25/06/2013 - 16:57

هل يضيع النقب بقرار بأغلبية "خفيفة"؟../ نضال محمد وتد

لا نطالب النواب العرب بأن ينزلوا إلى الشارع لمواجهات دامية مع قوات الشرطة والجيش، ولا نطالب بمظاهرات وصدامات ولا حتى بانتفاضة، ولكن فقط بتهديد إسرائيل بالانسحاب من برلمانها، وتركها تتمرغ في أبرتهايدها بدون ورقة توت عربية، لأن البقاء في الكنيست اليوم على خلفية مشروع برافار دون التلويح بالانسحاب منها، يعني الموافقة التامة على شروط لعبة غير نزيهة وغير منصفة وغير عادلة...

هل يضيع النقب بقرار بأغلبية


لا أعرف ما إذا كنا ننظر إلى النقب على أنه ابن ضرة فلسطين أم ابن فلسطين حقا... ولا أعرف ما إذا كانت الأحزاب (البرلمانية) التي أكدت أنها تعتبر مخطط برافار إعلان حرب على الجماهير العربية، ونكبة جديدة، ستترجم هذه التصريحات إلى فعل على أرض الواقع، بعد أن حظي ممثلوها أمس، كل بدوره على مسرح اللا- معقول في الكنيست، فمنهم من اكتفى بتمزيق اقتراح القانون (جميعم مزقوا القانون) ومنهم من زاد حبتين من الشتائم ضد الوزيرة ليفنات، ومنهم من ذهب إلى حد استعادة "أيام ترشرش" وصب الماء على القانون.. لقد اجتهدوا جميعا أمس لإقناع رئيس الكنيست إدلشتاين بطردهم من القاعة...

وكانت قمة المأساة، أو الاستخفاف بهم وبمواقفهم قد تجلت في تصريحات إدلشتاين المتتابعة، بعد ظهور كل واحد من النواب العرب وتمزيقه لاقتراح القانون، حيث اكتفى إدلشتاين بالقول بلهجة ساخرة.. حسنا سنرى ماذا سيفعل التالي ليضمن التغطية الإعلامية...

ومع أنني أميل إلى الاعتقاد أن خطوة الأمس، من قبل النواب العرب لم تكن تمثيلية، إلا أنها وللأسف بدت كذلك لكثرة ما كرر بعض النواب حركات مسرحية، في الماضي، وبالتالي لم يكن أمام إدلشتاين إلا أن يظن أنه أمام مسرحية مشابهة... لكن الأمر بالأمس يختلف، والأداء العربي كان يجب أن يكون مختلفا....

على كل حال من الأهمية بمكان أن نثق بأن حرص النواب على مقاطعة برافار ومعارضته في مكانيهما، لكن السؤال هل سيتمكنون في ظل تركيبة الكنيست الحالية من إسقاط قانون يدعمه ائتلاف حكومي لا يقل عدد أعضائه عن 67 عضوا؟ هل يعتقد النواب العرب حقا أن تمرير القانون بأغلبية طفيفة أمس 43 مقابل 40 يعني وجود أمل حقيقي بتجنيد أغلبية لإسقاط القانون ما لم تلجأ الأحزاب العربية إلى خطوة نوعية جديدة ترفع سقف العمل البرلماني لحد إلغائه والانسحاب الكلي من الكنيست لتسقط ورقة التوت الأخيرة عن الديمقراطية الإسرائيلية؟

أعتقد أنه على ضوء الإصرار الإسرائيلي المتواصل لتمرير مشروع برافار، وما يلقاه هذا المخطط من إجماع من قبل أغلبية الأحزاب الصهيونية (ربما باستثناء ميرتس التي تملك تحفظات ليس أكثر)، فإن معارضة المشروع والسعي لإسقاطه يوجب أداء مغايرا.. أداء سياسي برلماني ينطلق هذه المرة من قمة الهرم السياسي للعرب في إسرائيل، من قادة الأحزاب البرلمانية وأعضاء الكنيست أنفسهم... نزولا إلى القاعدة، فليتقدم أعضاء الكنيست ولو لمرة واحدة على الجمهور العريض ويضربوا مثلا حقيقيا يترجم تصريحاتهم بالمواجهة بأن يبدأوا هذه المواجهة والانتفاضة بالتهديد بالانسحاب من الكنيست وإبقاء الديمقراطية الإسرائيلية عارية، كما هي، ديمقراطية لليهود، أليس هذا ما يكرره أعضاء الكنيست صباح مساء، أو كل ما دق الكوز بالجرة؟

لا أعرف ما هي التداعيات الفورية ، مثلا لانسحاب العرب من الكنيست؟ وماذا سيعني ذلك دستوريا؟ إلا أنه سيخلق بكل تأكيد أزمة دستورية ، إذ ستبقى الكنيست مكونة من 107 أعضاء كنيست فقط، خلافا لقانون أساسي الانتخابات وخلافا لقانون أساسي الكنيست.. يعني قد تدخل إسرائيل، على أقل تقدير بأزمة دستورية لم يسبق لها مثيل، أولا، وقد تتفاقم الأمور لحد إسقاط الحكومة، مما يعني مباشرة إسقاط مشروع القانون قبل الوصول على القراءتين الثانية والثالثة... لأننا إذا وصلنا إلى القراءتين الثانية والثالثة ومر القانون بنفس الأغلبية الحالية فلن يكون عندنا ما نقوله عن ديمقراطية مشوهة أو إثنية بدليل أن 30 عضو كنيست يهودي صهيوني قد عارضوا القانون..

هنا يكمن فخ الديمقراطية الوهمية، إيهام النواب العرب أنه بمقدورهم مع قليل من النشاط إقناع الأصوات الناقصة أو تجنيدها لإفشال المشروع لكن هذا هو الوهم القاتل...

لا نطالب النواب العرب بأن ينزلوا إلى الشارع لمواجهات دامية مع قوات الشرطة والجيش، ولا نطالب بمظاهرات وصدامات ولا حتى بانتفاضة، ولكن فقط بتهديد إسرائيل بالانسحاب من برلمانها، وتركها تتمرغ في أبرتهايدها بدون ورقة توت عربية، لأن البقاء في الكنيست اليوم على خلفية مشروع برافار دون التلويح بالانسحاب منها، يعني الموافقة التامة على شروط لعبة غير نزيهة وغير منصفة وغير عادلة...

لقد حان وقت الامتحان الذي تحدث عنه النواب العرب جميعا، لم يبق أمامنا إلا أسبوع أو اثنين لإقرار القانون نهائيا ورسميا، وإذا لم يوجه العرب تهديدا رسميا وحازما، وجماعيا بالانسحاب من الكنيست، فلن يكون لحديثهم بعد الآن، عن الأبرتهايد والديمقراطية الإثنية أي معنى أو أهمية لأنهم ببساطة يوافقون على اللعب وفق قوانين وقواعد لعبة الأبرتهايد، والمشاركة في انتخابات وديمقراطية لعبتها كما يقولون في ملاعب الكرة مبيوعة...

التعليقات