09/07/2012 - 13:24

فرض الخدمة المدنية على عرب 48../ د. فايز رشيد

أقرت حكومة بنيامين نتنياهو بتشكيل لجنة وزارية ونيابية (لجنة بلاسنر) لغرض فحص أشكال فرض الخدمة العسكرية والمدنية على الأصوليين اليهود، الذين يحصلون على الإعفاء من الخدمة لأسباب دينية وليست سياسية (كما يدّعون)

فرض الخدمة المدنية على عرب 48../ د. فايز رشيد

أقرت حكومة بنيامين نتنياهو بتشكيل لجنة وزارية ونيابية (لجنة بلاسنر) لغرض فحص أشكال فرض الخدمة العسكرية والمدنية على الأصوليين اليهود، الذين يحصلون على الإعفاء من الخدمة لأسباب دينية وليست سياسية (كما يدّعون).

الحكومة الإسرائيلية في ذات الوقت أرادت انتهاز الفرصة لفرض "خدمة مدنية" على الشباب من فلسطينيي 48 وإحالة بحث هذه المهمة إلى اللجنة!

من المعروف أنه وفي بداية تشكيل دولة إسرائيل وفي السنوات القليلة التي تلت ذلك: بحثت الحكومات الإسرائيلية المتتالية فرض الخدمة العسكرية على فلسطينيي 48، إلا أنه وبناء على التشكيك في إخلاصهم لدولة إسرائيل، ولأسباب أمنية بحتة جرى استبعادهم من أداء الخدمة العسكرية. فقط تم فرض هذه الخدمة على المواطنين العرب الدروز والتعليل الإسرائيلي لذلك: (أن الدروز ليسوا عرباً). كما تستغل إسرائيل كذلك بعض الأفراد من العرب وتقوم بتوظيفهم في الجيش، وفي أماكن بعيدة عن إمكانية تشكيل أحد منهم خطراً على إسرائيل.

لجنة المتابعة العليا للعرب في الداخل رفضت المسعى الإسرائيلي في فرض الخدمة المدنية، وقالت في بيان أصدرته "إن اللجنة ترفض ما يسمى بالخدمة المدنية وبكل مسمياتها وصيغها المطروحة، وسياق ارتباطها بالمؤسسة الأمنية"، ذلك أن "الخدمة المدنية" للفلسطينيين من مسؤولية وزارة الحرب الإسرائيلية.

إسرائيل التي تدّعي (الديموقراطية) جعلت من أداء الخدمة العسكرية مدخلاً لنيل الكثير من الحقوق (التعليمية والسكنية وأخذ القروض وغيرها)، بمعنى أن إسرائيل جعلت نيل الحقوق المدنية مشروطاً بأداء الخدمة العسكرية. والعادة في الدول الديموقراطية فإن نيل الحقوق المدنية للمواطن لا يكون مشروطاً بأي شرط، هذا أولاً. ثانياً: فإن إسرائيل تريد الخدمة المدنية للشباب العربي كبديل للخدمة العسكرية في الجيش الذي يقوم بذبح الفلسطينيين في كافة أماكن تواجدهم بمن فيهم عرب منطقة 48، ولذلك فإن وزارة الدفاع الإسرائيلية هي التي ستحدد طبيعة وشروط وأماكن هذه الخدمة! بمعنى آخر ترى إسرائيل في هذه الخدمة للشباب العرب جزءاً من التزام العرب تجاه وزارة الحرب الإسرائيلية التي تقوم بارتكاب المجازر ضد العرب.

أيضاً معروف تماماً التمييز العنصري الذي تمارسه إسرائيل بحق العرب فيها، هذا باعتراف مصادر إسرائيلية منها مركز "عدالة" (المركز القانوني لحقوق الأقلية العربية في إسرائيل). ففي تقرير له يشير المركز "إلى وجود 20 قانوناً مميزاً ضد المواطنين العرب في إسرائيل، ومنها 17 قانوناً هي قوانين مميزة بشكل مباشر وصريح، تتعلق بحقوق المواطنين اليهود فقط، أو أنها تحد من حقوق المواطنين العرب في إسرائيل، أما القوانين الثلاثة الباقية، فرغم لغتها المعتدلة ونصها المحايد، فإن مدلولها غير المباشر مجحف ومميز ضد المواطنين العرب. التمييز العنصري الإسرائيلي يطال الحقوق: السياسية والدينية والتعليمية والثقافية والسكنية وامتلاك الأرض والاقتصادية والعمل، والكثير الكثير من المجالات الأخرى.

إسرائيل تحاول مثلما حاولت منذ إنشائها تهويد وأسرلة عرب منطقة 48، والقضاء على الشخصية الوطنية الفلسطينية في كافة المجالات: الثقافية والتاريخية والاجتماعية، لذلك تريد فرض الخدمة العسكرية على فلسطينيي 48، ولكن بثوب مدني تابع للمؤسسة الأمنية. إسرائيل تحاول (مثلما حاولت دوماً) القضاء على الثقافة الفلسطينية العربية لأهلنا من خلال تمرير الأضاليل والأساطير والروايات الصهيونية للتاريخ الفلسطيني، ولذلك قام وزير المعارف الإسرائيلي جدعون ساعر بإصدار قرار في 25 مايو الماضي يُلزم فيه المدارس (بما في ذلك المدارس العربية) بتدريس أيديولوجية بن غوريون ومناحيم بيغن في البرنامج الدراسي للعام 2013 ذلك بمناسبة مرور أربعين عاماً على موت الأول، ومئة عام على ولادة الثاني! تصوروا هذه الوقاحة المنقطعة النظير! يريدون للطلاب العرب أن يقوموا بتمجيد من قتل وارتكب المجازر بحقهم وأهلهم وذويهم  ومارس ضدهم التطهير العرقي واقتلعهم من أراضيهم وقام بتهجيرهم! إسرائيل بدأت في تنفيذ خطتها  هذه باعتبارها "دولة لليهود" فقط وباعتبارها دولة يهودية لذا تريد فرض الخدمة عليهم لهذه الدولة.  

أهلنا في منطقة 48 رفضوا هذا القرار جملة وتفصيلاً وأعلنوا أنهم لم يقوموا بتدريس (مآثر) الإرهابيينْ الصهيونيينْ. فلسطين كما أهلها سيظلون عصيين على التهويد والمخططات الصهيونية.
 

التعليقات