15/08/2011 - 12:59

لماذا لا يزور عباس مخيم عين الحلوة عاصمة الشتات؟../ نضال حمد

أوضح محمود عباس لوفد أمريكي زار رام الله مؤخرا: أن التوجه للأمم المتحدة لطلب الاعتراف بالدولة الفلسطينية لا يتناقض مع جوهر عملية السلام وهو ليس إجراء أحادي الجانب، ولا يهدف إلى عزل (إسرائيل) أو نزع الشرعية عنها، وإنما الهدف منه هو تعزيز المساهمة في تثبيت مبدأ حل الدولتين ورسالة مشجعة في حال توفر النوايا لدى الجانب الإسرائيلي للعودة إلى مفاوضات جادة مدعومة من المجتمع الدولي

لماذا لا يزور عباس مخيم عين الحلوة عاصمة الشتات؟../ نضال حمد
أوضح محمود عباس لوفد أمريكي زار رام الله مؤخرا: أن التوجه للأمم المتحدة لطلب الاعتراف بالدولة الفلسطينية لا يتناقض مع جوهر عملية السلام وهو ليس إجراء أحادي الجانب، ولا يهدف إلى عزل (إسرائيل) أو نزع الشرعية عنها، وإنما الهدف منه هو تعزيز المساهمة في تثبيت مبدأ حل الدولتين ورسالة مشجعة في حال توفر النوايا لدى الجانب الإسرائيلي للعودة إلى مفاوضات جادة مدعومة من المجتمع الدولي.
 
لا ندري كيف سيكون حل الدولتين الذي يتحدث عنه أبو مازن، فالأمم المتحدة لديها قرارات كثيرة تعترف بالحقوق الفلسطينية وتدين الاحتلال، لكنها لم تنفذ أبداً ولن تنفذ لأن المجلس يسيره الأقوياء لا الضعفاء. هناك قرار 181 الذي قسم فلسطين لدولتين عربية ويهودية. لم ينفذ هذا القرار منذ اتخاذه قبل أكثر من ستين عاما.
 
 تنازلات رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس تأتي بالجملة وبدون محاسبة أو رقابة لا من سلطة تدعي السيادة والقانون والاستقلالية، ولا من الممثل الشرعي والوحيد ولجنته التنفيذية ( التي تنفذ أوامر عباس بدون مراجعة ونقاش) ولا من مجلسين وطني ومركزي لا يرقيان لصفة التمثيل الوطني للشعب الفلسطيني، ولا لقواه التي ما زال بالإمكان تسمية بعضها بالقوى الوطنية. ففي أحدث تصريح له قال عباس على مسامع وفد من الكونغرس الأمريكي زاره في محمية المقاطعة برام الله إن خياره الوصول لدولة تكون مسؤولية الأمن فيها من اختصاص طرف ثالث. المقصود بالطرف الثالث الأمريكان وأعوانهم البريطانيين أو الأطلسيين.
 
يقبل عباس إذن بسيادة طرف غريب وخارجي وأجنبي وحليف للاحتلال على ما يمكن تسميته الدولة الفلسطينية، ولا يرى في ذلك انتقاصا في السيادة الوطنية، ولا تدخلا في القرار المستقل. مع أن فتح وأصحاب كذبة القرار الفلسطيني المستقل كانوا في السابق خاضوا حروبا عنيفة ودموية مع بعض الفلسطينيين المعارضين لهم، ومع بعض الأطراف العربية وبالذات سوريا تحت شعار الحفاظ على القرار الفلسطيني المستقل، هذا الذي لم يعد مستقلاً منذ الخروج والانسحاب من بيروت سنة 1982، وصار تابعا للرجعيات العربية وبالذات لمصر كمب ديفيد. وإلا ما معنى أن يخرج المرحوم ياسر عرفات من حصار طرابلس سنة 1983 مباشرة إلى مصر للقاء حسني مبارك، مع العلم أن هذا النظام كان يخضع لمقاطعة عربية شاملة وكان معزولا بسبب اتفاقية كمب ديفيد.
 
 الآن نرى أن بعض كتبة فتح والمنظمة يشنون الهجمات اللاذعة على النظام السوري ويتهمونه بعدم مقاومة الاحتلال وبتوفير الأمن له عبر جبهة الجولان ، بالرغم من عدم اعتراف سوريا بـ"العدو الصهيوني" ولا قبولها بالمفاوضات وفق شروطه وتمسكها بالحقوق العربية كاملة. لكن نفس هؤلاء وفي أماكن أخرى نراهم يبررون مواقف أقطاب المنظمة وفتح والسلطة، ويدافعون عن التنسيق الأمني مع الاحتلال، وعن سياسة الانبطاح والتبعية للدول المانحة ولاملاءات الإدارة الأمريكية. ولولا الخجل والفضيحة كاد بعضهم يقول أن التحالف مع الكيان الصهيوني والإدارة الأمريكية ضد سورية والفصائل الفلسطينية المتواجدة هناك ضرورة وطنية. فهؤلاء لا يريدون الاعتراف بأن دور سوريا كان محوريا وأساسيا في كل انتصارات المقاومة اللبنانية وهزيمة الصهاينة هناك.
 
لبنان الشقيق سوف يعترف مطلع الأسبوع القادم بالدولة الفلسطينية العتيدة التي يستجديها الطرف الفلسطيني من دول العالم والأمم المتحدة، مع العلم أن الكيان الصهيوني لم ينفذ حتى اليوم أي قرار أصدرته تلك الأمم ومجلسها العتيد. فهل يريد أبو مازن ومن معه أن يقنعوا العالم وأوله شعب فلسطين بأن الحقوق يعطيها مجلس الأمن؟
 لا يمكنهم ذلك وهم يعرفون هذا الشيء، لأن الحقوق لا تستجدى ولا تطلب من الغير بل تنتزع بالقوة وبالكفاح والتضحيات. ولو آمنا بذلك فهل يستطيع عباس القيام بمثل هذه الأمور دونما موافقة الكيان الصهيوني والإدارة الأمريكية والدول المانحة.؟ طبعاً لا ، لذا نعتقد أن الأمر لا يعدو عن كونه مناورة سياسية ودبلوماسية لإنقاذ عملية السلام الفاشلة والمتعثرة والمتوقفة. ففريق أوسلو الفلسطيني رهن مستقبله ووجوده بهذه العملية السلمية. ولن يتخلى عنها ولكنه بالمقابل مستعد للتخلي عن حقوق الفلسطينيين مقابل استمراره في القيادة والقرار. فدولة مثل هذه تعني أن لا عودة للاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم التي شردوا منها، لأن هناك ستكون الدولة الصهيونية الإسرائيلية وهي دولة لليهود فقط لا غير. ويمكن القول إن إعلان دولة عباسية في بعض أجزاء من أراضي الضفة والقطاع، يعني أن الكيان الصهيوني لن يعد مسؤولا عن الاحتلال ولا عن عودة اللاجئين. فيما تبقى أوضاع الضفة والقطاع على حالها.
 
 رغم أن دولة الورق الفلسطينية تلك تم الإعلان عنها في نوفمبر- تشرين الثاني سنة 1988 في الجزائر، ولم يتبدل أي شيء في الوضع الفلسطيني الرسمي منذ ذلك الوقت. فلا الدولة قامت، ولا الاحتلال رحل، ولا اللاجئون عادوا إلى ديارهم، ولا الرئيس صار رئيسا (باستثناء عروض مسرحية وسجاد أحمر بداية عهد سلطة غزة وأريحا) ولا الفدائيون تحولوا لجنود في جيش له قدرات وسيادة ويستطيع اتخاذ القرارات وحماية الوطن والدولة المستقلة ذات الحدود والسيادة، بل على العكس صار الفدائي الذي قاتل في الأحراش وعجلون وجرش والجولان وجنوب لبنان والعرقوب وبيروت والجبل حارسا لأمن المستوطنين والمستوطنات، وملاحقا لكل من ينادي ويؤمن بالمقاومة. يكفي زيارة إلى مدن وبلدات ومخيمات الضفة الغربية المحتلة ليرى الإنسان العار فعلا يمشي عارياً كما كتب المفكر العربي عزمي بشارة.
 
عندما تحضر الدوريات التابعة لجيش الاحتلال تقوم الوحدات التابعة لأمن ( سلطة أوسلو الفلسطينية) بالانسحاب والاختفاء من الشوارع، وقفل الأبواب على نفسها في مقراتها، وتمنع من الخروج إلى الشوارع إلا بعد أن يتمم الاحتلال عملية اغتيال أو اعتقال أحد المطلوبين الفلسطينيين هناك.
 
يسأل عجوز فلسطيني قاتل في ال 48 وال 67 وفي ال 70 وال 82 وعاش الانتفاضتين الأولى والثانية: أبجيش وقوى أمن مثل هذه ستحررون ال 12% من أرض فلسطين التي وافق الصهاينة على منحها لكم بدون سيادة، وبدون حدود، وبدون قرار، يعني روابط قرى ومجالس بلديات. أما روابط القرى فقد جاء بها الاحتلال للحد من نفوذ الفصائل الفلسطينية في الضفة، فرفضتها وخونتها منظمة التحرير الفلسطينية أواسط السبعينيات من القرن الفائت. لكن نفس المنظمة تقوم اليوم بمهام أسوأ من مهام راوبط القرى في خدمة الاحتلال.
 
محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية زار لبنان عدة مرات وسوف يزوره مطلع الأسبوع القادم لافتتاح سفارة فلسطينية في بيروت ورفع علم فلسطين فوقها. وبحسب مصادر فلسطينية ان البحث مع المسؤولين اللبنانيين سيكون الاعتراف بدولة فلسطين. والسؤال الذي يخطر على البال فورا:
 
 هل سيطالب عباس المسئولين اللبنانيين الاعتراف بالحقوق الإنسانية والمدنية والاجتماعية والسياسية للاجئين الفلسطينيين في لبنان؟
هل سيقوم عباس بزيارة للمخيمات الفلسطينية في لبنان ليرى بنفسه واقع حال اللاجئين الفلسطينيين الذين يدعي انه ممثلا ورئيسا لهم ؟
ولماذا لا يزور مخيم عين الحلوة أو مخيم نهر البارد ليرى بنفسه حفاوة الأشقاء في الدولة اللبنانية بالفلسطينيين، فمن شدة حرصهم على أمن المخيمات قاموا بحصارها وإغلاقها وبناء جدران عازلة عند بعضها، كما هو الحال في مخيم عين الحلوة. وكما هو الحال في قلقيلية ومناطق الضفة والقطاع..
 
ولا ننسى دور دبابات جيش لبنان في حراسة المخيمات ففوهات المدافع والرشاشات الشقيقة موجهة دائما إلى بيوت وأحياء المخيم. أما نهر البارد فقصته معروفة للجميع ، أهله مازالوا مشردين ووعود إعادة الإعمار ليست أكثر من كذب ودجل ونفاق.
 
المصدر الفلسطيني يقول إن الغاية الأساسية من زيارة عباس هي التشاور في الاستحقاق المنتظر في الأمم المتحدة في أيلول المقبل والمتعلق بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، كما سيشكل وضع الفلسطينيين في لبنان بندا أساسا في المباحثات بين عباس والمسئولين اللبنانيين. لكن بعض المعنيين في لبنان اعتبروا أن عدم وضع زيارة المخيمات على جدول الأعمال، تعني أن رئيس السلطة الفلسطينية لا يتمتع هناك بشعبية حقيقية ولا بتأييد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان. كما أن وجود الفصائل المناهضة له ولسياساته قد يمنعه حتى لو فكر بذلك من القيام بتلك المغامرة، خاصة أن تصريحاته وسياساته لا تروق للشعب الفلسطيني وبالذات للاجئين الفلسطينيين في مخيمات لبنان.

التعليقات