03/11/2011 - 10:07

فلسطين في اليونيسكو: الخروج على مرجعية السجَّان!../ بسام الهلسه

وما يزعج (إسرائيل) والولايات المتحدة، هو أن "السجناء" الذين افترضوا أنهم قد أحكموا إغلاق الأبواب عليهم، قرروا- بعد كل ما قدموه ولم ينالوا شيئاً بالمقابل- عرض مظلمتهم على طرف آخر غيرهما هو الأمم المتحدة ومنظماتها. وهذا- في حد ذاته- مسار لا يجب التهاون إزاءه

فلسطين في اليونيسكو: الخروج على مرجعية السجَّان!../ بسام الهلسه

 

الرد (الإسرائيلي) على قبول فلسطين عضواً في "منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة"- اليونيسكو، لم يتأخر: وقف تحويل أموال الجمارك المستوفاة من الفلسطينيين للسلطة، والقرار ببناء ألفي وحدة استيطانية جديدة في القدس الشرقية.

 

أما رد أميركا التي فشلت جهودها في منع قرار قبول فلسطين في "اليونيسكو"، وصوتت ضده، فتمثل بوقف مساهمتها المالية المقررة للمنظمة الدولية.

 

لكن هذا ليس سوى البداية، وعلينا، أن نتوقع منهما فعل ما هو أكثر، ما دامتا تصرَّان على أن المفاوضات المباشرة هي فقط ما تسمحان به. ذلك أن المفاوضات المباشرة، التي تم تكريسها منذ مفاوضات أوسلو وما تلاها من اتفاقات وتفاهمات، تسمح  للسجَّان (الإسرائيلي) بأن يعلن أنه محب للسلام، فيحاور "السجناء" المعتقلين لديه، فيما هو يحقق معهم! وتسمح للدولة الإمبريالية الأولى في العالم "الولايات المتحدة" بالتظاهر بأنها مجرد وسيط  سلام نزيه و"فاعل خير"، لا همَّ له سوى التقريب بين المتخاصمين وتأليف قلوبهم! فيما هي منحازة (لإسرائيل) أكثر حتى من (الإسرائيليين) أنفسهم!

 

وما يزعج (إسرائيل) والولايات المتحدة، هو أن "السجناء" الذين افترضوا أنهم قد أحكموا إغلاق الأبواب عليهم، قرروا- بعد كل ما قدموه ولم ينالوا شيئاً بالمقابل- عرض مظلمتهم على طرف آخر غيرهما هو الأمم المتحدة ومنظماتها. وهذا- في حد ذاته- مسار لا يجب التهاون إزاءه.

 

فالأصل في الفلسطينيين، والعرب عامة، أن لا يخرجوا عن "طوع" أميركا و(إسرائيل)، اللتين يجب أن تظلا المرجعية الوحيدة لهم مهما حدث، وأياً كانت مدة ونتائج المفاوضات وما يسمى بالعملية السلمية. لهذا، فإن اللجوء إلى الأمم المتحدة، إنما هو تعبير عن انعدام الثقة فيهما، وتشكيك في إخلاصهما للسلام الذي لا تحرصان على شيء قدر حرصهما عليه! وهو ما يعرفه العالم أجمع عنهما: منذ النكبة، وحتى آخر عدوان على غزة!

 

صحيح أن المفاوضات -إن جازت التسمية- لم تكن سوى وسيلة لكسب الوقت وفرض الوقائع الاحتلالية على الأرض، وأن "العملية السلمية" ليست أكثر من اسم فني ابتكر لتجريد العرب من المقاومة وتصفية حقوقهم، فيما ظلت أميركا و(إسرائيل) تمارسان هوايتهما في ارتكاب ما تشاءان من اعتداءات وحروب، لكن الخروج عن طاعتهما لا يمكن قبوله، وبخاصة وأنه يأتي في وقت غير ملائم لهما ابداً! فالمكسب الدبلوماسي الذي تحقق في اليونيسكو، وقبله صفقة تبادل الأسرى، قد يفتح عيون وشهية الفلسطينيين على الاستخفاف (بإسرائيل) المنزعجة من تآكل قدرتها على الردع حسبما يردد خبراؤها الإستراتيجيون. ومن جانب آخر، قد يستنتج بعض "الحسَّاد" و"المشاغبين" في المنطقة والعالم، أنهما-أميركا و(إسرائيل)- في حالة ضعف، وغير قادرتين على إملاء إرادتهما على طرف ضعيف محاصر كالفلسطينيين، فما بالك بمن هو أقوى منهم، ممن لديه الرغبة في اقتناص الفرصة، ويستطيع الرد عليهما إذا ما اعتدتا عليه؟

 

للحق، وإذا ما أردنا أن نكون منصفين، فإن وجهة نظرهما تبدو "معقولة"! وبخاصة إذا ما تذكرنا أن حكام الدول العربية سبق لهم وأن أعلنوا أن السلام هو خيارهم الإستراتيجي الوحيد. وقد برهنوا فعلاً على أنهم أصحاب مبادئ لا يحيدون عنها مهما جرى، فتبنوا منذ سنوات مبادرة معروفة ما زالوا يعلنون جهاراً نهاراً أنهم متمسكون بها، رغم "زعلهم" من (إسرائيل) و"عتبهم" على أميركا -أحياناً- نظراً لعجزهما عن القيام بما هو مرجو ومنتظر منهما، وهو ما يسبب لهم الإحراج تجاه شعوبهم!

 

ولا ينبغي لأحد أن يستنكر هذا السلوك "المبدئي" الراسخ، فهذا من مقتضيات الأمانة التي لا يمكن أن يفرطوا بها حتى يأذن الله! ونحن لا نرتاب بهم! فلعلهم يتمثلون بخطاب المُحِب المعاتِب الذي قاله "أبو الطيب المتنبي" للأمير "سيف الدولة الحمداني":

"يا اعدل الناس، إلا في معاملتي= فيك الخصام، وأنت الخصم والحكم!"

التعليقات