22/03/2013 - 10:51

في مقاومة الأبارتهايد../ عوض عبد الفتاح

انتهى أسبوع مقاومة الأبارتهايد . لكن الأبارتهايد قائم، ويتغول ويتحصن أكثر داخل أسوار الجيتو، ويتخلى تدريجيًا عن قاموسه الديمقراطي الخاص، وكأنه يسابق الزمن لأنه يتحسس مصيره النهائي. وبالتالي فإن الحملة الآخذة بالاتساع ضده لا تتوقف بل تكتسب زخما كل يوم .فالمجتمع المدني في مختلف دول العالم، خاصة الأمريكي والأوروبي والنشطاء الفلسطينيون المنتشرون في تلك الدول، يتحملون وحدهم عبء إزالة الأقنعة عن مجمل النظام الصهيوني، وليس عن احتلاله لأراضي عام ال67.

في مقاومة الأبارتهايد../ عوض عبد الفتاح

انتهى أسبوع مقاومة الأبارتهايد . لكن الأبارتهايد قائم، ويتغول ويتحصن أكثر داخل أسوار الجيتو، ويتخلى تدريجيًا عن قاموسه الديمقراطي الخاص، وكأنه يسابق الزمن لأنه يتحسس مصيره النهائي. وبالتالي فإن الحملة الآخذة بالاتساع ضده لا تتوقف بل تكتسب زخما كل يوم .فالمجتمع المدني في مختلف دول العالم، خاصة الأمريكي والأوروبي والنشطاء الفلسطينيون المنتشرون في تلك الدول، يتحملون وحدهم عبء إزالة الأقنعة عن مجمل النظام الصهيوني، وليس عن احتلاله لأراضي عام ال67.

في السابق كان هذا العار لصيق بجنوب أفريقيا. أما اليوم وبعد أن تهاوى نظام الفصل العنصري في ذلك البلد الإفريقي عام 1994 تحت ضربات المقاومة بكل أشكالها، تتفتح العيون والعقول عل نظام أبارتهايد آخر أكثر شراسة يقتات على أنقاض شعب خضع لأبشع أصناف الفصل العنصري أي الطرد وذلك عام 1948 أي في نفس العام الذي جرى فيه مأسسة نظام الفصل في جنوب أفريقيا. إنه نظام الفصل العنصري - الكولونيالى الإسرائيلي.

بعد فشل خطة أوسلو البانتوستانية التي كان قادة حركة التحرر في جنوب أفريقيا رفضوا نموذجها البائس، وبعد تكشف نوايا النظام الصهيوني وإمعانه في القتل والنهب وتكريس الفصل والتمييز عبر الممارسات والتشريعات الجديدة، ظهر السؤال مجددا حول شرعية النظام الصهيوني برمته، بعد أن كانت الأنظار متجهة إلى الأراضي المحتلة عام 67 . حتى سنوات قليلة خلت تجاهل اللاعبون الدوليون والإقليميون وجود 20% من الشعب الفلسطيني يعيش داخل إسرائيل، تجاهلوا أو جهلوا أن علاقة الدولة العبرية معهم تكشف مجمل حقيقة النظام الصهيوني، وأن هذه العلاقة هي مفتاح فهم جوهر الكيان الإسرائيلي. ولذلك فإن لهذا الجزء من شعبنا دورا أساسيا في مواجهة الصهيونية ويجب تطويره ليصبح جزءا منسقًا من حركة النضال العالمية ضد الصهيونية.

إن قوانين الأمم المتحدة تنص على أن العنصرية غير شرعيه وأن نظام الابارتهايد غير شرعي وغير إنساني وأخلاقي وتكاتف العالم لإسقاطه في جنوب أفريقيا. .وإسرائيل كدوله يهودية وكولونيالية هي دوله عنصرية. فكيف تكاتف العالم لإنهاء نظام الابارتهايد هناك في حين لا يزال حلفاؤه يمدون إسرائيل بتكنولوجيا الموت .

معروف أن العلاقة بين النظامين كانت وثيقة في جميع المجالات ...إقرأوا ما قاله صديق إسرائيل هنريك فيروورد رئيس جنوب أفريقيا عام 1961: الصهاينة أخذوا إسرائيل من العرب الذين عاشوا هناك ألف عام. وأنا أوافق معهم (أي على احتلال فلسطين) . إن إسرائيل مثل جنوب أفريقيا هي دولة أبارتهايد.
سقط نظام الابارتهايد في جنوب أفريقيا، وقام على أنقاضه نظام ديمقراطي يستند إلى القيم الكونية،  قيم العدل والمساواة بين البشر. جرت مصالحة تاريخية وتحول هذا البلد أو هذه التجربة الرائدة إلى نموذج يستلهمه أحرار العالم والفلسطينيون في كفاحهم من أجل التحرر والديمقراطية. نحن نعرف أن المجتمع هناك يعاني من فجوات طبقية واسعة بسبب السياسات النيولبرالية المتبعة والتي أنتجت نخبا معولمة حاكمة من السود والبيض، ويتوقع أن تكون المعركة القادمة حول التحرر الاجتماعي وتحقيق العدالة الاجتماعية، والنشاط المدني المعارض ضده قائم. إن مواصلة اتباع النموذج الاقتصادي الليبرالي أفرزت نخبة فاسدة تكرس الانقسام الاجتماعي وانتشار الفقر والعنف. هذا ما حصل أيضًا في السلطة الفلسطينية ونخبها ودوائرها المحيطة، نخبة رسخت التبعية الاقتصادية والسيادية، وأبعدت الشعب الفلسطيني عن مسيرته التحررية وقيمها الوطنية والأخلاقية. وهي الآن تعيش في مأزق يعاني منه شعبنا الأمرين.

لكن لنعد إلى النموذج الديمقراطي ما بعد سقوط الأبارتهايد في جنوب أفريقيا وتحقيق المصالحة التاريخية بين السود والبيض. فهل تذكرون من سكب الدموع على سقوط هذا النظام البغيض والذي أفضى إلى نظام ديمقراطي؟ وهل تعرفون من يرتعش خوفا من الديمقراطية من أن تصل إليه وتُفرض عليه فتتفكك قبيلته وقيمها البائدة وينتهي السيف من عمله الدموي؟ هي إسرائيل وحدها التي تخشى أن ينهار الجيتو الذي بنته في فلسطين وأحاطته بالأسوار والجدار الحديدي. إن الديمقراطية بمفهومها الحقيقي هي كابوس بالنسبة لقادة إسرائيل.

هي تخشى من فقدان الامتيازات التي انتزعتها من أصحاب الوطن الأصليين. من فقدان مكانة السيد.

في ظل هذا العجز الفلسطيني الرسمي وتآكل المشروع الوطني الفلسطيني، وفي ظل الانحدار المتواصل نحو التطرّف والعنصرية في إسرائيل، حكومة ومجتمعًا، ومواصلة الدعم الامبريالي الأمريكي لإسرائيل فإن لحركة المقاطعة العالمية (وفي صلبها حركة المقاطعة الوطنية الفلسطينية) دورا هاما في إزالة القناع كليًا عن نظام الأبارتهايد – الكولونيالي الإسرائيلي.

التعليقات