09/03/2012 - 01:29

العنصرية تنبح والمشروع يسير/ عرين هواري

المشكلة ليس أن „صغار” القبيلة هم فقط من يحاول منافسة „الأخ الأكبر”، بل كبار قادتها وزعمائها؛ فلا أسنان ولا قوة لشخص واحد ولا لمجموعة أفراد، لكن زعماء القبيلة هم القانون وهم السيف وهم الجلاد. فيجتمع الولد الأزعر، مع مسؤول مكتبة القرية، مع المدرس، مع المحاضر، مع الباحث، مع الكاتب، مع الشاعر، مع المغني، مع المذيع، ومعهم جميعاً زعماء القبيلة، ليعيدوا إنتاج ذاتهم عبر التنافس على معاداة مواطني البلاد الأصلانيين. هذا، وكلما تقدمت الدولة العبرية في الزمن اشتد النباح المسعور وأصبح الصوت الشارع الإسرائيلي المركزي وصوت حكوماته المدججة بالأسلحة.

العنصرية تنبح والمشروع يسير/ عرين هواري

 

لو كانت القضية منحصرة في شخص باروخ مارزل لما كلفنا أنفسنا عناء الرد، أو حتى جهد الالتفات إليه والتظاهر ضده. لكننا نعرف أن القضية أكثر من ذلك؛ فالمشكلة ليست فيه، إنما بسيِّده وصانعه الذي يملك أسناناً تعض وتقتل. 
 
نعرف مارزل وزمرته من الأوباش منذ زمن بعيد؛ وهي ظاهرة تعيد انتاج نفسها منذ وفدت إلينا الدولة العبرية. أيضاً العنصرية البغيضة والفاشية التي ترعرع عليهما هذا الشخص ليست بجديدة. فالعنصرية ظاهرة طبيعية متأصلة بالكولونيالية والاستعمار. الممارسة العنصرية هي واقع مرتبط بالدولة العبرية منذ بدء التنظير لها، مروراً بإقامتها واستمراراً حتى يومنا هذا. 
 
ليس ثمة معنى وليس ثمة خطر في عنصرية أفراد هامشيين، إنما تكمن خطورة العنصرية في قدرة أصحابها على التنفيذ. فقد يغضبنا الولد الأزعر بشتائمه وتهديداته ولكننا عادة لا „نكيّل بصاعه”، نسمع بذاءته ونواصل سيرنا. ولكن عندما يتكالب جميع زعماء القبيلة والغالبية الساحقة من أفرادها، حول هذا الولد الأزعر، بعتادهم سلاحهم وقوانينهم ومؤسساتهم،  وحين يصبح صوته الصوت المركزي الممثل للدولة العبرية، بل الصوت الوحيد الذي يلم شمل القبيلة عندها فقط يُقرع ناقوس الخطر.   
 
ففي „عالم الواقعية الإسرائيلية” الذي يحظى فيه برنامج تافه كـ”الأخ الأكبر” بأكبر قسط من المشاهدة ويستقطب جميع الفئات، فلا شيء يمتلكه ابن القبيلة لينافس به سوى معاداة وكراهية العرب والتحريض على قتلهم واقتلاعهم من وطنهم. 
 
المشكلة ليس أن „صغار” القبيلة هم فقط من يحاول منافسة „الأخ الأكبر”، بل كبار قادتها وزعمائها؛ فلا أسنان ولا قوة لشخص واحد ولا لمجموعة أفراد، لكن زعماء القبيلة هم القانون وهم السيف وهم الجلاد. فيجتمع الولد الأزعر، مع مسؤول مكتبة القرية، مع المدرس، مع المحاضر، مع الباحث، مع الكاتب، مع الشاعر، مع المغني، مع المذيع، ومعهم جميعاً زعماء القبيلة، ليعيدوا إنتاج ذاتهم عبر التنافس على معاداة مواطني البلاد الأصلانيين. هذا، وكلما تقدمت الدولة العبرية في الزمن اشتد النباح المسعور وأصبح الصوت الشارع الإسرائيلي المركزي وصوت حكوماته المدججة بالأسلحة.
 
هذا النباح لا يستهدف حنين زعبي بذاتها، بل لذاتها؛ أي أنه يستهدف الصوت الذي تأتي به حنين. صوت يستفز لأنه صوت حق، صوت تقض له مضاجع جميع العنصريين. لو صح اختزال المشروع الذي تحمله حنين زعبي وجميع قيادات التجمع بكلمتين لقلنا إنه صوت إنساني وديمقراطي. فهو مشروع داع لوقف الاحتلال وتحرير الشعب الفلسطيني، وهو داع لاقامة دولة تكون لكافة المواطنين، وهو مشروع داع لاحترام هويتنا واحترام ذاكرتنا التاريخية والاعتراف بالغبن الذي لحق بشعبنا، وهو مطالب بحق شعبنا في عودته الى وطنه. هو مشروع يطالب بتحرير السجناء السياسيين، وهو مشروع داع لحياة كريمة لشعب على أرضه، هو مشروع يدعو لسلام عادل وحياة مشتركة بين العرب واليهود دون احتلال ودون صهيونية. 
 
سيتصدى أهل الناصرة وكذلك اهل ام الفحم وسخنين والطيبة وعكا لمارزل وثلة الأوباش، ليس فقط من أجل الدفاع عن حنين زعبي، وإنما من أجل الدفاع عن المشروع العادل الذي تحمله حنين والحركة الوطنية. سيقف أبناء شعبنا في الداخل ويتصدون، كما فعلوا دائما، ولن يسمحوا لمارزل وعصابته من الزرعان بالاقتراب ليس فقط من منزل النائبة حنين زعبي ومقر التجمع، ولكنهم لن يسمحوا لهم بالدخول الى شوارع الناصرة، لان شعبنا شعب أبي، ولأن بلادنا ليست مشاعا، ولأن مدينتنا اجمل من أن تدوسها اقدام همجية.
 
وكما ان وقوفنا ليس فقط دفاعا عن حنين، فإن تصدينا ليس فقط تصديا لمارزل، انه تصد لحكومة اسرائيل التي لا تنفك تسن القوانين العنصرية، وهو تصد للشارع العنصري الذي يحرض علينا يوميا، وهو رفض لشرطة اسرائيل التي تصرح للفاشية بالدخول الى بلداتنا وتتجند لحمايتها.   
 

التعليقات