02/04/2012 - 09:47

لستَ وحدَك يا خليل../ نضال وتد

لستَ وحدك يا خليل لأن رفاقك أمس في الجامعة وشباب بلدك الذين جاؤوا إلى المحكمة يعتبرون أنك سفيرهم في الموقف السياسي والوطني، وسفيرهم في الواجب الوطني، ولأنهم جميعا مثلك يحملون هم التعليم الجامعي محطة في طريق بناء الشخصية الوطنية ورسم المستقبل لمجتمعنا وشعبنا. مستقبل يقوم على بناء إنسان لا يتعلل بالوظيفة وفقدانها إذا لبى نداء الوطن والضمير والإنسان، ولا يقبل "باستهبال عقله"، بأنه إذا "سار الحيط الحيط وقال يا ربي الستيرة" سيحظى بالخير كله

لستَ وحدَك يا خليل../ نضال وتد
هذا ما أعاد اكتشافه ليلة أمس أستاذنا الجليل، والمربي الفاضل، محمد خليل غرة، والد رفيقنا في التجمع الوطني الديمقراطي خليل، عند باب المعتقل خارج مقر محكمة الصلح في القدس، عندما وجد عشرات أخوتك ورفاقك ورفيقاتك في التجمع الطلابي في القدس بانتظار عرضك على النيابة العامة، وعندما شعرنا، رغم برودة ليل القدس بدفء التفاف أبناء بلدتنا الذين جاؤوا أيضا ليكونوا في استقبالك عند تحررك من المعتقل، لكن إصرار النيابة على تلفيق التهم الباطلة وتمديد الاعتقال ورغم أنه أصابنا ببعض الخيبة والألم إلا أنه كما تعرف يا خليل لم يكن مفاجئا، وكان رد أستاذنا الجليل، أبو خليل هو الرد الذي تتوقعه من مربي أجيال ومعلم وقبل كل شيء أب واثق بولده، فخورٌ بصلابته ابنه.
 
لكني يا خليل أكتب هذا لا لأقول لك مجرد شعار بأنك لست وحدك، فأنا على يقين أنك وأهلك تعلمون علم اليقين أنك لست وحدك فأهل بلدك معك، ورفاقك في الحزب والجامعة معك، مثلما أنت معهم، وأبناء بلدتك معك، وشعبك معك لأنك، بكل بساطة عندما تنخرط في عمل سياسي وطني تعلنها على رؤوس الأشهاد أنك مع شعبك، وأنك ترفض أن يحاولوا إخضاعك او إرهابك، أو إقناعك بتبني العقلية المشوهة، عقلية الضعيف والمهزوم القائلة: إمشِ الحيط الحيط وقول يا رب الستيرة"، كما نقول بلهجة قريتنا.
 
ولعلك يا خليل أعلنت رفضك لهذه العقلية المشوهة ومن يحاول بالترغيب والترهيب إقناعك بها، لتقول لهم بكل إباء وشموخ إنك كما رفاق حزبك وإخوانك ورفيقات حزبك وأخواتك، إنك تعرف أن حياتنا ومستقبلنا مرهونة ليس بالشهادة والوظيفة، بل إن المستقبل يبنى بالشهادة والسيرة العملية التي نبنيها بكل إباء وشموخ وبدون مساومات، وأن دورنا في الجامعات لا يكون فقط بنهل العلم، بل أيضا وبالأساس وانطلاقا من وعينا الوطني ببناء شخصيتنا الوطنية وهويتنا القومية وانتزاع حقنا بالتعليم والعمل دون أن نساوم.
 
ولكن لماذا أوجه لك هذا الكلام يا خليل وأنت تعرفه وتدركه كما رفاقنا الشباب بالحزب؟ في الحقيقة أريد أن أوجهه لولدي نزار، ولأخواته بيروت وبيسان ورونق، حتى يروا فيك قدوة الشاب المتعلم المثقف الذي لا يختبئ في سكن الطلاب ولا وراء هموم الدراسة، عندما يناديه الواجب الوطني والقومي، ولا يقول مهمتي أن أتعلم وأعود بالشهادة أولا، لأنه كما تعرف يا خليل ما نفع الشهادة مهما علت قيمتها، إذا كان صاحبها يحمل ورقة مطرزة لكنه فارغ الانتماء، أجوف المشاعر الوطنية والقومية، خال من كل مسؤولية تجاه بلده وشعبه.
 
لستَ وحدك يا خليل لأن رفاقك أمس في الجامعة وشباب بلدك الذين جاؤوا إلى المحكمة يعتبرون أنك سفيرهم في الموقف السياسي والوطني، وسفيرهم في الواجب الوطني، ولأنهم جميعا مثلك يحملون هم التعليم الجامعي محطة في طريق بناء الشخصية الوطنية ورسم المستقبل لمجتمعنا وشعبنا. مستقبل يقوم على بناء إنسان لا يتعلل بالوظيفة وفقدانها إذا لبى نداء الوطن والضمير والإنسان، ولا يقبل "باستهبال عقله"، بأنه إذا "سار الحيط الحيط وقال يا ربي الستيرة" سيحظى بالخير كله... ولن تجد يا خليل، من يقول لك في حزبنا إن دورك هو فقط نيل الشهادة الجامعية، فقيادة حزبنا سبقتك وفي أيام عصيبة، إلى تأسيس الحركة الطلابية رافدا من روافد الشعب، وصوتا لأهلنا ومجتمعنا، مصدر فخر، ولكن أيضا رسالة حملها كثيرون، قبلك، وتحملوا الاعتقالات والمطاردة لكنهم حملوا رسالة شعب ومجتمع، فحمل رسالتهم، هل أذكرك بهم وأنت تعرفهم، يمكنك أن تبدأ بالقائد والمؤسس د. عزمي بشارة، ود. جمال زحالقة، وأمين حزبنا عوض عبد الفتاح، هل ألفت انتباهك إلى رفيقنا د. عمر سعيد.. وقد تخونني الذاكرة فأنسى أحدا ولا أريد ذلك.
 
كما قلت يا رفيق رسالتي ليست لك ولا لأستاذنا الجليل والدك، أبو خليل، بل هي رسالة لولدي نزار، ولبناتي بيروت وبيسان ورونق فأنا ككل أب، أريد لهم مستقبلا زاهرا، وشهادات عالية، لكنني أريد لهم أن يحذو حذوك أنت ، أن يدركوا أن الانخراط بالسياسة والواجب الوطني ورفض الخوف والإرهاب، مطلوب منهم تماما كما هو مطلوب منهم الالتزام بالدراسة والعودة بالشهادة، لكنني أريدهم أن يحملوا شهادة الانتماء للمجتمع والوطن والشعب بنفس الدرجة التي أريد لهم أن يحملوا الشهادة الجامعية، وأن يعلموا عندما يصلوا للجامعة أن الإصرار على حقهم في التعليم والتعبير عن ذاتهم وآرائهم ومواقفهم حق أساسي وأنهم إذا فرطوا بواجبهم الوطني فسيظلون مهما حملوا من شهادات كالطبول الجوفاء، وهو ما لا أريده لهم.

التعليقات