01/03/2012 - 16:15

الإعلام وجرائم الشرف../ مصطفى إبراهيم

يذكرنا خبر وفاة امرأة بظروف غامضة الأسبوع الماضي في مدينة غزة بجريمة قتل أربع فتيات، من بينهن ثلاث شقيقات، في قطاع غزة بطريقة بشعة، وقد تم التمثيل بجثثهن بطعنات سكين في أنحاء مختلفة من أجسادهن. إحداهن ذبحت كالخراف بطريقة مهينة، في شهر تموز/ يوليو 2007، واختلفت الروايات عن سبب قتلهن، ولم يتمكن أحد من معرفة السبب الحقيقي وراءه، وتبين لاحقا أنهن قتلن على خلفية ما يسمى "شرف العائلة" من بعض أقاربهن

الإعلام وجرائم الشرف../ مصطفى إبراهيم
يذكرنا خبر وفاة امرأة بظروف غامضة الأسبوع الماضي في مدينة غزة بجريمة قتل أربع فتيات، من بينهن ثلاث شقيقات، في قطاع غزة بطريقة بشعة، وقد تم التمثيل بجثثهن بطعنات سكين في أنحاء مختلفة من أجسادهن. إحداهن ذبحت كالخراف بطريقة مهينة، في شهر تموز/ يوليو 2007، واختلفت الروايات عن سبب قتلهن، ولم يتمكن أحد من معرفة السبب الحقيقي وراءه، وتبين لاحقا أنهن قتلن على خلفية ما يسمى "شرف العائلة" من بعض أقاربهن.
 
وفي ذلك الوقت لم يكن وجود للنيابة العامة التي لم تحضر عملية التشريح مع الطب الشرعي، وفي ظل عدم صدور تقارير عن النيابة العامة حول هذه الجرائم تزداد الشائعات والتكهنات حول جرائم قتل النساء في قطاع غزة.
 
وفاة المرأة تناولته وسائل الإعلام بطريقة غير مهنية ومهينة أساءت للمرأة وعائلتها وللنساء عامة، وظلمت المرأة بعد وفاتها كما كانت مظلومة في حياتها، حيث أثبت تقرير الطب الشرعي أنه لا وجود لأي آثار تعذيب أو أي علامات أخرى على الجثة، ما يعني ان الوفاة قد تكون طبيعية أو لأسباب اخرى.
 
عدد من وسائل الإعلام اعتمدت على الشائعات في تناول الخبر حول طريقة وفاتها وقبل أن يصدر أي تقرير عن سبب وفاتها من قبل الطب الشرعي، وساعد ذلك تصريح صحفي من قبل الشرطة تأكد فيه أن قوة من الشرطة عثرت على جثة فتاة مقتولة خنقا بلف منديل حول عنقها.
 
بعض الصحافيين والصحافيات بالغوا في نقل الخبر، واعتمدوا على الشائعات وشهود عيان لم يكونوا موجودين في المكان وفي وقت العثور على الجثة، ومنهم ومنهن من قال إنها كانت ملفوفة بقطعة قماش وألقيت من سيارة على مكب للنفايات.
 
ظاهرة قتل النساء في المجتمع الفلسطيني قديمة جداً، وأخذت أشكالاً وأبعاداً مختلفة تحت شعار التخلص من العار الذي يلاحق العائلة، ودائماً كانت المرأة هي الضحية، من دون البحث في التفاصيل، وكثير من هؤلاء ذهبن ضحية الوشاية أو الشبهة، من دون معرفة الحقيقة وإن تم التعرف على الحقيقة فقد تكون الجريمة قد ارتكبت وفقدت الضحية حياتها وهي بريئة، ذهبت ضحية تقاليد بالية وضعف القانون وغياب سيادته.
 
لم يهم من تناقلوا خبر وفاة السيدة وأسبابها بقدر ما همهم، بقصد أو بدون قصد، إثبات أن السيدة قتلت على خلفية ما يسمى "شرف العائلة" والتشكيك في الجهات المختصة وربما يكون هذا حقهم في ظل غياب الثقة بينهم وبين الجهات المختصة والأجهزة الأمنية ونقص المعلومات، واعتمدوا على الشائعات وكان عليهم البحث والتقصي والانتظار قليلا أو الاتصال بالشرطة والجهات المختصة وانتظار التحقيقات لمعرفة السبب الحقيقي.
 
قتل النساء في المجتمع الفلسطيني قائم وله حضور، ولا يزال المجتمع الفلسطيني يعاني من أمراض وآفات اجتماعية بدءاً من القتل باسم شرف العائلة والزواج المبكر والاعتداءات الجنسية المختلفة المخيفة، وبعضها لا يتحدث عنها المجتمع أو الضحايا، ومع مقتل كل فتاة أو امرأة على خلفية ما يسمى "شرف العائلة" تطوى جريمة قتل كباقي نحو 100 ضحية من النساء اللواتي قتلن منذ العام 2005، حتى نهاية شهر كانون الثاني (يناير) 2012.
 
الصحافيون مطالبون بتحري الدقة والبحث والتقصي والتعامل بمهنية للوصول للحقيقة، وعدم التسرع في نشر الأخبار والتأكد منها، كما ينبغي أن يكون الخبر متسما بالحيادية والشفافية، وعدم المبالغة في مثل هذه القضايا لما لها من آثار سلبية خطيرة على المجتمع وعلى عائلات الضحايا، مع ضرورة تناول تلك الجرائم في إطارها القانوني والاجتماعي وحقوق الإنسان للحد من هذه الظاهرة، ودعم وتعزيز دور المرأة في المجتمع من خلال تبني قيم وأخلاق واحترام حقوق الإنسان، والمساواة بين الرجال والنساء.
 
وعلى الجهات الحكومية المختصة خاصة الأجهزة الأمنية والشرطية أن تعزز الثقة بينها وبين الصحافيين ويكون دورها أكثر شفافية وقبولا للصحافيين وتزويدهم المعلومات بحرية وشفافية عالية وإيجابية، وبناء أواصر الثقة بيينهم وبين الصحافيين والناس في تزيدهم بالمعلومات الصحيحة لأهمية ذلك في بناء اتجاهات حول ظاهرة القتل على خلفية الشرف لتغيير تلك العادات القاتلة.

التعليقات