحدي والتمرد لدى الإنسان العربي، حيث أثبت هذا الإنسان أنه يمتلك مخزوناً هائلاً من إرادة الحياة وإرادة مواجهة القهر والإصرار على روح الكرامة والحرية.
 
لا يمكن لكل هذا الاندفاع والبسالة في المواجهة من قبل الجماهير إلا أن يعبر عن مدى الضغط والقهر، ذلك أن الجماهير العربية بلغت حد الانفجار في إطار حاجتها للكرامة والعدالة الاجتماعية والحرية وحقوق الإنسان والديمقراطية وتداول السلطة وحرية الرأي والتعبير وحماية القانون والتنمية والبناء على قواعد السلامة والتخطيط وصحة الاتجاه، ومكافحة الفساد، وكذلك حظر التمييز في المواطنة وبين المواطنين.
 
إن هذه الحاجة التي بلغت مداها هي السر الحقيقي لانفجار الجماهير العربية، حيث لا يمكن تفسير ما يجري من أحداث بما يقتصر على الأسباب الخارجية والعوامل الخارجية.
 
ثمة أسباب ذاتية وحوافز خاصة عميقة الجذور، شديدة الضغط، طويلة الأمد. وفي المقابل فإن هذه الأحداث لا يمكن فصلها عما يحيط بالمنطقة من مناخات وهو أمر يجعل من غير الممكن استثناء العمل الخارجي كلياً أو التربص الخارجي الدولي.
 
لا يمكن تفسير التاريخ في إطار نظرية المؤامرة، ولكن التاريخ لا يخلو من المؤامرة، المؤامرة هي كل تخطيط مبيت يدبره الخصوم أو الأعداء، يشارك فيه طرف داخلي، ومن البديهي أن ندرك أن الدول المتحكمة والقوى المتسلطة لا تكف عن التدبير والتخطيط وأنها تمتلك زمام المبادرة في آن واحد.
 
من المؤكد مرة أخرى أن الجماهير العربية تعاني من قهر مركز ملت مداه، وطول أمده، ولكن ذلك لا ينفي أن الصراع الأساسي للأمة هو الصراع ضد الهيمنة والسيطرة الأجنبية والتبعية والاحتلال والتجزئة، والتي هي من أهم أسباب التخلف والقهر وانحراف التنمية أو انعدامها وتبديد الثروات وحتى فساد الديمقراطية، من المنطقي أن الديكتاتورية تقود ولو في النهاية إلى الفساد، وأن الفساد يقود إلى مزيد من الفقر والفوارق والظلم، وأن كل ذلك يؤدي إلى التبعية ضمن دائرة تلتف حول نفسها، وهو ما يجعل المواطن في حالة من الحيرة الصعبة أمام سؤال: أيهما أسوأ الاحتلال والتبعية أم الديكتاتورية؟!
 
لقد أثبتت الجماهير أن الأمة ما زالت تمتلك روحها وإرادتها في النهوض والتحرر من الأرزاء بكل معانيها، وهذا هو جوهر الآفاق أمام الأمة.
 
أما في نطاق المخاوف فلا بد من التوقف أمام المناخات المحيطة بالأحداث الجارية والتي تتركز في العوامل الدولية وبشكل خاص دور الولايات المتحدة بصفتها اللاعب الأكبر في الساحتين الدولية والاقليمية من بين جميع دول العالم الخارجي.
 
وفي بداية هذا التوقف فقد ورد في تقرير عن (الحقيقة الدولية) نشرة موقع حائط (نقطة أول السطر) بتاريخ 4/3/2011 ما يفيد "أن صحيفة نيويورك تايمز نشرت يوم 17/2/2011 تقريراً سرياً طلبه أوباما خلال شهر آب/أغسطس 2010 أي قبل حراك التغيير عن "ثورات العالم العربي" يحدد 4 دول هي المرشحة أولاً للتغيير.
 
وفي سياق يتعلق بهذا التقرير ادعى مدير وكالة الاستخبارات الأمريكية ليون أي بانيتا في شهادة أدلى بها أمام الكونغرس بأنه كان يحتاج إلى مزيد من الوقت لتحديد "العوامل المثيرة" للثورات في دول مثل مصر بشكل أفضل".
 
يتضمن التقرير ما هو أهم من هذه الإشارة وأكثر تحديداً، ولكن ليس المجال هنا للتوغل فيه بأكثر من هذه الإشارة.
 
إن سلوك النظام العربي بكل تأكيد هو الذي أتاح الفرص لهذا العامل الدولي أن يستخدم كل ما يمكن استخدامه بما في ذلك درجة معاناة الإنسان العربي وردة فعله تجاه هذه المعاناة، لكن الحاجة للانتباه إلى هذا الجانب هي ضرورة من أجل أن تصل الثورات العربية إلى أهدافها هي وليس إلى أهداف أي طرف آخر داخلياً كان أم خارجياً، ومن أجل ان تتجنب حقول الألغام المحيطة بحراكها.
 
ترجع جذور الموقف الأمريكي بالنسبة لأهداف الولايات المتحدة لإقامة شرق أوسط جديد إلى ما قبل نهاية الحرب الباردة بعقود، هذه النهاية – للحرب الباردة - التي سرعان ما أعلن على أثرها الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الأب أن للولايات المتحدة ثلاثة أهداف في الشرق الأوسط هي:
1.     قوة وأمن وتفوق "إسرائيل".
2.     السيطرة على منابع النفط وطرق إمداده ووصوله.
3.     إقامة نظام اقليمي جديد.
 
حيث لم يكن واضحاً تماماً كيف ستحقق الولايات المتحدة بعض هذه الأهداف ولا المعنى من عبارة نظام إقليمي جديد، وهو أمر لا يمكن المرور عليه في سياق مسار الأحداث والمؤشرات اللاحقة.
 
كذلك أعلن الرئيس جورج بوش الابن في عام 2003 أربعة أسس للسياسة الأمريكية في العالم وهي:
1.     إن الولايات المتحدة لن تسمح لأي طرف في العالم باللحاق بها اقتصادياً وتكنولوجياً وعسكرياً.
2.     إن لها حق التدخل (وهو الأمر الذي فهم على أنها تريد أن تكون شرطي العالم).
3.     إنها تمتلك حق اللجوء للضربة الاستباقية.
4.     سيطرة وتعميم قيم الثقافة الأمريكية (وهو ما فهم على أنه أحد أركان سياسة السيطرة للولايات المتحدة).
 
هذه الجذور للموقف الأمريكي –وغيرها- تستدعي التوقف في نطاق المناخات المحيطة بالحراك العربي أمام محورين، على الأقل، وهما:
 
أولاً: محور سيطرة قيم الثقافة الأمريكية، فقد سبق للولايات المتحدة أن وضعت بعض مفاهيم ما اعتبرته ثقافة أمريكية كمدخل للتدخل في شؤون الدول الأخرى وخاصة مفهوم حقوق الإنسان، وهو مبدأ عالمي أصلاً، إذ عملت على توظيفه في إطار سياساتها مزدوجة المعايير، حتى في إطار صراعها مع الاتحاد السوفياتي السابق عندما فرضت نقطة حقوق الإنسان كبند على جدول أعمال الوفاق الدولي في حينه، أي في مطلع السبعينيات من القرن الماضي، وذلك إضافة لبنود: سباق التسلح، ووأد بؤر التوتر، والتعاون.
 
وبعد انتهاء الحرب الباردة وسقوط الاتحاد السوفياتي وارتفاع وتيرة (ربيع أوروبا) تركزت جهود الولايات المتحدة على العمل من أجل استئصال ما اعتبرته مفاهيم مرحلة الحرب الباردة ومخلفاتها، واستبدالها بمفاهيم العولمة التي تنطوي في حقيقة الأمر على مفاهيم الثقافة الأمريكية ومتطلبات مصالح الولايات المتحدة في إطار تبنيها لاقتصاد السوق وحرية التجارة وحرية انتقال الأفراد والأفكار والبضائع، والتي من ضمن هذه الثقافة أيضاً توظيف شعارات عادلة البذور مثل الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية التعبير وسيادة القانون وغيرها.
 
كانت تريد من جميع هذه الشعارات أن تؤدي إلى تحقيق سياساتها وأهدافها وتغطية حروبها وصراعاتها بالغطاء الأخلاقي المطلوب ولو شكلاً أكثر بكثير مما كانت تريدها من أجل الغايات المعلنة في أحسن افتراض لوجود جزء من هذه الغايات في حقيقة مراميها.
 
وقد جندت آليات لهذا الهدف باستخدام الوسائل العلمية الحديثة وتكنولوجيا المعلومات والمؤسسات الإعلامية التي تمسك بزمام دفتها وبعض منظمات المجتمع المدني ودورات الشباب وشبكات الاتصال بغرض تدمير وتحليل قيم الثقافات المضادة فيما اعتبرته من مفاهيم الحقب السابقة أو فيما اعتبرته قلاعاً ثقافية حضارية مانعة لإحلال قيم ثقافتها واتجاهات مصالحها.
 
ثانياً: محور تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ، حيث كانت قد وردت الإشارة غير المحددة حول إقامة نظام اقليمي جديد ضمن سياق تعزيز السيطرة على عدة خلفيات ربما من أهمها أصوات صدرت من أطراف الاحتلال في فلسطين منذ بداية هذا الاحتلال وبمستوى مثل مستوى بن غوريون عندما تحدثت عن دول الطوائف في المنطقة.
 
كذلك من هذه الخلفيات بعض التقارير والدراسات في العقود الأخيرة من القرن الماضي التي أشارت إلى أهداف الولايات المتحدة في تقسيم عدد من الدول العربية، حيث تطرقت إلى تقسيمات داخلية في هذه الدول، بمعنى إقامة كيانات داخلية متناقضة في كل منها، ترتبط جميعها بعلاقات خاصة ومباشرة بالولايات المتحدة ويخصص في كل منها مندوب أمني أمريكي.
 
كان يبدو الأمر بعيد المنال ولكنه سرعان ما تحقق في العراق ثم تحقق بصورة أكثر وضوحاً في تقسيم السودان، وما زالت أحداث ليبيا واليمن تثير الكثير من القلق، إضافة أن القلق لم ينته تماماً في المواقع الأخرى.
 
لم يقف الأمر عند تلك التقارير بل تم إطلاق تعابير واضحة ومحددة عن شرق أوسط كبير، وجديد، وعن الفوضى الخلاقة.
 
عموماً إن من شأن هذه المناخات أن تثير القلق حول السؤال أين سترسو سفينة الحراك القائم، هل سترسو في ميناء الجماهير وصانعي الثورة، أم أنها ستذهب إلى ميناء آخر ومعادلة أخرى؟!
 
ومن شأنها أيضاً أن تثير القلق حول مستقبل المنطقة وموازين القوى القادمة، ما من شك أنه في حال تمكن الجماهير العربية من تأمين وصول سفن ثوراتها إلى ميناء أهدافها فإن ذلك سينطوي على نهوض تاريخي مفصلي للأمة ودورها وللمنطقة وأدائها الحضاري، وهو الأمر الذي يراود آمال وخيال الشباب العربي والجماهير التي آمنت بالتغيير واندفعت تبذل التضحيات على طريقه.
 
ومما يعزز مخاوف اللحظة الراهنة سلبيات ونقاط ضعف وظروف أخرى تراكمت أو تصادفت ولعل من أبرزها نقطتان:
 
الأولى: تزامن التحول مع مرور قضية فلسطين في مفصل صعب مليء بالاحتمالات وخاصة الناجم منها عن تسعير الاستيطان وتهويد القدس والعمل لاستئصال هويتها وروحها والتخلص من مواطنيها العرب مسلمين ومسيحيين، وتنامي أطماع الاحتلال الذي يغريه ضعف ميزان القوى العربي ومروره في مرحلة انعدام الوزن.
 
الثانية: قوى الدفع باتجاه الانكفاء إلى القطرية وحتى الانكفاء إلى ما دون القطرية في إطار مستوى من التأثر بالدفع نحو العدمية القومية، بل وعلى أرضية أصبحت مهيأة للصراعات المذهبية أو الأثنية في المنطقة بأسرها.
 
الواضح أن الولايات المتحدة في سعيها للتقسيم لجأت إلى مناهضة الاتجاهات القومية أو الدينية أو المذهبية التي توحد، ومؤازرة الأخرى عندما تقسم، وكان من البديهي أن تناهض فكرة القومية العربية وأن تعمل من أجل العدمية القومية حيالها، لأنها أخطر صيغ الوحدة في المنطقة وأكثرها قابليه للتحقق لرسوخ مقوماتها، خاصة وأن النموذج في قوة مقوماتها في مرحلة المد القومي العربي على يد حركات القومية العربية وأبرزها سياسة جمال عبد الناصر ما زال ماثلاً أمام الغرب برمته.
 
لقد أدت هزيمة عام 1967 إلى انكفاء نسبي للحركة القومية العربية وخاصة بعد رحيل جمال عبد الناصر، وإلى بروز الوطنية الفلسطينية التي ملأت فراغ الفعل في المواجهة وخاصة بعد معركة الكرامة عام 1968، لكن تراجع خيار الكفاح المسلح نتيجة لتراكم عوامل عديدة، وفيما بعد النتائج الصعبة للصراع على ساحة الانتفاضة الثانية، أضعفا هذا البروز وقدرة ملء الفراغ لديه، وساهما في حلول الاتجاه الإسلامي بشكل تدريجي، الذي أصبح يخوض تجربته والتي ترسم السياسات الأمريكية إلى احتوائه ومحاولة توظيفه والشراكة معه على أساس دمجه في النظام العالمي وتمرير تعاطيه مع السقف السياسي الدولي وتعايشه مع مفاهيم العلمانية والدولة المدنية ليس كغاية للانتقال المجتمعي وإنما كأداة ربط بسياساتها.
 
من المؤكد أن الولايات المتحدة تناهض التوجه الإسلامي النهضوي الحقيقي الذي يوحد ويصد التبعية، ولكنها لجأت إلى استخدام التوجهات الإسلامية المناهضة لخصومها، أو ذات الطابع التدميري كأداة للتفتيت وتهيئة الأجواء والأسباب في خوض الولايات المتحدة لصراعات مصالحها ونفوذها وسيطرتها، وهي الآن تسعى إلى احتواء الحراك الإسلامي الأكثر اعتدالاً من وجهة نظرها من خلال تعديل سقوفه السياسية والعقائدية لتتناسب مع درجة من درجات الشراكة في نطاق الاحتواء.
 
لعل القوى الغربية تتطلع إلى النموذج التركي على قاعدة أدنى من الانكفاء القومي والاستلاب الثقافي وتبعية العولمة وإلغاء التطلعات الحضارية بملامح خصوصياتها، والدخول في خيار العلمانية التي تتجاوز فصل السلطة الدينية عن السلطة السياسية نحو إلغاء المحتوى الروحي والثقافي ومقومات الأمة الواحدة أو حتى وحدة الكيانات القطرية.
 
من المهم للحراك الإسلامي شدة الانتباه للحفاظ على توجه نهضوي والاندماج في الخيار الحضاري العربي الإسلامي بالمشاركة الإسلامية والمسيحية والنأي تماماً عن شراكة الاحتواء.
 
ومن زاوية أخرى لا بد من التطرق إلى فشل أنظمة الشرق الأوسط عموماً في استيعاب التنوع الديني والمذهبي والقومي، وجعله مصدراً من مصادر الإغناء الثقافي وقوة الدولة والحضارة، إذ أنها حولته إلى قنابل موقوتة داخل كياناتها نتيجة لسياسات التمييز والتضييق وعدم السماح بالتعبير عن الخصوصيات الثقافية واللغوية وعدم تمكين جميع المواطنين من الشعور بالمشاركة في خضم متحد حضاري منصف حتى وإن برزت فيه ديانة من الديانات أو قومية من القوميات كأغلبية واضحة.
 
كان لا بد من معايير نزيهة وموضوعية للمواطنة والمشاركة والحقوق والواجبات.
لا بد من مواجهة حقيقة أن السياسات الخاطئة وحكم الفرد والبقاء الزائد في السلطة هي التي فتحت الأبواب لاحتمالات العبث الخارجي، حيث اضطرت الشعوب للتحرك في مواجهة القهر والعمل على تأبيد السلطة إلى درجة التوريث فوق أرضية رخوة من التماسك القومي والوطني.
 
كذلك لا بد من مواجهة أنه لا يجوز لنا أن نغفل عن إمكانية الوقوع في مصيدة الهيمنة والتدخل الأجنبي، لأن أهداف الدول الكبرى ذات الماضي والحاضر الاستعماري وتدخلها لا يمكن أن يكون نزيهاً إطلاقاً، حيث أننا لم نر هذه الحمية الدولية التي تظهر حماية المدنيين العزل في مناسبات أكثر خطورة وحساسية مثل الرصاص المصبوب في غزة، يجب أن نضع في اعتبارنا احتمال تنوع الأهداف وفقاً للحالة الخاصة، حيث يمكن أن يتضمن ذلك استهداف الكيانات أو تغيير الأنظمة أو مجرد الترويض وربما في نطاق متطور وفق الظروف.
 
علينا أن ندرك بدقة هل القوى الأجنبية تستهدف النظام أم الكيان!
وما من شك أنها عقدة صعبة ومحيرة عندما تقف الشعوب أمام سؤال أيهما أسوأ الاحتلال أم الديكتاتورية؟ وبالتأكيد بالنسبة لكل فلسطيني لا شيء أسوأ من الاحتلال.
 
بل وإن الأسوأ والأخطر أن نجد أنفسنا في غمار حروب أهلية أو اقليمية في النطاق القومي ونطاق الجوار التاريخي هدفها تدمير الجميع، لا ينجو منها أحد، ولا يخرج منها أحد منتصر مهما ظهر أنه بمنأى عن دفع الأثمان أو الوقوع في المخاطر.
 
ما من سبيل سوى وقفة جادة متحررة من الهيمنة الأجنبية والانقياد لها ومن الأطماع الذاتية والضيقة والاستراتيجيات المنفردة لتوقي الطامة التي تنتظر الجميع، وما من سبيل سوى أن تحقق شعوب المنطقة أهدافها هي لأنها تفجرت قهراً وألماً ورفضاً للعبث في كرامتها ومقدراتها وحرياتها وحقوقها.
 
لا بد من محرك جديد لوحدة الأمة وفي المركز منه فلسطين والقدس، ولا بد من صيغة جديدة تتناسب مع الظروف الموضوعية القائمة واستحقاقات التطور في مفاهيم الوحدة وآلياتها ومضامينها وصيغها.
 
من المؤكد أن العمل بموجب هذه القواعد والأسس سيؤدي إلى قلب السحر على الساحر وهو ما يجب أن نثق به انطلاقاً من الثقة بالأمة وقواها وقوة ضميرها وحضارتها ورسالتها.

التعليقات