23/04/2012 - 10:35

الثورة المضادة: "التغيير" بفصله الدموي../ روبرت فيسك

كان زميلي الأردني - الفلسطيني رامي خوري أول من حددّ ما يجري في الشرق الأوسط حالياً بـ"الثورة المضادة". في البحرين يُسحق الثوار. في سوريا، تُسحق المعارضة. في مصر، يترشح رئيس جهاز الاستخبارات في عهد حسني مبارك، عمر سليمان، لرئاسة الجمهورية. في ليبيا، الدولة في حالة حرب مع نفسها. في اليمن، يعود الديكتاتور السابق مرة أخرى بطريقة اخرى. الكل في الكل.. هي الفوضى الخلاقة

الثورة المضادة:
كان زميلي الأردني - الفلسطيني رامي خوري أول من حددّ ما يجري في الشرق الأوسط حالياً بـ"الثورة المضادة". في البحرين يُسحق الثوار. في سوريا، تُسحق المعارضة. في مصر، يترشح رئيس جهاز الاستخبارات في عهد حسني مبارك، عمر سليمان، لرئاسة الجمهورية. في ليبيا، الدولة في حالة حرب مع نفسها. في اليمن، يعود الديكتاتور السابق مرة أخرى بطريقة اخرى. الكل في الكل.. هي الفوضى الخلاقة.
 
لكن، لنقتبس مما قاله خوري: "وفق المنظور الأميركي، إن مفهوم الأزمة هو كمفهوم الحب، يمكنك تفسيره كما تشاء. إن ثورة مدنية دفاعا عن الحريات في البحرين هي أزمة يجب أن تُقمع بالقوة، أما في سوريا فهي ثورة مباركة تستحق الدعم. كذلك، تُحذر إيران من مدّ الحوثيين في اليمن بما يحتاجونه، فيما تنشط الولايات المتحدة في دعم المتمردين الذين تفضلهم"..
 
كما قال خوري، اليوم بات هناك مجموعة جديدة باسم "منتدى التعاون الأمني" يربط بين أميركا ومجلس التعاون الخليجي. وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، عملت على طمأنة الدول النفطية الحليفة لها لجهة "الالتزام الصلب تجاه أمن" دول مجلس التعاون الخليجي. أين سمعنا ذلك من قبل؟ ألم يكن بنيامين نتنياهو والملك السعودي المسؤولين اللذين طلبا من أوباما مساعدة مبارك في محنته؟
 
في سوريا - حيث يجهد القطريون والسعوديون لمدّ المتمردين بالسلاح - لا يبدو أن الأمور تسير لمصلحة الثورة. فبعدما قيل العام الماضي بأن "عصابات مسلحة" تهاجم قوات النظام، ها هي "العصابات المسلحة" أينما كان اليوم، وتستهدف مجموعات الرئيس السوري بشار الأسد. هذا ما يصفه بعض الثوار بـ"التراجيديا"، حيث يتهمون الدول الخليجية بالتشجيع على التسلح.. "ثورتنا كانت نقية ونظيفة.. والآن باتت مجرد حرب"... أصدّقهم.
 
أعتقد أنها مراقبة حزينة لما يجري. لكن يمكن القول إن بعض الثورات التاريخية في العالم العربي لم تقم تماماً وفق خطة واضحة. قبل بضعة أيام، احتفل الجزائريون بالذكرى الـ50 لانتصارهم على الفرنسيين. عرض التلفزيون الفرنسي وثائقياً مفصلاً عن النضال الذي راح ضحيته ما لا يقل عن نصف مليون شخص.. ولكن علام حصل العرب بعد معركة مماثلة؟ مجرد ديكتاتور، نخبة فاسدة، رقم مخجل للبطالة، وكمية نفط كافية لجعل الجزائر تنافس السعودية - لو نجحت الثورة الجزائرية بالفعل لكانت لعبت هذا الدور.
 
ثورة جمال عبد الناصر لم تكن ناجحة بالضبط. ربما حقق عبد الناصر ذلك على المستوى الشخصي، إلا أن خلفاءه كانوا فظيعين. قادوا مصر وكأنها جزء من ممتلكاتهم الخاصة، معرّضين بلادهم لحربين ضد إسرائيل.
 
أفق مليء بالتشاؤم.. أظن أن الصحوة العربية ستبقى مستمرة حتى بعد مماتنا. لكن في نهاية المطاف، ستكون هناك حريات حقيقية في الشرق الأوسط. نعم. الكرامة لجميع شعوب المنطقة. وسيخالج الجيل المقبل شعور بالدهشة حيال جيل آبائهم وأجدادهم الذين تسامحوا مع الطغاة لفترة طويلة.
ترجمة دنيز يمين
"السفير"

التعليقات