04/06/2012 - 11:57

مؤامرة على حق العودة../ د. فايز رشيد

توجه 30 سيناتورا من مجلس الشيوخ الأمريكي، بمشروع قرار يطلب من وزارة الخارجية الأمريكية الإجابة عن "كم من الخمسة ملايين لاجىء فلسطيني، ممن يتلقون مساعدات حاليا من وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين –الأونروا- هم حقا أشخاص نزحوا من من بلادهم في الأراضي الفلسطينية المحتلة أو من إسرائيل؟ وكم منهم هم فقط من نسل هؤلاء النازحين أو أحفادهم؟"

مؤامرة على حق العودة../ د. فايز رشيد

توجه 30 سيناتورا من مجلس الشيوخ الأمريكي، بمشروع قرار يطلب من وزارة الخارجية الأمريكية الإجابة عن "كم من الخمسة ملايين لاجىء فلسطيني، ممن يتلقون مساعدات حاليا من وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين –الأونروا- هم حقا أشخاص نزحوا من من بلادهم في الأراضي الفلسطينية المحتلة أو من إسرائيل؟ وكم منهم هم فقط من نسل هؤلاء النازحين أو أحفادهم؟".

الذي يتبنى هذا الطرح السيناتور الجمهوري مارك كيرك، المعروف بدعمه الكبير لإسرائيل، وذلك خلال جلسة للجنة المخصصات في الكونغرس، بهدف تقليص مساعدة الولايات المتحدة، للأونروا والبالغة 250 مليون دولار سنويا.

باختصار فإن مشروع القرار يهدف إلى تقليص عدد اللاجئين من خلال التساؤل: "إذا ما كان هناك 5 ملايين لاجىء فلسطيني، أم أنهم 30 ألفا فقط؟". من جانب آخر قررت اللجنة "توجيه وزيرة الخارجية الأمريكية إلى تقديم تقرير لها خلال مدة زمنية لا تزيد عن عام واحد، بعد تشريع هذا القرار،على أن يتضمن الأمور التالية:


1- الرقم التقريبي لمن تلقى خدمات في العام الماضي من الأونروا، ممن كان مكان إقامتهم فلسطين بين حزيران ( يونيو ) 1946 وأيار ( مايو ) 1948، ثم نزحوا كنتيجة للصراع العربي – الإسرائيلي؛
2- رقم تقريبي لنسل أو أحفاد هؤلاء المذكورين في البند الأول؛
3- إلى أي مدى يؤدي توفير هذه الخدمات لهؤلاء الأشخاص إلى زيادة في "المصالح الأمنية للولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها في الشرق الأوسط"؛
4- المنهجية والتحديات التي رافقت إعداد التقرير، بحسب نسخة من الطلب نشرتها صحف أمريكية.

الواضح مما سبق أن مشروع القرار الأمريكي يهدف إلى اعتبارعدد اللاجئين الفلسطينيين 30 ألفا فقط، وبذلك لا بد من تقليص المساعدات للأونروا التي بدورها ستقلص المساعدات التي ستقدمها للاجئين الفلسطينيين.

إن مشروع القرار الأمريكي يهدف إلى ضرب قرار الأمم المتحدة رقم 194، الذي ينص على حق عودة اللاجئين الفلسطينين الى وطنهم وديارهم. المشروع الأمريكي يأتي بالتناغم مع الرفض الإسرائيلي لتنفيذ هذا القرار، ومن أجل الضغط على الفلسطينيين بالتخلي:عن حق العودة، والرضوخ للحل الإسرائيلي.

أيضا قبل بضعة أشهر، ومثلما تبين بضغوط أمريكية، أرادت الأونروا تغيير اسمها إلى اسم آخر، تلغي فيه كلمة لاجئين من الاسم. بالطبع ليس صدفةً أن يأتي ذلك في ظل شكوى الأونروا من تقليص في ميزانيتها نتيجة لعدم دفع الدول المانحة لما يترتب عليها من مستحقات مالية سنوية للوكالة، الأمر الذي أدّى إلى تردي واضح في خدماتها التعليمية والصحية والخدمات الإنسانية الحياتية الأخرى للاجئين المشرّدين عن وطنهم لما ينوف عن الستة عقود، يذوقون فيها المعاناة الطويلة والقاسية جرّاء التهجير الصهيوني لهم. لاجئو شعبنا تنبهوا إلى هذه المؤامرة، واحتجوا عليها بشدة في كل مواقعهم، الأمر الذي أدى الى تراجع الأونروا عن تغيير الاسم.

من جانب آخر: وبرغم مناشدة الدول العربية في عامي 1949،1948 للجمعية العامة للأمم المتحدة، من أجل إنشاء وكالة دولية لحماية اللاجئين الفلسطينيين وتقديم الخدمات الحياتية لهم وتشغيلهم حتى إتمام عودتهم إلى وطنهم، قررت الأمم المتحدة وبتدخل أمريكي-أوروبي حينها أن يقتصر الاسم على"إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين" دون حمايتهم (والحماية تعني فيما تعنيه تحمل مسؤولية إعادة اللاجئين إلى وطنهم فهكذا تتعامل الأمم المتحدة من خلال: الوكالة الدولية للاجئين مع لاجئي الدول الأخرى في العالم أجمع، ولم تُعط هذا الحق للفلسطينيين). واليوم تأتي الحلقة الثانية من المؤامرة بتصفية الخدمات التي تقدمها الأونرا للاجئين، ووصولاً إلى تصفية حق العودة لهم. ووصولا إلى الغاء كلمة لاجىء فلسطيني من القاموس السياسي الدولي.

من واجب السلطة الفلسطينية وعموم الفلسطينيين في كل مناطق تواجدهم: الاحتجاج على هذه المؤامرة، التي تستهدف حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى بلدهم. من واجب الدول العربية وبخاصة تلك التي تستضيف هؤلاء اللاجئين، الاحتجاج أيضا على مشروع القرار الأمريكي، ومن واجب الهيئات والمنظمات الحقوقية العربية العمل لإفشال اتخاذ هذا القرار وتمريره، والاستعانة بالمنظمات الحقوقية الدولية لمنع التآمر على الأونروا وعلى حق عودة اللاجئين.

مهما حاولت إسرائيل والولايات المتحدة وأعوانهما تمرير المؤامرات لشطب حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى وطنهم وديارهم ومدنهم وقراهم، فلن يستطيعوا وسيفشلون، فشعبنا حيثما يتواجد في الوطن وفي الشتات، متمسك بهذا الحق، شاءت هذه الأطراف أم أبت. والأجيال الفلسطينية الجديدة تصر على عودتها بإصرار أكبر من سابقاتها من الأجيال، وما زالت تحتفظ بكواشين أراضيها ومفاتيح بيوتها حتى هذه اللحظة، وأعداد الجيل الحالي من اللاجئين يفوق أضعافاً أولئك النفر من مهجري شعبنا الذين شُردوا كلاجئين في مختلف أصقاع العالم. وحق العودة لا يسقط بالتقادم.
 

التعليقات