02/10/2013 - 10:34

دروس أكتوبر: إخفاقات../ رامي منصور

والأهم بروح أكتوبر 2000 هو أنها كانت تمرداً على النفسية السياسية التي تلت يوم الأرض والتي حولته إلى "يوم المساواة"، وهي نفسية سادت لدى النخبة السياسية المهيمنة آنذاك، والتي تفاجأت وخشيت من قوة الجماهير وعنفوانها وقدرتها على مواجهة السلطة في الشارع

دروس أكتوبر: إخفاقات../ رامي منصور

الذكرى الـ13 لهبة القدس والأقصى فرصة مواتية ليس فقط للتأكيد على المطالب والقضية التي سقط من أجلها الشهداء الـ13 في الداخل، بل فرصة لمراجعة إخفاقاتنا في استثمار الحالة النضالية التي عشناها في تشرين الأول (أكتوبر) من العام 2000، وأبرز عناوينها إسقاط خطاب المواطنة والمساواة والتعايش الزائف، وتدشين مرحلة جديدة تحمل نسقاً نضاليًا جديداً يتجاوز المطالبية، ويرتقي بخطاب الحقوق إلى حد مواجهة الصهيونية قبل المؤسسة الإسرائيلية.

والأهم بروح أكتوبر 2000 هو أنها كانت تمرداً على النفسية السياسية التي تلت يوم الأرض والتي حولته إلى "يوم المساواة"، وهي نفسية سادت لدى النخبة السياسية المهيمنة آنذاك، والتي تفاجأت وخشيت من قوة الجماهير وعنفوانها وقدرتها على مواجهة السلطة في الشارع. هذه الخشية استدعت القيادات المهيمنة تلك إلى رسم حدود ذاتية (تدجين) حول المسموح والممنوع سياسيًا خشيةً من قمع السلطة ومن رد الجماهير الغاضبة. خطاب المساواة والمواطنة لا ينتج مواجهة مع المؤسسة بل مهادنة واندماجا مشوها.

أكتوبر 2000 كان مختلفًا، فقد سبقه صعود قيادات سياسية من طراز مختلف، خطابها متجدد وتصعيدي، خطاب قومي ديمقراطي جذاب للشباب، وإذ تزامنت الهبة مع تصعيد ميداني شمل نصب عدة خيم اعتصام ضد شارع "عابر إسرائيل" في كفر برا والطيرة وباقة الغربية وما رافقها من قيادات ميدانيىة، وما سبق من هبة "مصغرة" في الروحة. كلها كانت أحداث غير متصلة مباشرة لكن روح جديدة حركتها.

ولأكتوبر تبعات: ملاحقات سياسية متواصلة ومحاكمات لقادة سياسيين أبرزها محاكمة د. عزمي بشارة، الذي اعتبرته السلطات المحرض على أكتوبر وحاولت "كسر شوكة" هذه المرحلة الجديدة باستهداف أبرز رموزها أو أبرز متحديثها، وما شملت من تصعيد في الخطاب السياسي والممارسة وصعود التيار القومي الذي سعى إلى اختراق العالم العربي والتواصل معه للتأكيد على الهوية القومية خلافًا لمحاولات "اختراق الشارع اليهودي" في أعقاب يوم الأرض. روح أكتوبر سعت إلى تدويل قضايانا بدلاً من حصرها في الكنيست.

روح أكتوبر هي روح التحدي وكسر حاجز الخوف والمواجهة المباشرة وغير المباشرة مع الصهيونية وليس مع المؤسسة فقط، والذي أسقط خطاب المواطنة والمساواة ووهم التعايش (هل تذكرون حلقات الذكر/ لقاءات التعايش خلال الهبة). روح أكتوبر كنست الاحزاب الصهيونية من بلداتنا وخلقت جيلاً جديداً من الناشطين سياسياً في الجامعات والبلدات العربية يرفض المشاركة في لعبة التعايش الوهمي. روح اكتوبر أسقطت وهم المواطنة.

أين نحن من هذه الروح؟ أين أخفقنا؟ الإخفاق واضح بأن روح أكتوبر لم تتغلغل إلى الأجيال التي تلت أكتوبر 2000 وتوقفت عند الجيل الذي عاشه وفئات محدودة تلته. لكن الاخفاق الأكبر كان على مستوى الحركات والقادة السياسيين، أو أغلبهم، خصوصاً أولئك الذين حاولوا إعادة رسم "قواعد اللعبة" ذاتيًا خشيةً من قمع السلطة وغضب الجماهير. لا يزال خطاب المواطنة قائمًا ولكن مغلفًا بخطاب يقلد الخطاب القومي الديمقراطي الذي أحيا أكتوبر.

شعبيًا، روح المواجهة تراجعت وشبه مضمحلة (عدا عن شريحة شبابية محددة وليدة أكتوبر ومتأثرة جداً من الربيع العربي) لعدة أسباب أهمها الخشية من قمع السلطة وعدم الثقة بالقيادات "الفهلوية" التي حولت النضال إلى تهريج إعلامي.

في أكتوبر 2000 كان شعارنا: النضال مجدٍ، النضال هو الحل. في أكتوبر 2000 واجه الشباب قمع الشرطة بصدور عارية وبعفوية تامة. اليوم وعلى بعد 13 عامًا من تلك اللحظات النضالية الجميلة أصبح شعارنا: الإعلام هو الحل. نسمع جعجعة ولا نرى طحينًا.

أكتوبر فرصة ذهبية وعلامة فارقة حذار تفويتها على غرار تفويت هبة يوم الأرض.

التعليقات