10/07/2012 - 17:18

محاولة ترهيب جماعيـة../ أنطوان شلحت

وإلى جانب هدف تشويه الهوية القومية للأجيال الفلسطينية الشابة، يبرز هدف آخر هو جعل العمل السياسي الذي لا يعترف بهذا السقف غير شرعي، وذلك ليس في نظر المؤسسة الإسرائيلية فحسب، وإنما أيضًا في نظر تلك الأجيال

محاولة ترهيب جماعيـة../ أنطوان شلحت

يشكل مسعى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لفرض "الخدمة الوطنية" التي يسوقها على أنها "خدمة مدنية" على عرب 48 بحجة "ضرورة توزيع الأعباء على الجميع"، والمدجج بتأييد شركائه اليمينيين، محاولة ترهيب جماعية للمجتمع الفلسطيني في الداخل وقواه السياسية، وخصوصًا التي تقف بالمرصاد لشتى مشروعات الأسرلة.

ولا معنى لقراءة هذا المسعى بمعزل عن تلك المشروعات التي تشهد تواترًا كبيرًا منذ هبة أكتوبر 2000 وتشترك المؤسستان السياسية والأمنية في دفعها قدمًا.
 
ووفق المفاهيم المستحوذة على هاتين المؤسستين، تنبع ضرورة الترهيب الجماعي من عجزهما عن قمع وترهيب رموز الوعي القومي للفلسطينيين في الداخل، وفشلهما في إلغاء الهوية والذاكرة الفلسطينية، ومن واقع تصميم الفلسطينيين على رفض الخضوع لسيرورة حرمانهم من محيطهم العربي، وإفشالهم سياسات سحق المشروع الوطني وفرض والأسرلة.

ومعروف أن الصيغة المتداولة إسرائيليًا حتى الآن بشأن هذه "الخدمة الوطنية"، والتي وضعتها "لجنة لبيد" بعد هبة أكتوبر 2000 وجرى تبنيها رسميًا والشروع في تطبيقها، تشدّد أساسًا على ضرورة تنمية وعي مدني في صفوف "الوسط العربي" مع الحرص على تنفيذ القوانين المحلية وبصورة خاصة فيما يتعلق بالبناء وجباية الضرائب، والحرص على رفع أعلام وشعارات الدولة على الأبنية والمؤسسات العامة، وتشجيع اشتراك أبناء "الوسط العربي" في الوظائف الحكومية، والتطوع في أطر مدنية كالحرس المدني، والمساهمة في تحسين الأجواء بين العرب واليهود عن طريق التعاون الاجتماعي والتربوي والثقافي وعلى الأخص لدى الأحداث والشباب.

وقد أكدت "لجنة لبيد" في حينه أنها على ثقة من أن تطبيق توصياتها "سوف يساهم مساهمة هامة في إزالة الترسبات والتوترات التي أدت إلى الحوادث المأساوية في أكتوبر 2000 مع الحفاظ على طابع دولة إسرائيل كدولة يهودية ديمقراطية".

وهنا يكمن بيت القصيد، الذي يعني تحديد المطالب المدنية تحت سقف الولاء للدولة اليهودية- الصهيونية، واستبعاد أي مطالب قومية جماعية.

وإلى جانب هدف تشويه الهوية القومية للأجيال الفلسطينية الشابة، يبرز هدف آخر هو جعل العمل السياسي الذي لا يعترف بهذا السقف غير شرعي، وذلك ليس في نظر المؤسسة الإسرائيلية فحسب، وإنما أيضًا في نظر تلك الأجيال.

لا أظن أن بالإمكان إعادة العجلة إلى الوراء، وخصوصًا في ضوء تبلور الإجماع في صفوف الفلسطينيين في إسرائيل على مناهضة الدولة اليهودية، وطرحهم في موازاة ذلك بدائل متعددة لهذا التعريف تلبي مطالبهم القومية والمدنية.

ولا بُدّ من أن نستعيد هنا أن ما يعنيه رفض الفلسطينيّين جوهر إسرائيل كدولة يهوديّة، كما يقول الأستاذ نديم روحانا، هو رفضهم قبول شرعيّة الدولة اليهوديّة كنظام. وبالتالي يمكن القول إن هذا المعنى سيكون على المحك في حال إصرار رئيس الحكومة على المضي قدمًا في مسعاه الرامي إلى فرض "الخدمة الوطنية"، سواء على مستوى علاقة الدولة بالمواطنين العرب، أو على مستوى حراك الأحزاب والقوى السياسية الفلسطينية في الداخل.   
 

التعليقات