06/03/2012 - 11:04

هنا الناصرة.. نتحداكم../ ممدوح كامل أغبارية

إننا في التجمع الوطني الديمقراطي لا نتظاهر ونتصدى انطلاقا من التشكيك بحق باروخ مارزل وجوقته بالتظاهر، فالحق بالتعبير الديمقراطي لجميع البشر، إنما نقوم بالتظاهر، ونؤكد على تحديهُم ، لنُشيرَ دون هوادة إلى جريمة العنصرية

هنا الناصرة.. نتحداكم../ ممدوح كامل أغبارية
تغلقُ الناصرة أبوابها كلّ يوم أحد، فهي عطلة أهل البلد الأسبوعية، أملاها عليهم تاريخها العريق ورمزيتها الدينية كمدينة السيد المسيح ومريم العذراء عليهما السلام، وقد توافق على ذلك كل سكان البلد متآخين موحدين حول هويتهم القومية والوطنية، لا يفرقهم أي انتماء ديني، ويقوم أهلها من مسلمين ومسيحيين باقتلاع الأعشابِ الضارة كل ما حاولت النموّ بينهم.
 
الأحد القادم ستغلق الناصرة أبوابها أيضا، من منطلقاتٍ مغايرة، يعضدها التآخي بين الجميع والالتحام والوحدة، حماية لكرامة بلدهم الناصرة على تعدد أطيافها الدينية وأحزابها السياسية، وصونا لأبنائها ومن يمثلهم ويعيش بينهم من أبناء الحركة الوطنية، وتيارهم القومي التقدمي الحر.. أبناء الشعب الفلسطيني.
 
"زَفَت" الشرطة نبأ قدوم قطعان اليمين العنصري إلى الناصرة عبر وسائل الإعلام، وأبلغت التجمع الوطني الديمقراطي عن ذلك رسميا، وذلك بعد أن صادقت المحكمة لهم التظاهر أمام بيت النائبة حنين زعبي ومقر التجمع الوطني الديمقراطي في الناصرة.
 
يقع تحرك اليمين العنصري ذلك ضمن تحركات الأحزاب الاسرائيلية قبل الانتخابات القادمة، والتنافس المحموم بينها على الفوز بتأييد المجتمع الاسرائيلي الذي يجنح كل يوم نحو العنصرية، والذي يحرك تلك القطعان، شرعية التجمع الشعبية والقانونية وإباؤه في طرح خطاب سياسي قومي ديمقراطي، يؤكِد على أن حماة الديار انطلقوا وانعتقوا من مشروعٍ مفاده "إنجاز البقاء"، إلى مشروعٍ يسعى للبناء، عبر تنظيم المجتمع العربي وانتخاب جسم قومي ديمقراطي يحفظ تطلعاته، يتمثل بلجنة متابعة منتخبة، أو برلمان عربي مستقل.
 
كما استطاع التجمع نزعَ قناع الديمقراطية عن الحركة الصهيونية التي تتغنى به، ومقارعتها دوليا بخطاب ديمقراطي تتصدره المطالبة بإلغاء رموز "دولة اليهود"، وإحقاق دولة كل مواطنيها، خطاب ذي لونٍ واحد لا يتغير مع ترجمته من العربية إلى العبرية، ولا يتباين بجوهرِ مضامينِه ما بين مدينة الطيبة وتل أبيب.
 
خرجت أصواتٌ في الأيام الأخيرة بعد أن صمتت دهرا ونطقت كفرا، منها انهزامي وآخر على غير دراية، طالبت التجمع وجماهير شعبنا العربي بعدم التصدي والتظاهر في وجه باروخ مارزل وزُمرة اليمين معه، وتركهم ليتظاهروا بهدوء وليدنسوا الناصرة ويرحلون.
 
إننا في التجمع الوطني الديمقراطي لا نتظاهر ونتصدى انطلاقا من التشكيك بحق باروخ مارزل وجوقته بالتظاهر، فالحق بالتعبير الديمقراطي لجميع البشر، إنما نقوم بالتظاهر، ونؤكد على تحديهُم ، لنُشيرَ دون هوادة إلى جريمة العنصرية.
 
إننا ضد العنصرية وإفرازتها من اليمين واليسار الصهيوني، ولسنا ضد حق أحد بالتظاهر أو زيارة الناصرة، حيث أن مظاهرة اليمين الديني المتطرف ليست إلا حضورالأحد ركائز الفكر الصهيوني العنصري، والذي يقع في صلبهالإيمان المطلق والعنصري بنيويا وجوهريا،بأنالأشخاصذويالديانةاليهوديةهمقوممميز مختار،وأنهذهالدولةلابدلهاأنتكونيهودية، وأن يبقى فيها اليهود، وبأي ثمن،أغلبيةسكانيةلهاالسيطرةالسياسيةوالجغرافيةوالعسكريةفيبقعةالأرضالتياختارتهاالحركةالصهيونيةموقعاللدولةاليهودية، وبالتالي يحقُّ لها أن تطردَ وتسجِنَ وتُعاقبَ كلّ من يناضل ضد ذلك، وإن بسُبُلٍ ديمقراطيّة، بغضّ النّظر عن كونهم أصحابها الأصليين، أهل البلاد، أبناء المثلث والجليل والنقب، وقرى الساحل العرب.
 
باتت دولة الاحتلال الاسرائيلي تتغنى بعنصريتها، وليس كما في أيامٍ خلت، حيث استترت فيها وراء قناع الديمقراطية والحقوق الليبرالية للمواطنين، إذ زعزعت صيرورة العولمة وإفرازتها من دمقرطة النظام السياسي وبروز الهويات الضيقة، الحيز الديمقراطي الزائف، لتطغى فيها هويتها الإثنية وتنتصر على مستوى الممارسة والشعار، فوجدنا أن الدولة سنت قوانين عنصرية في السنة الأخيرة بوتيرة لم نعرفها على مدار 63 عاما، وقد طالت تلك التشريعات حتى المجتمع اليهودي نفسه، من قوانين تحاصر الإعلام (إغلاق القناة العاشرة، وقانون السب والتشهير الإعلامي)، وأخرى ضيقت الخناق على مؤسسات المجتمع المدني اليسارية (قانون الجمعيات)، وممارسات تقضي بتهميش المرأة (بيت شيمش)، والمصادقة مجددا على قانون منع لمّ الشمل للعرب، وكانت هناك سلسلة قوانين أسقطت ورقة التوت الأخيرة عن زيف الجانب الليبرالي لهوية النظام السياسي في دولة الاحتلال، آخرها كان محاصرة جهاز القضاء وتحديد صلاحيات محكمة العدل العليا، وتتويج ذالك بتعيين القاضي المستوطن آشر غرونيس ضمن طاقمها، رغم إقرار كل المواثيق الدولية على عدم الشرعية القانونية للمستوطنين، بالإضافة إلى إفراز عصابات يهودية تٌنَكّل بالمجتمع العربي، أطلقت على نفسها عصابات "جباية الثمن".. وكل ذلك مؤشرات خطيرة تستدعي منا اليقظة ودراسة منطلقات الحملة القادمة ضد الحركة الوطنية، ليكون باستطاعتنا وبمقدورنا استباق المؤسسة ومخططاتها، وسيكون باستطاعتنا فعل ذلك إن تنظمنا.
 
وقَّعَ المجتمع العربي في السنوات الأخيرة مرّتينِ على وثيقة الكرامة والتصدي للمأفون مارزل والعنصرية في ظلِ حكومة نتانياهو- ليبرمان العنصرية، في رهط وأم الفحم، وستكون المرة الثالثة يوم الأحد القادم في الناصرة، ضد مظاهرة اليمين التي تعنون المرحلة القادمة من ملاحقة الحركة الوطنية.
 
هنا الناصرة.. نتحدّاكم.

التعليقات