14/05/2011 - 10:20

النكبة والمصالحة../ مصطفى إبراهيم

يأتي إحياء ذكرى النكبة وقد وقع الفلسطينيون اتفاق المصالحة، وإنهاء الانقسام لاستعادة الوحدة الوطنية، في مرحلة مهمة من تاريخ العرب، وما يشهده العالم العربي من تحولات ثورية، والتخلص من حقبة سوداء في تاريخهم من التبعية، وغياب الديمقراطية والعدالة، تحولات ترفع شعارات وقيم الحرية والعدل والمساواة والكرامة، وتؤسس لمرحلة ثورية جديدة انعكست على الفلسطينيين بتوقع اتفاق المصالحة، وإنهاء مرحلة سوداء وقاتمة من تاريخهم

النكبة والمصالحة../ مصطفى إبراهيم
يأتي إحياء ذكرى النكبة وقد وقع الفلسطينيون اتفاق المصالحة، وإنهاء الانقسام لاستعادة الوحدة الوطنية، في مرحلة مهمة من تاريخ العرب، وما يشهده العالم العربي من تحولات ثورية، والتخلص من حقبة سوداء في تاريخهم من التبعية، وغياب الديمقراطية والعدالة، تحولات ترفع شعارات وقيم الحرية والعدل والمساواة والكرامة، وتؤسس لمرحلة ثورية جديدة انعكست على الفلسطينيين بتوقع اتفاق المصالحة، وإنهاء مرحلة سوداء وقاتمة من تاريخهم.
 
لإنجاح اتفاق المصالحة وإنهاء ملف الانقسام للأبد، يجب الاستفادة من تلك القيم والأدوات التي استغلها العرب، والتقدم من أجل استعادة الوحدة الوطنية على أسس وطنية، ومبدأ الشراكة الوطنية والسياسية الحقيقية من الكل الفلسطيني، ويتوجب على الفلسطينيين دفع أثمان يجب دفعها فوراً، وعدم إنكارها، والتحرر من الرؤى السياسية والأجندات الخاصة والضغوط الخارجية، وإنكارها يضاعف المصيبة التي استمرت خمس سنوات دفعت القضية والشعب الفلسطيني ثمنا غاليا لها.
 
الاعتذار عن النكبة والويلات المؤلمة والهزائم الداخلية التي سببها الانقسام، واستخلاص العبر والاعتراف بالأخطاء والخطايا، والاستبداد الداخلي من اعتقالات وتعذيب واجتثاث من الجذور، والاستقواء بالقوة المفرطة وبالخارج الذي مارسوه على أنفسهم، الخطوة الأولى في تلقي العلاج للاستشفاء من الانقسام، واستخلاص العبر عن ما سببه الانقسام وسنواته العجاف، وما صل إليه الفلسطينيون من حال مقيتة سيطرت على جميع مناحي حياتهم، والأوضاع المأساوية والحصار الشامل والظالم والعدوان المستمر، وتفكك اجتماعي وأخلاقي وقيمي، وتحريض كل على الآخر.
 
إننا بحاجة ماسة للإدراك أننا شعب تحت الاحتلال، ويجب مواجهة ومقاومة الاحتلال موحدين من خلال برنامج سياسي ووطني، وعدم تجزئة القضايا، والاعتراف بوهم بناء مؤسسات السلطة تحت الاحتلال، وإننا لم نستطع الاعتماد على الذات ولم نستطع تحقيق الاكتفاء الذاتي لأن الاحتلال مستمر، وما زلنا نعتمد على المساعدات الخارجية المشروطة، والمبنية على السلام الاقتصادي، وما يجري من ثورات عربية يقوي من عضد الفلسطينيين، ويزيد الأمل لديهم في وجود حاضنة عربية قوية ترفع شعارات الحرية والعدالة، وذات بعد وطني وقومي يعزز من قدرة الفلسطينيين على مواجهة الاحتلال وشروطه ومشاريعه التصفوية.
 
في ذكرى النكبة الثالثة والستين، الفلسطينيون جميعا مطالبون بتقديم كشف حساب لأنفسهم، على أن يشمل مراحل نضالهم منذ النكبة وحتى اليوم، وفي مقدمتهم الفصائل الفلسطينية واصطفافها لجانب طرف على حساب الآخر، وتغليبها المصلحة الخاصة على حساب المصلحة الوطنية. والمطلوب منها إعادة النظر بجدية في تجربتها النضالية ووسائلها وأدواتها وطريقة تعاطيها مع القضايا الوطنية، وقضايا الناس، وتجربتها المستنسخة خلال السنوات الماضية، وعليها التخلص من هزائمها الداخلية وشعورها بالعجز والضعف، وعدم قدرتها على مواجهة الاحتلال ومشاكل الناس.
 
الفصائل الفلسطينية تكلست وشاخت وقياداتها، ولم يتم تداول القيادة بطريقة شفافة في غياب الديمقراطية الحقيقية في مؤسساتها، وهناك قيادات عمرها من عمر تأسيسها، ومن غير المعقول أن تبقى تلك القيادات للأبد، ولم تعط الفرصة للشباب الذين سبقوا قياداتهم في التفكير والمبادرة والفعل والاستفادة من الثورات العربية ونزلوا للشارع للضغط من أجل إنهاء الانقسام.
 
63 عاماً من النكبة والتشرد والسيطرة على مزيد من الأراضي ومصادرتها، والتهويد والاستيطان يلتهم مدينة القدس، والضفة الغربية محاصرة ومقطعة الأوصال والاحتلال جاثم بوسائل وأدوات أخرى. نحن بحاجة إلى مصالحة حقيقية، وتغيير حقيقي في جميع مناحي حياتنا لمواجهة الاحتلال موحدين، والاستمرار باتخاذ الإجراءات الوقائية خوفا من التراجع والنكوص عن ما تم التوصل إليه، والاستمرار في بث روح التفاؤل والجدية والتسامح وقبول الآخر من أجل الشعور بالتغيير، واتخاذ إجراءات سياسية واقتصادية واجتماعية تعزز من صمود الناس وانتمائهم للوطن والقضية وقدراتهم، وإشاعة أجواء الديمقراطية، والتعددية والحرية وصيانة كرامة الناس.

التعليقات