30/06/2013 - 23:41

من هنا يبدأ التغيير/ أنطوان شلحت

ولا ينبغي الحُكم على هذه الانتخابات فقط من خلال الصيرورة التي ربما باتت أغلبية سلطاتنا المحلية ترتع فيها، بعد أن حولتها بعض القوى السياسية المهيمنة على وسطنا السياسي إلى مظهر آخر من مظاهر تكريس الصراعات العائلية والطائفية والحزبية تحت أردية وطنية بالية، وإنما يجب أن يكون الحُكم عليها منطلقًا من دورها الذي ما زال مُفتقدًا في مجالات حيوية من حياتنا وكينونتنا، على غرار التربية والتعليم، والتنشئة الاجتماعية السليمة، والحفاظ على النسيج المتين للمجتمع انطلاقًا من قاعدة احترام تعددية الانتماءات المتنوعة.

من هنا يبدأ  التغيير/ أنطوان شلحت

تشكّل انتخابات السلطات المحلية حلبة مركزية في حياتنا لا تقل أهمية عن حلبة الانتخابات البرلمانية، إن لم تكن حتى أكثر أهمية منها.

ولا ينبغي الحُكم على هذه الانتخابات فقط من خلال الصيرورة التي ربما باتت أغلبية سلطاتنا المحلية ترتع فيها، بعد أن حولتها بعض القوى السياسية المهيمنة على وسطنا السياسي إلى مظهر آخر من مظاهر تكريس الصراعات العائلية والطائفية والحزبية تحت أردية وطنية بالية، وإنما يجب أن يكون الحُكم عليها منطلقًا من دورها الذي ما زال مُفتقدًا في مجالات حيوية من حياتنا وكينونتنا، على غرار التربية والتعليم، والتنشئة الاجتماعية السليمة، والحفاظ على النسيج المتين للمجتمع انطلاقًا من قاعدة احترام تعددية الانتماءات المتنوعة.

وقد حان الوقت لإحداث تغيير في هذه الحلبة يتماشى مع الدور المفترض المذكور. إن التغيير هو سمة العصر الذي نعيش فيه، بغض النظر عما يعتور الواقع من ظواهر عابرة.

يبقى السؤال: كيف نغيّر؟ ومن أين نبدأ؟.

إن ما اقترن بالانتخابات المحلية من شوائب متراكمة على مدار أعوام طويلة، من شأنه أن يجعل التطلع إلى إحداث تغيير جذري مرة واحدة وأخيرة أشبه بأضغاث أحلام، ونحن في غنى عنها.

لا يعني هذا انعدام خطوات ولو بسيطة من أجل التمهيد لتغيير كهذا، من خلال المراهنة على أن يكون في وسع هذه الخطوات أن تطرح نماذج تحتذى وبدائل واقعية، وأن تُحدث تحولات في وعي الأجيال الجديدة بما يؤهلها لأن تكون حاملة للواء التغيير في المدى البعيد.

ويمكن أن نبدأ بخطوة واحدة عظيمة الدلالة، هي ترشيح نساء في أماكن مضمونة. فمثل هذه الخطوة تبث أكثر من رسالة، أهمها رسالة اجتماعية، وأخرى حضارية، وثالثة قيمية، وجميعها رسائل لا تتناقض مع الرسالة الوطنية أو القومية أو حتى الدينية.

وإذا لم تكن النساء عمومًا أكثر قدرة من الرجال على تحدي السائد المألوف، الذي من فرط سطوته يحتاج إلى جهود متضافرة من طرف النساء والرجال معًا، فإنهن من دون شك أكثر جرأة من الرجال على تحصيل الحقوق الاجتماعية، وعلى الدفاع عن الرؤية التنويرية، وعلى معالجة الأسباب الحقيقية لتردي دور السلطات المحلية في المجالات التي أشرنا إليها آنفًا.    

ولكون التجمع الوطني الديمقراطي رائد التغيير في مجتمعنا على أكثر من صعيد، وخصوصًا فيما يتعلق بدفع تمثيل النساء قدمًا، فإنني أسمح لنفسي بأن أتوجه إليه متمنيًا أن يأخذ على عاتقه الدور نفسه في معركة انتخابات السلطات المحلية القريبة.

ومع إدراكي أن هذا المنحى هو ما يوجّه التجمع وقيادته، فإنني أضيف أمنية أخرى بأن لا تتهاون النساء أنفسهن في هذه المسألة، سواء داخل الأحزاب التي ينتمين إليها، أو على وجه العموم.

صحيح أن هذه المعركة هي معركة المجتمع كله، بأجناسه وأجياله كافة، لكنها تصبح ذات صدقية أكبر إذا ما التفت من حولها جميع صاحبات الشأن أيضًا.

وهذه مناسبة أخرى يجدر بنا أن نستعيد فيها ما لا يتعين أن نملّ من تكراره، وهو أن خطاب التجمع السياسي والاجتماعي يظل الأكثر قدرة على أن يستنهض هممنا الوطنية والتنويرية، وعلى أن يصوغ صورة مجتمعنا، وعلى أن يسقط الأقنعة الزائفة عن وجوه بعض القوى التي تقف حجر عثرة أمام التغيير المنشود.

هل حلم كهذا كثير علينا؟ إن جمهور الشابات والشباب الذي يزداد تحلقه من حول التجمع يومًا بعد يوم، هو الدليل القاطع على أننا قادرون على أن نبدأ التغيير من هذه الخطوة الصغيرة ذات الدلالة الكبيرة، وعلى أن نخطط للتغيير الأكبر.

التعليقات