02/11/2011 - 11:38

تجنبوا التحليل وأعطونا الحلول../ ممدوح إغبارية

سئمنا نحن شباب وأهل هذا البلد الطيب، التحليل والبلاغة في التعبير من أعضاء البلدية والسياسيين عموما، لأسباب العنف وظروف نشأته، ومواصفات الحيز العام والخاص، لتحويله تدريجيا من عنف بسيط وكلامي، بأشكاله المختلفة، إلى حادث قتل أقل ما يمكن أن يُقال عنه إنه يصلح كما أسلفنا مشهدا سينمائيا لأفلام المافيا الهوليودية

تجنبوا التحليل وأعطونا الحلول../ ممدوح إغبارية
فجعت مدينة أم الفحم منذ أسبوعين بمقتل ثلاثة من أبنائها البررة، بطريقة أشبه أن تكون طريقة قتل في فيلم مافيا هوليودي؛ وقد عبر أهالي البلد عن سخطهم ضد العنف وعمليات القتل المتكررة، في المظاهرة الجبارة التي شارك فيها الآلاف من الأهالي، والأطفال، والشباب، كما شارك المئات من الأهالي في خيم الاعتصام التي نُصِبَت في حيي الشرفة وعين جرار، وكلها خطوات مباركة إذا كانت تعبوية لا مجرد نشاطات تفريغية، ينفس الناس فيها غضبهم، ويتجهون نحو ممارسة الهواية المفضلة عند أبناء شعبنا، وهي "النسيان".
 
لا شك أن تصعيد الخطوات النضالية الناقدة لدور الشرطة وتقصيرها، ومطالبتها بالعمل على وضع حد للإجرام وانتشار السلاح في أم الفحم، وحل لغز جريمة مقتل المرحوم توفيق محمود أسعد هيكل، وابنيه محمود وأحمد، الذين قتلوا داخل منزلهم قبل أسبوعين وهم نيام، هي خطوات مطلوبة ومهمة.
 
وفي هذا المقام، أجدني راغبا في توجيه كلامي حول هذه المسألة للبلدية وليس للشرطة، لأني على ثقة كاملة أن الشرطة ليس لديها، على عكس من في بلدية أم-الفحم، الإرادة الحقيقية الصادقة لأن تتصدى للعنف وتحد منه، وذلك لأسباب عديدة لست بصدد أن أخوضها الآن؛ ولكن ما العمل إذا ليس بالنوايا وحدها يحيا الإنسان.
 
سئمنا نحن شباب وأهل هذا البلد الطيب، التحليل والبلاغة في التعبير من أعضاء البلدية والسياسيين عموما،  لأسباب العنف وظروف نشأته، ومواصفات الحيز العام والخاص، لتحويله تدريجيا من عنف بسيط وكلامي، بأشكاله المختلفة، إلى حادث قتل أقل ما يمكن أن يُقال عنه إنه يصلح كما أسلفنا مشهدا سينمائيا لأفلام المافيا الهوليودية .
 
إن التحليل والتنميق عزيزي رئيس بلدية أم-الفحم، ليس دوركم، بل إنها وظيفة الأكاديميين والباحثين في حقل التربية والمؤسسات البحثية، أما وظيفتكم، فهي إيجاد الحلول للعنف وليس تحليله.
 
آن أوان العمل، وعلى البلدية بمؤسساتها القيام بأفعال وليس الاكتفاء بالوعظ وحسب.. على بلدية أم-الفحم أن تضع خطة تطبيقية تتلخص في 5 أهداف، من الممكن إذا تضافرت وتعاونت كل المؤسسات المعنية، مثل قسم الرفاه الاجتماعي، والمدارس، والمراكز الثقافية التابعة للبلدية، وقسم الشؤون الاجتماعية، تحقيقها بعيدا عن الشرطة ودورها؛ وأهداف هذه الخطة الخماسية تتلخص فيما يلي:
 
1- إيجاد ثقافة ومنظومة قيم بديلة للعنف تهيمن ثقافيا على أم-الفحم، وتجعل كل من يتصرف خارج حدودها منبوذًا اجتماعيّا، وترتكز منظومة القيم هذه، على سبيل المثال وليس الحصر، على مفردات مثل التسامح، وتقبل الآخر، والصبر، والعفو عند المقدرة، والانتماء، والتكافل الاجتماعي.
 
2- الحد من ظاهرة العنف تدريجيًّا، ومحاربة أشكاله المختلفة مثل العنف الكلامي، والعنف داخل العائلة، وإطلاق النار في الأعراس، والعنف داخل المدارس، والعنف الجنسي، ومحاربة الجريمة المنظمة.
 
3- تشكيل لجنة مختصة من أخصائيي التربية، والمعلمين، والأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين، وضباط الانتظام، يقوم عليها رئيس البلدية بنفسه لتنظيم أيام دراسية، ووضع خطط عمل لتأهيل كوادر محلية من أم-الفحم، لتقود التغيير وتنفذ الخطط والبرامج داخل المدينة.
 
4- إقامة جسم يقوم بمراقبة هذه اللجنة والتنسيق ما بين الأجسام والمؤسسات العاملة في الحقل، لضمان أعلى مستوى من النجاعة في تنفيذ قرارات اللجان المختصة ، إذ لا يضير أحدا على سبيل المثال، لو كان هناك تنسيق حقيقي بين أهالي الأحياء وخيم الشرفة وعين جرار والبلدية.
 
5- تشكيل لجان شعبية في الأحياء، مكونة من المواطنين أنفسهم، تضع نصب أعينها تنفيذ برامج ثقافية وخطط عمل تخدم الأهداف الآتية:
أ. تقوية الترابط العضوي بين أبناء المدينة الواحدة التي تتعرض لشتى أشكال التجزئة، والتقطيع، والتعصب الحاراتي. 
ب. العمل على تعزيز الوعي الوطني والحضاري للشباب، والسعي إلى معالجة الأزمات الاجتماعية مثل العنف المستشري ببلدنا. 
ج. تعزيز الشعور بالانتماء لأم-الفحم ولشعبنا العربي الفلسطيني وحضارتنا الإسلامية، ورفع اسم وطننا وبلدنا إلى المكانة التي تليق به.
د. العمل على تمكين الشباب وتعميق ثقتهم بالنفس، وحثّهم على العمل التطوعي من أجل المجتمع بروح المبادرة، والعطاء، والتضحية، ونكران الذات. 
 
آن أوان العمل.. هذا لسان حالنا، وكل مواطن بسيط بإمكانه أن يحدثنا ساعات مطولة عن أسباب العنف وظروف نشأته، أما أنتم في بلدية أم الفحم، إدارة وموظفين وقيادات سياسية، فتجنبوا التحليل وأعطونا الحلول..  فإننا نقلق على أبنائنا أن يموتوا يوما ما قتلا، ولكننا نقول إن لا بلد لنا سوى أرض هذا البلد، إما نعيش عليها، وإما أن نموت فيها.

التعليقات