15/05/2013 - 12:24

في ذكرى النكبة: جديدان قديمان../ طارق خطيب

يبدو أنّ الخطوة الجديدة للأحزاب، أحرجت الجبهة مجدّدا، تباعًا لإحراجات كثيرة في قضايا كثيرة، وبعضها مهم ومصيري على مستوى المجتمع الفلسطيني عموما، منها "انتخاب لجنة المتابعة" مع كل العثرات والسيناريوهات المضخّمة التي وُضعت تنبؤًا لتنفيذ الفكرة، أو سينايوهات الفشل الأكيد "لمشروع الوحدة الانتخابي" في انتخابات الكنيسيت المنصرمة، والّذي بلغ ذروته آنذاك، كمطلب جماهيريّ حارق، على طاولة الأحزاب، أو رفضها المتكرر وبعشوائية، لإعلان الإضراب في ذكرى شهداء أكتوبر بحجة عدم جاهزية المجتمع الفلسطيني، وأمور كثيرة أخرى!

في ذكرى النكبة: جديدان قديمان../ طارق خطيب

كما في كلّ سنة، تتهافت المبادرات على إقامة نشاط ميداني في القدس، في ذكرى النّكبة بتاريخها الميلادي، والّذي لا شك تؤجج فكرة إقامته –كما نتخيّل- ذكرى توحيد القدس، بصيغته الإسرائيلية، أو صيغة استكمال احتلال القدس بصيغتنا نحن، دون أن يكون لها أي صدى إعلامي لا قبل ولا بعد، هي المبادرات –للأسف- وهذا قديم !

الجديد هذه السّنة، أن المبادة الّتي طفت الى السطح "قادمون يا قدس" كانت وحيدة، ومنظّمة لوجستيّا –نسبيّا-، وفيها تقاطع حزبي فصائلي على مستوى المنظمين الشّباب، دون إطار حزبي منّظِم، إضافة إلى كونها مبادرة لا حزبيّة، وفي هذا نضوج ومبادرة وبعد رؤية نحترمها ونقدرّها ونثمّنها عاليا وغاليا عند رفاقنا المبادرين جميعا، في مناسبات كهذه، تخص الذاكرة الفلسطينية جمعاء، في مناسبة هي الأهم فيها!

الجديد أيضًا، أن الأحزاب العربيّة بغالبيّتها: التًجمّع الوطني الّيمقراطي، الحركة الإسلاميّة الشماليّة والحركة الإسلاميّة الجنوبيّة، أبناء البلد، الحزب الديمقراطي العربي والحزب القومي العربي، جميعها، دعمت هذه المبادرة، وأثنت عليها وعلى المبادرين لها، ودعت جماهيرها وأعضاءها إلى المشاركة فيها، وطالبت رئيس المتابعة، بتبنيها واعتبارها المناسبة المركزية في هذه الذكرى، بعد أن كانت طالبت في اجتماع المتابعة قبل الأخير –كعادتها- بإحياء الذكرى في مكان آخر. بعيدا عن قراءة هذا الدّعم مطولا -متناولين أبعادا جديدة في قراءة العمل الحزبي والعمل الميداني الشبابي والجدليّة والتراتبية بينهما- فإنه أيضا وبدون أدنى شكّ، دعم مبارك، قوي بوحدته، كبير بسنده، ولو انّه جاء متأخرّا.

الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، كانت الوحيدة التي رفضت المشاركة في هذا البرنامج على مستوى البيان الموحد والدعوة للجمهور، وكانت قبل هذا، الوحيدة التي رفضت إحياء ذكرى النكبة بتاريخها الميلادي، بادّعاء أن المتابعة والمجتمع الفلسطيني قاموا بإحياء الذكرى الخامسة والستين نفسها من خلال مسيرة العودة السنوية، وأنّ هذا كافٍ.

يبدو أنّ الخطوة الجديدة للأحزاب، أحرجت الجبهة مجدّدا، تباعًا لإحراجات كثيرة في قضايا كثيرة، وبعضها مهم ومصيري على مستوى المجتمع الفلسطيني عموما، منها "انتخاب لجنة المتابعة" مع كل العثرات والسيناريوهات المضخّمة التي وُضعت تنبؤًا لتنفيذ الفكرة، أو سينايوهات الفشل الأكيد "لمشروع الوحدة الانتخابي" في انتخابات الكنيسيت المنصرمة، والّذي بلغ ذروته آنذاك، كمطلب جماهيريّ حارق، على طاولة الأحزاب، أو رفضها المتكرر وبعشوائية، لإعلان الإضراب في ذكرى شهداء أكتوبر بحجة عدم جاهزية المجتمع الفلسطيني، وأمور كثيرة أخرى!

من جهة، واضح برنامج الجبهة الديمقراطية للسّلام والمساواة بكل اللّغات -في هذا السياق- بأنه يسعى لأن يتم الاعتراف بالقدس الغربية كعاصمة لدولة إسرائيل، وبالقدس الشرقية كعاصمة لدولة فلسطين المستقلة، وذلك في إطار إتفاق السلام الدائم والثابت. تضمن الاتفاقيات تعاوناً بين العاصمتين، طريقاً حرة للأماكن المقدسة وتنقلاً حراً بين شقي المدينة (البند 3 – البرنامج العام للجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة)، وقد يكون هذا كافيا لئلا يشارك صاحب البرنامج في مبادرة مماثلة، هذا لو كان البرنامج السياسي يحدّد الأحزاب.

ومن جهة أخرى، نحن نفهمُ أن البرامج الحزبية –كما يفترض- هي شيء خاضع لموازين القوى السياسية المحلية والإقليمية والقانونية، وهذا شرعي حزبيا وحركيا، شريطة أن تحافظ الرواية التاريخية للأحزاب في صفوف شعوبها المضهدة التي تنطلق منها، على السقف النضالي الأعلى المطلوب في قضيّـتها، وهذا معروف ومتعارف عليه في كل بقاع العمل السياسي. والسؤال هنا: هل تعتقد الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة أن الأسباب التي تطرحها لتبرير عدم المشاركة ستمرّ على المتابع/المتتبع؟!

ليس جديدا أبدا، بل قديم علينا، أن البرنامج السياسي الحزب الشيوعي الإسرائيلي والجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، هو تماما روايتهما ورؤيتهما لتاريخ القضيّة الحاضر والمستقبلي، وهو سقفها النضالي، وهو مكمن عقيدتها الذي لا تقيده موازين قوى أو قوانين، بل أدلوجات وقناعات جديّة، ليس فقط فيما يتعلق بالقدس، بل أيضا فيما يتعلق بتوحيد العرب على أساس قوميّ أمام مؤسسة الاحتلال، مذ فجر القضية.

قديم جدّا، مما اقتضى التنويه.

مدونة طارق خطيب: http://tkhateeb.blogspot.co.il/2013/05/blog-post.html

التعليقات