29/06/2013 - 16:41

عرب الداخل والانتفاضة../ عوض عبد الفتاح

كل أسبوع، بل كل يوم، يصب النظام الكولونيالي العنصري الإسرائيلي الزيت على النار، مستندًا إلى القوة بكل أشكالها التي راكمها بصورة مذهلة على مدار عشرات السنين من الدعم الاستعماري العالمي ونهب موارد فلسطينية.. ومسلحًا بنظرية عنصرية عن نفسه وتجاه من وجدهم فائضًا عن حاجته ألا وهم نحن الفلسطينيين

عرب الداخل والانتفاضة../ عوض عبد الفتاح

كل أسبوع، بل كل يوم، يصب النظام الكولونيالي العنصري الإسرائيلي الزيت على النار، مستندًا إلى القوة بكل أشكالها التي راكمها بصورة مذهلة على مدار عشرات السنين من الدعم الاستعماري العالمي ونهب موارد فلسطينية.. ومسلحًا بنظرية عنصرية عن نفسه وتجاه من وجدهم فائضًا عن حاجته ألا وهم نحن الفلسطينيين.

تصادف تمرير قانون "مخطط برافار" الاقتلاعي في الكنيست يوم الاثنين، مع صدور نتائج استطلاع أجراه الباحث الإسرائيلي من جامعة حيفا، سامي سموحة، تعكس المزاج العام لدى 1,3 مليون فلسطيني يعيشون داخل حدود الـ48 لإسرائيل. لم يفاجأ سموحة من تأييد غالبية المستطلعين لانتفاضة فلسطينية ثالثة في الأراضي المحتلة عام 67 في حال فشلت تمامًا ما تسمى "مفاوضات السلام"، إنما تأييد هذه الأغلبية لانتفاضة خاصة داخل الخط الأخضر لتحسين ظروفهم الاقتصادية-الاجتماعية. هناك معطيات أخرى أظهرها الاستطلاع وتستحق التطرق إليها في مناسبة أخرى، ولكن الموقف المتعلق بتأييد انتفاضة هو الأكثر دراماتيكية والأكثر أهمية بالنسبة لواقع الصراع.

إن السؤال الطبيعي الذي يُطرح في ظل نظام كولونيالي اقتلاعي وله وجه الفصل العنصري ليس ما إذا كانت ستنشب انتفاضة أو ثورة أو حراك جماهيري عارم، إنما متى ستأتي هذه الانتفاضة؟ وكيف ستأتي؟ وما هي طبيعتها وشكلها؟ أسباب كثيرة تقف حائلاً دون انطلاق موجة مقاومة شعبية جديدة سواء داخل الضفة والقطاع أو داخل الخط الأخضر. ومنذ سنوات تتوثق العلاقة المصيرية بين أبناء الشعب الواحد، وتتعمق المشاعر بأن الجميع يعيش تحت نير نظام ظالم ووحشي وإن اتخذ أشكالاً متعددة. إنّ الجوهر واحد وهو استعمار داخلي للأرض والإنسان ومواصلة الحصار والتضييق على الإنسان الفلسطيني في محاولة عبثية لإخضاعه وإجباره على قبول مصير العبد تحت السيّد الإسرائيلي.

إن التحدي الماثل أمام الشعب الفلسطيني، وبالتحديد قياداته والأجيال الجديدة التي بلغت سن الرشد أينما كان موقعها الجغرافي أو السياسي أو التنظيمي، هو كيف تواجه هذا الإخفاق المتراكم في مواجهة محاولات إسرائيل المحمومة والحثيثة لإسدال الستار على القضية الفلسطينية.. عبر ما تسميه باستكمال حرب لم تستكمل، ألا وهي حرب عام 1948 التي انتهت باحتلال الجغرافيا الفلسطينية ولكنها أخفقت في احتلال التاريخ في الرواية الفلسطينية؟ في العقد الأخير ورغم الانتفاضة الثانية في الضفة والقطاع، والهبة الشعبية العارمة داخل الخط الأخضر التي شحذت الوعي الوطني مجددًا، وذكّـرت إسرائيل باستحالة استسلام الشعب الفلسطيني، ازدادت البنى القيادية تآكلاً وتكلسًا وعجزًا، وهُدرت فرص ذهبية لتحسين الحال. ورافق ذلك نمو ثقافة بديلة عن ثقافة المقاومة والنضال، فشكلت، ولا تزال، خاصة تلك القائمة في رام الله، سدًا أمام المارد الفلسطيني.

وهذا الوضع، أي غياب النضال، ناجم عن قرار إستراتيجي من القيادة المناهضة لفكرة المقاومة. أما داخل الخط الأخضر فإن الهيئات التمثيلية القطرية لا تلعب دور السدّ أمام انطلاق النضال، ليس لأنّ لديها قرارا بذلك، وهي أصلاً لا تستطيع أن تمنع الجمهور لأنه لا يصغي إليها بسبب عجزها وتخاذلها. ولكن لأنه لم يتبلور بديل بعد لهذه الأطر القطرية. هذا لا يعني أن عدم منعها لانطلاق النضال يشكل نقطة إيجابية لصالحها، إنما العكس فهي قانعة بهذا الوضع. وهي ليست معنية، ولا مؤهلة بإطلاق خيالها لاجتراح البدائل والمبادرات الشعبية الكفاحية.

في ظل هذه الحالة، فإن احتمال انطلاق مبادرات شعبية أو هبة شعبية عارمة بدون إذن من الهيئات القيادية وارد دائمًا مع أنه هناك قوى حيّة داخل هذه الأطر، راغبة ومستعدة للتصعيد. هناك كل الأسباب لانفجار الغضب وقد يكون حان الوقت للأجيال الجديدة المتعلمة والمثقفة لاقتحام الميدان.
 

التعليقات