24/10/2012 - 11:33

الصهيونية حالة "ابرتهايد إسرائيلي"../ د. جمال زحالقة

جاءت نتائج استطلاع نشرته صحيفة "هآرتص"، هذا الأسبوع، لتؤكد ما قلناه من أن الحالة الإسرائيلية هي حالة "أبرتهايد إسرائيلي"، له مميزاته الخاصة به، وله كل المقومات الفكرية والسياسية والشعبية والعملية للفصل العنصري كواقع وكهدف. صحيح أن النظام الإسرائيلي ليس نسخة (ولا نقول طبق الأصل، فالنسخ متبادل) عن الأبرتهايد في جنوب أفريقيا، لكنه وبالتأكيد من نفس العائلة، وهو في كثير من الأمور أسوأ من غيره من الأنظمة الكولونيالية العنصرية

الصهيونية حالة

جاءت نتائج استطلاع نشرته صحيفة "هآرتص"، هذا الأسبوع، لتؤكد ما قلناه من أن الحالة الإسرائيلية هي حالة "أبرتهايد إسرائيلي"، له مميزاته الخاصة به، وله كل المقومات الفكرية والسياسية والشعبية والعملية للفصل العنصري كواقع وكهدف. صحيح أن النظام الإسرائيلي ليس نسخة (ولا نقول طبق الأصل، فالنسخ متبادل) عن الأبرتهايد في جنوب أفريقيا، لكنه وبالتأكيد من نفس العائلة، وهو في كثير من الأمور أسوأ من غيره من الأنظمة الكولونيالية العنصرية.

الاستطلاع، بطبيعة الحال، ليس تشخيصاً شاملاً للواقع ولا هو تحليل له، بل هو انعكاس لآراء الناس حول مقومات الواقع وتشخيصهم له وموقفهم منه وتطلعاتهم بخصوصه.  السطر الأخير في استطلاع "هآرتص" هو أن غالبية الجمهور اليهودي في إسرائيل ترى أن هناك أبرتهايد جزئي وهناك رغبة في المزيد. وإذا كانت هذه هي رغبة الجمهور فلن يتخلف الساسة الإسرائيليون عن تلبيتها، خاصة وأنهم هم ليسوا أقل عنصرية منه، حتى لو لبسوا الأقنعة وتشدقوا بالديمقراطية.

المزاج العنصري في الشارع الإسرائيلي يفسر السباق على إطلاق التصريحات وسن القوانين العنصرية من قبل معظم السياسيين الإسرائيليين. هؤلاء ليسوا عنصريين فحسب، بل هم أيضاً انتهازيون يسعون إلى كسب شعبية رخيصة من خلال التحريض العنصري على العرب وعلى الأحزاب والقيادات العربية. هكذا تتحرك عجلة العنصرية في إسرائيل، القيادات تؤجج وتغذي العنصرية لدى الجمهور والجمهور من طرفه يدعم ويساند عنصرية قيادته السياسية.

في معظم ردود الفعل على نتائج الاستطلاع، جرى اتهام حكومة نتنياهو وسياساتها اليمينية المتطرفة والعنصرية بالمسؤولية عن تفشي المزاج العنصري في أوساط الجمهور الإسرائيلي.  هي بالتأكيد أججت الحقد العنصري وسنت قوانين واتخذت سياسات وقامت بخطوات عنصرية الطابع والهدف، لكنها لم تخترع العنصرية بل سارت على درب ما سبقها من حكومات، واتجهت وفق البوصلة الصهيونية التي تشير دائماً إلى جهة العنصرية. 

العنصرية الإسرائيلية ليست وليدة حالة سياسية معينة ولا هي مشتقة من توجه لهذه الشخصية أو ذاك الحزب، ولا هي نتاج لتفاعلات مرحلة معينة في الاقتصاد والمجتمع والسياسة، بل هي طبيعة النظام الإسرائيلي ذاته، ووليدة الصهيونية فكراً وممارسة.  العنصرية ليست فقط صفة من صفات النظام الإسرائيلي، بل هي بالأساس شرط وجوده، فلا وجود لإسرائيل كدولة يهودية بلا فصل عنصري، سواء كان هذا الفصل بالإبعاد والتهجير الجسدي أو بالتمييز القانوني والمعيشي.

إن النضال ضد الصهيونية هو النضال ضد العنصرية، واقتلاع جذور العنصرية هو اقتلاع جذور الصهيونية فكراً وممارسة. بالنسبة لنا نحن الفلسطينيين تحمل كلمة صهيونية نفس الشحنة السلبية التي تحملها كلمة أبرتهايد، وربما أكثر. لكن علينا أن نعترف بأننا فشلنا في إقناع العالم بأن الصهيونية والعنصرية سيان، وحتى قرار الأمم المتحدة باعتبار الصهيونية ضرباً من ضروب العنصرية، لم يعد قائماً بعد شطبه بلا معارضة عربية وفلسطينية. وإذ أن كلمة "إبرتهايد" تحمل في الوعي كل المعاني السلبية، فإن كلمة "صهيونية" هي كذلك في وعينا نحن فقط، وليس في وعي العالم. علينا أن نوضح للقاصي والداني أن هناك "أبرتهايد إسرائيلي"، وأن هذا التعبير رديف لكلمة "صهيونية". هذه مقدمة ضرورية لتفعيل نضال حقيقي ضد الصهيونية وضد استمرار وجودها. 

نتائج الاستطلاع هي مادة هامة لنزع الأقنعة وللاستثمار السياسي. فإذا كانت الحالة الإسرائيلية هي حالة "أبرتهايد"، فإن الحل أيضاً يكون بإنهاء الابرتهايد كما في جنوب إفريقيا، حيث اعتمد مبدأ أن العنصرية يجب أن تهزم لا أن تهادن. وفي مواجهة "سياسة الكراهية" نحن نضع "سياسة التحرر". 

التعليقات