16/06/2012 - 19:07

من وطن المآسي إلى وطن العدالة/ جمال زحالقة

المطلوب تحديد إنهاء الهيمنة الصهيونية كالهدف المركزي بال التعريف، بالضيط كما كان الهدف في جنوب أفريقيا هو إنهاء الابرتهايد، وبعدها جرى الحديث عن حلول وسط. ومن الهدف المركزي تشتق استراتيجيات العمل، وهي ترتكز أساسا إلى نضال فلسطيني شعبي وشامل، مسنوداً بدعم دولي، لمحاصرة النظام الإسرائيلي، الذي لا يختلف جوهرياً عن نظام الابرتهايد في جنوب أفريقيا.

من وطن المآسي إلى وطن العدالة/ جمال زحالقة

كشفت وسائل الإعلام في الأسبوع المنصرم عن إجراء سري قامت كشفت وسائل الإعلام في الأسبوع المنصرم عن إجراء سري قامت به سلطات الاحتلال الإسرائيلي، خلال الفترة الممتدة بين احتلال 67 حتى إقامة السلطة الوطنية الفلسطينية عام 94، وجرى بموجبه سحب حق الإقامة من أكثر من ربع مليون فلسطيني، اعتماداً على إجراءات قانونية سنها الاحتلال للقيام بتخفيف عدد الفلسطينيين في الضفة والقطاع.

في الأسبوع الماضي أيضاً، كشف النقاب عن مشروع قانون في الكونغرس الأمريكي لإعادة تعريف مصطلح "لاجئ"، وسحبه عن الجيل الثاني والثالث من اللاجئين، وذلك في إطار محاولة مفضوحة لطمس قضية اللاجئين.  وقد استغلت عضو الكنيست، عينات ويلف، من حزب "عتصمؤوت"، الذي يتزعمه إيهود براك، نفوذ اللوبي الصهيوني لإقناع عدد من أعضاء الكونغرس بتبني هكذا تعديل للقانون وتقليص المساهمة الأمريكية في تمويل وكالة غوث اللاجئين الأونرا، على أساس أن عدد اللاجئين قد تقلص تبعاً للتعريف الجديد!

في نفس السياق قامت سلطات الاحتلال الإسرائيلي في القدس بسحب هويات أكثر من 7 آلاف مقدسي، بادعاء أنهم قضوا فترة تزيد عن سبع سنوات خارج القدس.  وفي نفس السياق أيضاً تمنع إسرائيل منذ العام 2002، لم شمل 20 ألف عائلة فلسطينية من طرفي الخط الأخضر، وذلك استناداً إلى قانون المواطنة العنصري، الذي وصفته كل منظمات حقوق الإنسان في العالم بأنه عنصري بامتياز.

حين نضيف إلى هذه كله، أن منع اللاجئين عموماً من العودة إلى وطنهم، هو ليس فقط ترحيل وسلب للحقوق والممتلكات، بل أيضاً إجراء فصل عنصري، يمنع أهل البلاد من دخول مناطق معينة في بلادهم وفي كثير من الحالات في بلادهم كلها. نجد أن الأبرتهايد الإسرائيلي، وإن اختلف في بعض تفاصيله ابرتهايد جنوب أفريقيا، فهما بالتأكيد من نفس العائلة، ولهما سمة الكولونيالية العنصرية، التي تعتمد استغلال البلاد وسلب حقوق أهلها الأصليين.

إجراءات الفصل العنصري هي لب المشروع الصهيوني, وهي تجري للتحكم بالتوازن الديموغرافي، كشرط مسبق إلزامي لإقامة الدولة اليهودية وللمحافظة على الطابع اليهودي للدولة اليهودية.  ومن الواضح أن اصطدام "الدولة اليهودية" كمفهوم وكممارسة بواقع الوجود الفلسطيني، وبواقع رفض الاستسلام الفلسطيني، ينتج بالضرورة "جرائم بحق الشعوب"، كما يعرفها القانون الدولي. 

نحن بصدد مشروع كولنيالي لم يكن بالإمكان القيام به إلا بالتهجير والفصل العنصري، بالعنف وبالقوة، وأيضاً بالكذب والتضليل، فإسرائيل هي مدرسة في نشر التضليل السياسي وقلب الأسود أبيضاً، في محاولة مركبة ومعقدة لتبرير جريمة طرد شعب من وطنه والاستيلاء على هذا الوطن.
السؤال كيف نواجه هذا كله؟ بالتأكيد، "أنت لا تجني من الشوك العنب"، ولا يمكن أن يكون هناك حل حقيقي، وتسوية متوازنة، وسلام فعلي ومصالحة تاريخية، ما دام النظام الذي أنتج الكوارث قائماً، لذا يجب استهداف جذر المشكلة، وهو بالتأكيد الهيمنة الصهيونية التي أتاحت وتتيح كل هذه الجرائم.

المطلوب تحديد إنهاء الهيمنة الصهيونية كالهدف المركزي بال التعريف، بالضيط كما كان الهدف في جنوب أفريقيا هو إنهاء الابرتهايد، وبعدها جرى الحديث عن حلول وسط. ومن الهدف المركزي تشتق استراتيجيات العمل، وهي ترتكز أساسا إلى نضال فلسطيني شعبي وشامل، مسنوداً بدعم دولي، لمحاصرة النظام الإسرائيلي، الذي لا يختلف جوهرياً عن نظام الابرتهايد في جنوب أفريقيا.
نهاية الهيمنة الصهيونية هي شرط مسبق لنقل وطننا الحبيب والجريح من وطن المآسي إلى وطن العدالة!

التعليقات