06/10/2011 - 09:50

رفض فرض شروط النكبة مجدداً../ د. جمال زحالقة

إننا أمام حالة تستوجب رفض فرض شروط النكبة مجدداً على أهلنا في النقب، إذ يعني تنفيذ مخطط برافر إتمام فرض هذه الشروط، وذلك بالطريقة الجهنمية التي طبقت فيها في النقب عبر العقود الماضية

رفض فرض شروط النكبة مجدداً../ د. جمال زحالقة
لقد حددنا بأن قضية الأرض والمسكن هي خط المواجهة الرئيسي بين الجماهير العربية الفلسطينية في الداخل وبين السلطة الإسرائيلية. تلتهب هذه القضية اليوم، وتلتهب حولها المعركة في منطقة النقب، بعد الإعلان عن مخطط للحكومة الإسرائيلية والمعروف بـ"مخطط برافر"، والهادف إلى الاستيلاء على حوالي 800 ألف دونم من الأراضي وتهجير حوالي 30 ألف مواطن من سكان القرى غير المعترف بها.
 
لقد أعلنت القيادة العربية القطرية ممثلة بلجنة المتابعة، وكذلك قيادات أهلنا في النقب رفضها القاطع للمخطط، وانطلقت المعركة ضد المخطط بهدف واضح هو إسقاط مخطط برافر وإفشاله وليس فقط الاحتجاج عليه. نحن نؤمن بأن بمقدور الجماهير العربية تحقيق هذا الهدف رغم الطاقات الهائلة التي تملكها السلطة وتدفع بها لتحقيق مآربها، ومنها رصد مبلغ 7 مليار شيكل لتنفيذ المخطط والتلويح بمغريات لمن يقبل والوعيد بمعاقبة من يرفض.
 
تحاول الحكومة الإسرائيلية، عبر مخطط برافر وعبر تكثيف سياسة تهويد النقب، استكمال النكبة وفرض شروطها على من بقوا في وطنهم بعد الترحيل الكبير عام 1948، حين قامت القوات الإسرائيلية بتهجير 90% من أهلنا في النقب، ولم يبق سوى 10 آلاف من أصل أكثر من مائة ألف من سكان المنطقة الجنوبية من فلسطين. وبعد أن استولت الدولة العبرية على أملاك اللاجئين، قامت في السنوات 1948-1953 بتنفيذ تهجير قسري داخلي للعشائر العربية البدوية وبتجميعها وحصرها في مناطق محددة، وجرى كذلك، إبان الحكم العسكري، تهجير أهالي منطقة العزازمة من أراضيهم.
 
في بداية السبعينيات قامت السلطات الإسرائيلية بعملية واسعة النطاق جرى خلالها تهجير عشرات الآلاف وتجميعهم في راهط وكسيفة وحورة وشقيب السلام وعرعرة واللقية بعد الاعلان عنها بلدات "معترفا بها"، وكان الهدف إبعاد الناس عن أرضهم للاستيلاء عليها. تبعت ذلك عملية تهجير وفق قانون مطار البحيرة، الذي صدر بعد اتفاقية السلام مع مصر لنقل المنشآت العسكرية من سيناء إلى النقب. 
 
بالنسبة لإسرائيل، لم تنته الحرب، فهناك وفق اللغة الرسمية للدولة العبرية (لغة رسمية وليس مجرد كلام في الإعلام) غزاة يسيطرون على أراضي الدولة ويجب استعادتها منهم. هذا هو منطق مخطط برافر، الذي لا يعترف بملكية الأرض، وحين يعرض على الأهل في النقب مساحة 100 ألف دونم من أصل 900 ألف فهو يستند إلى مزاعم حسن النية وليس إلى حق الملكية. إنه منطق التعامل مع الناس لا كمواطنين لهم حقوق بل كمن هزموا في الحرب وتفرض عليهم شروط الاستسلام وتسليم أرضهم للمنتصر.
 
إننا أمام حالة تستوجب رفض فرض شروط النكبة مجدداً على أهلنا في النقب، إذ يعني تنفيذ مخطط برافر إتمام فرض هذه الشروط، وذلك بالطريقة الجهنمية التي طبقت فيها في النقب عبر العقود الماضية وهي: تهجير وتجميع ومصادرة. تهجير الناس من قراهم غير المعترف بها ومن أراضيهم، وتجميعهم في بلدات أقيمت لهذا الغرض والسيطرة على الأراضي بعد إبعاد أهلها وأصحابها عنها. 
 
إننا أمام معركة كبيرة قد تفوق في أبعادها وتداعياتها يوم الأرض التاريخي، فهناك محاولة لمصادرة مئات ألوف الدونمات من الأرض، في حين أن السبب المباشر ليوم الأرض 1976، كان محاولة مصادرة حوالي 20 ألف دونم، وتقلصت إلى مصادرة 7 آلاف دونم.
 
إن المهمة المركزية للقوى والأحزاب والمؤسسات والهيئات الأهلية والوطنية، هي تجنيد الجماهير العربية في الجليل والمثلث والنقب في المعركة دفاعاً عما تبقى لنا من أرض، حيث أن الأراضي العربية في النقب هي ما تبقى لنا من احتياطي ومخزون للأرض، وهي اليوم معرضة للمصادرة.
 
إن المعركة ليست ضد مخطط برافر فحسب، بل هي معركة من أجل استرداد الحقوق المسلوبة وفي مقدمتها الاعتراف بالقرى غير المعترف بها، وتطويرها وفق مصالح واحتياجات أهلها وليس وفق مآرب السلطة لمصلحة مستوطنين تريد جلبهم للسكن على أراضي هذه القرى. علينا في المقابل وبالتزامن طرح قضية مهجري الداخل في النقب، والذين يشكلون الأغلبية الساحقة من السكان هناك، ومطلبنا الشرعي هو تثبيت ملكيتهم لأرضهم التي هجروا منها قسراً، والنضال من أجل عودتهم إليها.
 
لقد أكدنا أكثر من مرة أن الحل في النقب يكون بالتفاوض والاتفاق مع الناس ومع القيادات المحلية والقيادة القطرية للجماهير العربية، لكن السلطة رفضت واختارت حلاً من طرف واحد وتحاول الآن فرضه بالقوة، وهي بذلك تختار المواجهة وهي تتحمل مسؤولية هذه المواجهة.
 
تخطئ السلطة حين تظن أن بإمكانها الاستفراد بعرب النقب، فعليها أن تعرف أن قضيتهم هي قضية الجماهير العربية كلها. هذه رسالة يجب أن تصل واضحة وحازمة من كل بلداتنا العربية في الشمال والمركز والنقب من خلال الانخراط الجماهيري في المعركة دفاعاً عن أرضنا وعن وجودنا في نقبنا الغالي.

التعليقات