03/03/2012 - 11:36

حنين زعبي تعيد وضع النقاط على الحروف../ نضال وتد

وكان أول من وضع النقاط على الحروف في السياق الذي وضعته حنين في المقابلة مع القناة الثانية، وقبل نحو عقد من الزمن، المفكر د. عزمي بشارة. وقد وضعها في سياق سلسلة مقالات تحليلية نشرها في صحيفة فصل المقال بلغة متلاحمة وغير مبتورة، ثم أتبعها بكتاب الخطاب المبتور

حنين زعبي تعيد وضع النقاط على الحروف../ نضال وتد
وكان أول من وضع النقاط على الحروف في السياق الذي وضعته حنين في المقابلة مع القناة الثانية، وقبل نحو عقد من الزمن، المفكر د. عزمي بشارة. وقد وضعها في سياق سلسلة مقالات تحليلية نشرها في صحيفة فصل المقال بلغة متلاحمة وغير مبتورة، ثم أتبعها بكتاب الخطاب المبتور.
 
 لهذا كله ثارت ثائرة التيارات المركزية في السياسة الإسرائيلية، وليس فقط اليمين المتطرف. فلا يمكن مثلا تصنيف الصحافي بن كاسبيت ضمن دائرة اليمين المتطرف، بل هو يكتب من قلب الإجماع الإسرائيلي، وكاسبيت المعروف بجديته ومهنيته،اختار هذه المرة وفي سياق حنين زعبي أن يتنازل عن كثير من المحاذير والإجراءات الدقيقة في كتابته الصحفية، ويبدو أن منطق حنين زعبي، وثقتها بنفسها قد هز ثقة بن كاسبيت بنفسه و"بعربيه الإسرائيلي" الجديد الذي يطيب له اقتباسه من حين لآخر.
 
فقَد كاسبيت توازنه، و"موازنته المفترضة" فسارع إلى "تقريظ "حنين المسيحية" بحالتها لو عاشت كمسيحية في مصر أو سوريا( وفي سياق حنين أو أي عربي في البلاد فإن الهوية الدينية لا تساوي شيئا في عيون بن كاسبيت ما دام الولاء القومي يطغى عليها)، ثم سارع إلى ترديد ما ظن أنه محرج لحنين مدعيا أن حنين تتبجح ضد إسرائيل فيما يصفق رفاقها للأسد. وبغض النظر عن الموقف من جماعة الأسد عندنا، فإن المحك هنا هو هذه السهولة حتى عند من يعتبر "أيقون" في الصحافة الإسرائيلية إلى التخلي عن واجب البحث والتمحيص قبل الكتابة لأن هذا الفرض الصحافي يصبح من الكماليات "لزوميات ما لا يلزم" عند الحديث عن سياسي عربي.
 
واضح أن ما أفقدَ بن كاسبيت ورفاقه، ليس فقط في اليمين الإسرائيلي، هو ثقة حنين بموقفها ومشروعها، فهي رفضت محاولات إحراجها بالمواقف السياسية لأقربائها في بدايات الستينيات والسبعينيات، واكتفت بالقول إن العربي الإسرائيلي المشوه الذي حاولت إسرائيل خلقه لم يعد له وجود ( بالمناسبة أختلف معها في هذه النقطة وأدعي أن هناك أكثر من عربي مشوه يظن أن شرعيته مرهونة بالتصفيق لكون الصهيونية الحل الوحيد لعذابات اليهود وبشائع النازية)، وردها الصاع بالصاع عندما سألت كوشمارو هل تعرف كم يوازي راتبي من الكنيست من مجمل ما سلبته الدولة من أراضي عائلتي، وهو سؤال عندما وجهته حنين خرج من الخاص إلى العام، فكل ما استثمرته الدولة أو دفعته مؤسسة التأمين الوطني لكل عربي في البلاد لا يقارن بما نهبته سلطاتها من أراض وأملاك وعقارات...
 
السؤال الذي طرحته حنين ردا على سؤال كوشمارو أفقد الكثيرين توازنهم ليس لأن حنين لا تعترف بحق إسرائيل بالأمن، فهم يعلمون أنه ما دام هناك احتلال لا يمكن أن يتوقعوا أن يكون هناك أمن، ولكن لأن سؤال حنين هذا وحده كان كفيلا بوضع الأمور في نصابها، لان أراضي عائلة حنين المصادرة وهي نقطة من بحر أراض عربية صادرتها إسرائيل منذ تأسيسها، هي التي تعطي هذه البلاد هويتها الأصلية وهي التي توضح مقولة عزمي بشارة التي باتت مأثورة ( بل إن أحدهم يحاول نسبها لنفسه، تماما مثلما سرق "ضحوية" غالب مجادلة وضحوية القاضي سليم جبران بحجة أن هناك من راقبه أكثر من مرة ليرى ما إذا كان يغني هتكفا) وهي أن إسرائيل تبقى أكبر عملية سطو في التاريخ الحديث، وأنه بدون مصالحة تاريخية مع صاحب الحق ستبقى إسرائيل تعيش في قلق وجودي وهوس أمني غير محدودين.
 
حنين زعبي أعادت وضع النقاط على الحروف مرة أخرى، ولأنها فعلت ذلك استحقت غضب إسرائيل الرسمية والإعلامية، لكنها تستحق اليوم تقدير أهل البلاد الأصليين، وتستحق احترام مواقفها بالذات لأنها لم تختبئ خلف مقولات آخرين بأن أقوالها أخرجت من سياقها فخطابها واحد سواء كان بالعربية أم بالعبرية، في الناصرة أم في الكنيست، وفي أم الفحم أم في رام الله...

التعليقات