18/07/2011 - 14:09

عام على هدم العراقيب، وماذا بعد؟../ د. ثابت أبو راس*

ما أشبه اليوم بالأمس. بل ما أصعب وأقسى اليوم وظرفه مقارنة بالبارحة. ماذا جرى لنا؟ مساحة أرض العراقيب تعادل مساحة أرض المل بل تنيف عنها. وإذا أخذنا بعين الاعتبار أن الحكومة تخطط أن تكون أرض العراقيب هي المقدمة الأولى لمصادرة مئات آلاف الدونمات العربية النقباوية، إذا لماذا هذا السكوت؟ أين جماهيرنا النقباوية من هدم العراقيب 27 مره؟ أم أننا لم نذوت بعد مقولة "أكلت يوم أكل الثور الأبيض"؟

عام على هدم العراقيب، وماذا بعد؟../ د. ثابت أبو راس*
تصادف الأسبوع القادم ذكرى مرور سنة على الهدم الكامل الأول لقرية العراقيب. نعم مرت سنة هدمت قرية العراقيب خلالها 27 مرة. بالرغم من ذلك ما زال أهلها على أرضهم يذودون عنها بقناعاتهم وإصرارهم على البقاء. صمود أهل العراقيب الأسطوري بحاجة إلى تحليل جدي والاستفادة من هذه التجربة المريرة والحية. فصمود العراقيب له تجلياته وانعكاساته ليس فقط على سكان القرى غير المعترف بها والنقب فقط بل على سائر وجودنا الفلسطيني في البلاد.
 
لا شك أن معركة العراقيب لم تنته بعد ولن تنتهي إلا لصالح سكانها. فقد حسمت المعركة منذ الهدم الأول  بإصرار الشيخ صياح وربعه على البقاء في كافة الأحوال والظروف فوق أرضهم. بقاء فيه كثير من الصبر والمعاناة لكن فيه حلاوة الانتصار القادم لا محالة.
 
من الصعب تحديد عدد النشاطات المكثفة حول العراقيب في السنة الأخيرة. لكنها تنوعت واستعملت فيها كل وسائل النضال. فإلى جانب النضال القضائي كان هناك نضال جماهيري سياسي تنادت إليه كل حركاتنا السياسية ومؤسساتنا الوطنية. كما رافق ذلك نشاطً تخطيطي مهني. كل هذه النشاطات حصلت على تغطية إعلامية محلية عبرية وعربية وفي حالات كثيرة إعلام دولي بما فيها قنوات هامة كالجزيرة والسي إن إن.
 
الإحساس هو أن أهل العراقيب عملوا كل في وسعهم وكل ما هو مطلوب منهم. والسؤال الأهم هل قمنا نحن سكان النقب وسائر الفلسطينيين في هذه البلاد بما نستطيع للدفاع عن القرية وسكانها؟ هل قامت مؤسساتنا الوطنية في البلاد وهيئات شعبنا ومؤسسات المجتمع المدني بكل ما تستطيع؟ ثم لماذا تصر حكومة إسرائيل عن إصرارها على طرد أهل العراقيب من بيوتهم؟ هل هناك علاقة مثلا بين تقصيرنا في موضوع العراقيب وبين إمعان الحكومة في تنفيذ سياستها؟
لا يختلف اثنان على الحاجة الملحة في الدفاع عن الأرض العربية وأصحابها في جميع البلاد. فالأرض بالنسبة لنا نحن المتجذرون في وطننا هي هوية وانتماء. هي بقاء وعطاء.
 
ثقافة الانتماء لهذا الوطن تبدأ في المحافظة على الأرض والدفاع عنها. لذلك لم يكن إضراب يوم الأرض في العام 1976 صدفة. لكنه وليدة مزاج عام عند الجماهير العربية في البلاد وقيادة حكيمة عرفت كيف تدير هذه الأمور. بقي أن نتذكر أن إضراب يوم الأرض عام 1976 جاء في أعقاب القرار بمصادرة 15 ألف دونم (فقط !) من أرض المل في مثلث يوم الأرض: سخنين، عرابة ودير حنا.
 
ما أشبه اليوم بالأمس. بل ما أصعب وأقسى اليوم وظرفه مقارنة بالبارحة. ماذا جرى لنا؟ مساحة أرض العراقيب تعادل مساحة أرض المل بل تنيف عنها. وإذا أخذنا بعين الاعتبار أن الحكومة تخطط أن تكون أرض العراقيب هي المقدمة الأولى لمصادرة مئات آلاف الدونمات العربية النقباوية، إذا لماذا هذا السكوت؟ أين جماهيرنا النقباوية من هدم العراقيب 27 مره؟ أم أننا لم نذوت بعد مقولة "أكلت يوم أكل الثور الأبيض"؟
 
اليوم ونحن نقترب من شهر رمضان المبارك، نحن مدعوون جميعا أن نعيد حساباتنا بالنسبة للعراقيب وكل القرى غير المعترف بها. فمعركة هذه القرى ليست معركة سكانها وحدهم بل معركة كل الشرفاء والغيورين على مصالح شعبهم. اليوم العراقيب وغدًا أم الحيران وبعده عويجان والسرة ووادي النعم وقرى أخرى على الطريق.
 
 المخططات الحكومية خطيرة والقائمون على تنفيذها أخطر. كل هذا يحدث في ظل حكومة مجرمة غبية تعادي ليس فقط المواطنين العرب بل كل مواطنيها والعالم أجمع. هذه الحكومة تحضر لنا جميعا شتاء حارا ملخصه هدم وترحيل، فما نحن فاعلون؟؟ هل سنكتفي بالدعاء لأهل العراقيب في شهر رمضان المبارك أم سنكون جزءا من المعركة على وجودنا العربي في هذه الرقعة الغالية من الوطن؟ باعتقادي أن الجواب واضح لنا جميعًا وكل رمضان والعراقيب وباقي قرانا وشعبنا بخير.
 
أدعو الجميع للمشاركة في نشاطات الاحتجاجية المختلفة والمتنوعة على أرض العراقيب نهاية الأسبوع ابتداءً من الخميس في ساعات بعد الظهر ويومي الجمعة والسبت من ساعات الصباح حتى المساء.

التعليقات