26/03/2012 - 11:04

أنا سأضرب في يوم الأرض../ هبة يزبك

بموجب نظرية "لكل فعل رد فعل مساوٍ له بالمقدار" تقوم المؤسسة الاسرائيلية بسن القوانين العنصرية كمحاولة لمواجهة الحراك الوطني، الثقافي والسياسي الفلسطيني العام في الداخل بعد أن فشلت بمحاولاتها الاخرى المتعددة. وطالما أن فعل الدولة العبرية تجاه الفلسطينين منذ النكبة متمثل بالتهجير والتضييق، وطالما أنه متمثل بعنصرية متنامية واقتلاع مستمر، فبناء على نفس النظريه أعلاه فإن رد الفعل الفلسطيني لا يمكن أن يكون أقل شدةً وأقل تصعيداً!، بحيث أن مواجهة العنصرية بحاجة لنضال، مواجهة الاقتلاع تستوجب التشبث، مواجهة التقنين العنصري تستوجب العصيان، ومواجهة دولة محتلة تستوجب قيادة وطنية جريئة تجيد المواجهة وتبث التعبئة وتقود النضال!

أنا سأضرب في يوم الأرض../ هبة يزبك
بموجب نظرية "لكل فعل رد فعل مساوٍ له بالمقدار" تقوم المؤسسة الاسرائيلية بسن القوانين العنصرية كمحاولة لمواجهة الحراك الوطني، الثقافي والسياسي الفلسطيني العام في الداخل بعد أن فشلت بمحاولاتها الاخرى المتعددة. وطالما أن فعل الدولة العبرية تجاه الفلسطينين منذ النكبة متمثل بالتهجير والتضييق، وطالما أنه متمثل بعنصرية متنامية واقتلاع مستمر، فبناء على نفس النظريه أعلاه فإن رد الفعل الفلسطيني لا يمكن أن يكون أقل شدةً وأقل تصعيداً!، بحيث أن مواجهة العنصرية بحاجة لنضال، مواجهة الاقتلاع تستوجب التشبث، مواجهة التقنين العنصري تستوجب العصيان، ومواجهة دولة محتلة تستوجب قيادة وطنية جريئة تجيد المواجهة وتبث التعبئة وتقود النضال!
 
لجنة المتابعة العليا لقضايا الجماهير العربية، أقيمت لكي تكون سقفاً سياسياً ووحدوياً وتمثيليلاً  منذ بداية سنوات الثمانينيات، ربما في حينه كان تشكيل لجنة المتابعة هو فعلاً خطوة تصعيدية تنظيمية ضرورية لشؤون الفلسطينين في الداخل، ولكن التعامل مع المسار النكبوي المستمر والمتصاعد ضد الفلسطينين باصدار موقف وتوزيع بيان وتنظيم مظاهرة ترافقها الجوقة الخطابية لا يمكن وضعه سوى في خانة البؤس السياسي العام!
 
لا شك أن مبنى لجنة المتابعة بصيغته وتركيبته الحالية، يحد من إمكانيات كونها هيئة متشعبة ومؤثرة في داخل المجتمع، بحيث أن دورها لا يتعدى كونه سياسياً تمثيلياً، فهي لا تدير شؤونا اقتصادية ولا اجتماعية وليست هيئة للتشريعات القانونية، فحول أفق ومبنى ودور لجنة المتابعة تعددت الاجتهادات، ولكن أضعف الإيمان أن تقوم بدورها الحالي، فإن لم تعلن لجنة المتابعة الإضراب في يوم الأرض فمتى ستعلنه؟! وهل يجوز النقاش السنوي المستمر وأجواء الاضطراب حول إعلان الإضراب أم عدمه؟ وهل يجوز تجيير القرار بموجب فئة أعلنت اندماجها في المجتمع الإسرائيلي منذ زمن ولا ترى بالنضال القومي أولوية؟! في الوقت الذي يتوجب الإعلان عن يوم الأرض سنويا كيوم إضراب وطني عام كخطوة نضالية متقدمة.
 
وإن لم نعتبر إحياء ذكرى النكبة أو يوم الأرض أو ذكرى هبة القدس والأقصى أياما وطنية مفصلية منها ما يستدعي الإضراب كجزء من عملية تشكيل الوعي الفلسطيني العام، فهل من بدائل إبداعية طُرحت؟ هل من أداة أقوى من الإضراب كموقف سياسي؟!
 
إضرابنا كفلسطينين في هذه البلاد لم يصل بعد لأن يكن إضرابا عماليا كسائر الإضرابات الروتينية الدارجة لدى أغلبية شعوب العالم، ليس إضرابا ضد سياسات أقصاء اقتصادي، نحن لسنا مؤثرين فعلاً في السوق الاقتصادي، نحن المتأثرين والأكثر ضرراً، ليس لكون أبناء مجتمعنا هم مضطهدون طبقياً كما يعتقد البعض، إنما لكونهم جزءا من شعب يعاني من مخطط إقصاء مباشر على أساس تمييز قومي وعرقي ممنهج أولاً وأخيراً، لذلك على نضالاتنا أن تنطلق تصدياً لمحاولات الاقتلاع العرقي والقومي لوجودنا، فمعركتنا هي معركة بقاء ووجود كشعب أصلاني أولاً وقبل كل شيء.
 
 إعلان الإضراب، هو دون شك ليس قضية تقنية، وليس مجرد قرار سياسي، بقدر ما هو جزء من رؤيا وطنية ثقافية وتثقيفية تحتاج لعمل تعبوي متواصل يعتمد على التواصل المباشر مع المواطنين، إشراكهم ومشاركتهم وحثهم على الحراك وتحريك مشاعر الحرقة تجاه قضاياهم. ليعتبر الإضراب أقصى أدوات الاحتجاج السياسي شرط أن يتم التعامل معه بجدية، حيث يمسي غير مجد التعامل مع إعلان الإضراب على شرف يوم الأرض لمجرد الاحتجاج على ما صودر من أرضٍ قبل 36 عاما دون التعاطي مع ثقله كيوم سنوي لتسجيل الموقف السياسي الوحدوي كأقل تعبير إزاء العنصرية وتداعياتها وإزاء الاحتلال المستمر.
 
إن لعدم إعلان الإضراب في يوم الأرض رسالة، كما أن لإعلان الإضراب رسالة!! بحيث تكون الرسالة واضحة المعاني، متحدية ومواجهة للمؤسسة الإسرائيلية وسياساتها الاقتلاعية المستمرة، وأيضاً رسالة أخرى لا تقل أهمية لأبناء وبنات مجتمعنا، رسالة تحمل قيم الثبات والبقاء والتشديد على الهوية الوطنية واستمرار التصدي.
 
تتشبث الشعوب فيما تتشبث، وتحديداً المضطهدة والمحتلة منها، في إحياء أيامها الكفاحية، في إبراز رموزها الوطنية وإبقاء الذاكرة الجماعية حية، نابضة ومؤثرة في سيرورة بناء المجتمع وتحديد وجهته. ونظرا لأهمية الذاكرة الجماعية ورموزها تدرك الدولة العبرية أن للرموز الوطنية أهمية كبرى في تنشئة الاجيال وزرع روح الانتماء والتصدي في نفوس مواطنيها، ولهذا السبب تعمل جاهدة على محو الأعلام والرموز الوطنية والتاريخ من مناهج التدريس الفلسطيني وانتزاعها من الحيز العام، من منطلق إدراكها للقوة الكامنة في التشبث بالرموز الوطنية ومساهمتها في تنشئة أجيال تساهم في رفع الوعي الوطني. تاريخ الفلسطينيين يشير إلى أنهم ليسوا بحاجة لابتداع سيناريوهات بطولية أو كفاحية، هم فقط بحاجة لإدراج مفصليات الذاكرة الجماعية ضمن أولويات القيم الأخلاقية العليا لبناء شعب يعتز بوجوده ويناضل لبقائه ويتصدى لمحاولات التشويه، لأنه من غير الممكن بناء الهوية الثقافية والقومية دون إدراك الذات الجماعية، تاريخها، معالمها ورموزها.
 
 
إن دور الهيئات السياسية القيادية العليا هو رفع سقف النضال السياسي والاجتماعي وتطويره وتنجيع وضمان استمراريته، وليس إحباط ما هو قائم من تقاليد وأسس نضالية. الحاجة تقتضي الإبداع في النضال وليس إحباطه! الحاجة تقتضي نضالا يترفع عن الفئوية ويخاطب الأجيال الشابة التي لم تعد تكتفي بأقل من ذلك! النضال يقتضي مجاراة الأحداث اليومية للمواطنين وتسييس تعاطيهم مع وجودهم.
 
 لا شك أن أبناء شعبنا منهكون من السياسات الإقصائية التي يصطدمون بها يومياً بشكل مباشر أو غير مباشر لتجعل همهم الوحيد في الحياة توفير لقمة العيش كنتيجة لسياسة الإفقار الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، ولكن طالما أن الوعي الجماعي لسياسة الاضطهاد العام الموّجه لم تتحول لقضية جماعية للشعب، فعملية تغييرها لن تتم لأنها ستبقى بمستوى الوعي الفردي الذي لن يطور ذاته ولن يكن الهم الوطني العام شأنه.
 
على اللجنة الاصغاء لنبض الشارع، وأن تُقيّم أداءها بموضوعية، وأن تطور منظومتها واستراتيجيات عملها قريبة المدى والبعيدة. الحاجة باتت ملحة لأن تكون هذه اللجنة منتخبة، أن تفكر مجدداً بمركباتها، وأن تمثل الرغبة الحقيقية للأغلبية، وتضمن التمثيل الملائم للشباب والنساء والمناطق المختلفة، وفتح باب التنافس ثم العمل والحراك والمحاسبة أيضاً، فالبديل ليس اللجان شعبية ولا الأطر المدنية، بل هي المُكمل، الحاجة باتت ملحة أكثر من أي وقت مضى، فالتصعيد بالعنصرية يحتاج للتصعيد بالمواجهه!
 
رغم أنه في سنوات مضت أحياناً لم يعلن الإضراب، إلا أنه في ظل تولي اليمين الصهيوني الفاشي زمام الحكم، وتباعاً للنهج الاستيطاني الاستعماري المتصاعد، بات من المُلح بل من الواجب إعلان الإضراب لأن المخاطر تتفاقم بحق كل فرد منا. ولأن الخطر يداهم وجودي على أرضي، لأن التصدي لمخطط برافر يجب أن يستمر، لأن لي موقفا داعما لنضال وصمود هناء شلبي وأسرى الحرية والمعتقلين الإداريين، لأني ضد حصار غزة، لأن حق العودة في خطر، لأن محاولات تشويه هويتي وطمسها مستمرة، لأني أرفض الاحتلال، لأني أرفض العنصرية، لأني أرفض أن أكون تابعة لقرارات سياسية تمتهن تاريخ شعبي وكفاحه، لأني أريد مستقبلاً متحدٍيا يعانق الكبرياء، لأن نضالي شرعي وموقفي السياسي واضح، لأن يوم الأرض هو يوم نضال سياسي جامع، ولأن الموقف الوطني لا يحتاج لاملاءات: أنا سأضرب في يوم الأرض!

التعليقات