04/11/2011 - 20:15

"أمواج الحرية" وإرادة النضال../ عوض عبد الفتاح

لا بدّ من استعادة إرادة النضال كاملة، وتحريرها من القيود التي فرضها أوسلو ونهجه

قد لا يجلب الأسطول البحري "أمواج الحرية" إلى شواطئ فلسطين ضمن حملة كسر الحصار عن قطاع غزة، الإثارة التي رافقت أسطول مرمرة قبل عامين والذي تعرض لهجوم اسرائيلي دموي راح ضحيته تسعة من المناضلين الأتراك، وتسبب بأزمة جدية بين تركيا وإسرائيل.
 
ولكن هذا الإصرار والعناد من جانب المتضامنين وأنصار الحرية الأجانب والعديد من العرب، له دلالات ومعانٍ هامة بالنسبة لمسيرة التحرر من الاحتلال وكافة أشكال الاستغلال والظلم. والاسم الذي اختاره المناصرون "أمواج الحرية" يدلل على استمرارية النضال، وليس فقط على كون سفن الحرية ستتلاحق على شكل موجات ومراحل. كما أن لذلك دلالات بالنسبة للتفاعل بين المضطهدين في جميع بقاع الأرض، في ضوء الثورات العربية وامتدادها إلى دول الغرب وإلى قائده العالم الرأسمالي – الولايات اللمتحدة.
 
أعادت إسرائيل التأكيد على نيتها التصدي لهذه السفن ومنعها من تحقيق غاياتها. ولكن بمجرد قيام إسرائيل بهذه الخطوة القمعية، يكون الأسطول قد حقق غايته. وهذه الغاية هي أن يبقى الحصار الإجرامي لمليون ونصف المليون فلسطيني تحت الضوء. وأن يجري تذكير العالم بوحشية نظام الأبارتهايد الاسرائيلي، الذي لا بدّ وأن يأخذ عقابه في نهاية المطاف. وحول هذا الحراك تتسع دائرة التضامن والمساندة عالميًا (على المستوى الشعبي – وإلى حد ما على المستوى الرسمي لدى بعض دول الغرب). وهذا يعني أن إسرائيل دائمًا في حالة خسارة على المستوى الأخلاقي والمعنوي. وهذه الخسارة المتتالية والتدريجية لن تتوّج بخسارة نهائية إلا من خلال العمل الدؤوب والنفس الطويل المناهض للحصار وللاحتلال وبالارتباط مع حركة النضال الوطني والصدام المباشر مع الاحتلال.
 
أي أن الوصول إلى الغاية النهائية، أو تحقيق مكاسب نوعية مرحلية، أيضًا مشروط بتطورات القرار السياسي الفلسطيني وبالحركة على الأرض.
 
ويتساءل الكثيرون حول وجهة المجابهة السياسية والدبلوماسية مع أمريكا وإسرائيل التي بدأتها السلطة الفلسطينية، والتي يجب أن تشكل كسرًا مع النهج الذي ساد على مدار العقدين الماضيين بل أكثر، وليس إعادة إنتاج هذا النهج بأشكال أخرى. إن المضيّ في هذه المجابهة التي تجلت حتى الآن في إعادة ملف القضية الفلسطينية إلى الأمم المتحدة، والحصول على العضوية في منظمة اليونسكو، ينتج ديناميات وتفاعلات على مستوى الداخل والخارج.
 
إن أسوأ ما يمكن أن تواجهه حركات التضامن العالمية مع القضية الفلسطينية هو العلاقة التطبيعية مع الاحتلال والتنسيق الأمني، وضع العراقيل أمام مقاطعة وحصار إسرائيل عالميًا وبقاء الساحة الفلسطينية منقسمة على نفسها.
 
ولذلك فإن المسار الذي بدأ وإن كانت وجهته أو غايته المحددة ليست واضحة، ينبغي أن يندرج نحو إعادة تشكيل بنية القرار الفلسطيني بما يتسق مع حركة تحرر وطني تناضل من أجل تخليص شعبها ووطنها من الاستعمار والكولونيالية.
 
لا بدّ من استعادة إرادة النضال كاملة، وتحريرها من القيود التي فرضها أوسلو ونهجه.

التعليقات