08/06/2013 - 15:12

مخطط تجنيد الشباب العربي... لا دين له../ نيفين أبو رحمون*

التعويل على رجال الدين والشباب المسيحيين كبير، وكما كانت قد ضربت بعرض الحائط المخطط الصهيوني في أواخر الخمسينيات، ستلقي به اليوم إلى مزبلة التاريخ. وكذلك على قياداتنا وجماهيرنا العربية أن تقف موحدة أيضا برفض كل أشكال التجنيد، العسكري والمدني، فهي مشاريع تشوه هويتنا الوطنية، وتجعل الفلسطيني يتعامل مع الدولة العبرية كعلاقة طبيعية، وهذا يشوه التاريخ وعلاقة الصراع، حتى لو غلفتها إسرائيل بصفة مدنية

مخطط تجنيد الشباب العربي... لا دين له../ نيفين أبو رحمون*

بعد أن فشلت الدولة العبرية ومنذ عامها الأول في ضرب الهوية العربية الفلسطينية للشباب العربي، تعود اليوم بوقاحة كبيرة في حلقة جديدة من محاولات فرض الخدمة العسكرية على الشبان العرب المسيحيين بهدف شرذمة مجتمعنا، وتصفية الانتماء الوطني لهذه الشريحة من مجتمعنا، وبالتالي ضرب الهوية والذاكرة الجمعية لأبناء الشعب الواحد.

إن اندماج الشاب العربي الفلسطيني في المجتمع الإسرائيلي يجب أن يقتصر فقط على المفهوم المدني، وبدون تلويث لشخصه الفلسطيني وعروبته. وبالتالي كل ما يطرح الآن حول قانون "تقاسم العبء" مرفوض بشكل مبدئي، باعتباره قانونا ينال من أصلانية عروبة الشباب الفلسطيني، قانونا يربط الحقوق بالواجبات. وبالتالي لا يمكن أن ننظر إليه بمعزل عن محاولات فرض أشكال التجنيد التي بشكل أو بآخر باءت بالفشل، مما يضعنا اليوم أمام واقع أكثر خطورة يعكس تراكمات لمحاولات استدراج شبابنا والتي خصت الشباب المسيحي مؤخرا.

ليس بالضرورة أن نبرر لإسرائيل بأننا شعب واحد، ولن نرضى إلا بتقرير مصير واحد لا يحيد عن القيم الوطنية المشتركة، ولكن اضطرارا نقول محاولة فسخ الشباب المسيحي عن الهم العام وعن الهوية الجامعة يعني فرض تحدٍ جديد أمام جماهيرنا.

ولكي نفسد شهية خبراء المخططات في المؤسسة الرسمية والأمنية الإسرائيلية، لا بد من وأد هذه المخططات وإحباطها من البداية من خلال رد جماهيري موحّد يليق بهذا المشروع الخطير، رد موحّد لا يقتصر على طوائف منفردة، يفسد شهية المؤسسة لأعوام طويلة على الأقل.

بعد أن حاولت المؤسسة تمرير هذا المشروع بخبث ودهاء في محاولة لتمويه الشارع العربي، والعربي المسيحي على وجه الخصوص، مستعينة ببعض رجال الدين المأجورين، بات من الضرورة أن يكون رد رجال الدين المسيحيين، يليق بالتحدي الخطير، حيث يتوجب عليهم ومن على هياكل الكنائس أن ينددوا بهذا المخطط الخطير سيما وأن محاولات الترهيب والاستفراد تتزايد، وهذا يتوجب إعادة النظر في أسلوب الخطاب وطرق النضال، وعدم السماح بعزل هؤلاء الشباب المستهدفين عن إخوانهم في العروبة.

على مدارسنا العربية والأهلية المسيحية بالأخص أن تلعب دورا مسؤولا توعويا وتعبويا لطلابها لحمايتهم من هذه الحملة القذرة، وأن لا تتساهل مع مشروع التجنيد المطروح بل يجب أن تجابه في صد هذا المخطط من خلال التركيز على عروبة وارتباط الشباب المسيحي بعروبتهم وهويتهم الفلسطينية، سيما وأنها الشريحة المستهدفة، وأن تعمل جاهدة بتثقيف الشباب حول خطورة الانخراط، وحثهم على اتخاذ موقف مسؤول من هذا المخطط المشبوه الذي ينال من كرامتهم الوطنية ويجعلهم أداة لتعزيز المشروع الصهيوني.

إن خطورة إلقاء كرة الخدمة العسكرية هذه لا تتوقف عند النوايا السلطوية تجاه تجنيد الشباب المسيحيين، بل تتدحرج لتشغلنا جميعاً نحن أبناء هذا الشعب المتلاحم، للدخول في نقاش هذا المخطط بلغة طائفية من حيث لا نقصد أو لا ندري، وهنا تقع الخطورة في الانزلاق في ترديد مرادفات غابت عن مجتمعنا الفلسطيني منذ عقود،. لكن كلنا ثقة أن شعبنا ناضج لتصريف هذه النوايا إلى قنوات الصرف التي تناسب مثل هذه النوايا الخبيثة. هذه النوايا والتي تتمثل في سياسة فرق تسد الإسرائيلية والتي هدفت وما زالت تهدف إلى اقتلاع شبابنا من جذورهم الوطنية بل وتعمل على غرس أفكار في عقول الشباب لا تتناسب وأصالتهم الثقافية.

التعويل على رجال الدين والشباب المسيحيين كبير، وكما كانت قد ضربت بعرض الحائط المخطط الصهيوني في أواخر الخمسينيات، ستلقي به اليوم إلى مزبلة التاريخ. وكذلك على قياداتنا وجماهيرنا العربية أن تقف موحدة أيضا برفض كل أشكال التجنيد، العسكري والمدني، فهي مشاريع تشوه هويتنا الوطنية، وتجعل الفلسطيني يتعامل مع الدولة العبرية كعلاقة طبيعية، وهذا يشوه التاريخ وعلاقة الصراع، حتى لو غلفتها إسرائيل بصفة مدنية.
 

التعليقات