11/10/2013 - 12:29

حيفا مدينة الشّباب../ مريم فرح*

التجمع الوطني الديمقراطي هو حزب الشباب، فهو حزب جديد يتّصف بأنه متجدد دائمًا، وهو حزب متمرد بطبيعته يشبه شبابه، حيث أن عمره لا يتجاوز 17 عامًا مما يبعد عنه صفة التوريث

حيفا مدينة الشّباب../ مريم فرح*

لم تكن السّنة المنصرمة عادية في واقع الشباب الفلسطينيّ في الداخل، فقد واجه الشباب بشجاعة مخططات سلطوية كـ"مخطّط برافر" ومشروع الخدمة المدنيّة ومشروع تجنيد الشباب المسيحيّ لجيش الاحتلال الاسرئيليّ، كما واجه أيضًا تحديات اجتماعيّة كازياد حالات العنف وارتفاع نسبة الجريمة.

تشكّل حيفا حالة فريدة في استقطاب الشباب الفلسطينيّ في الداخل، ذلك الشباب الذي جاء إليها ليدرس في كليّاتها ويعمل فيها وفي مراكزها، وفي مؤسسات المجتمع المدني التي أُقيمت فيها، مما حوّلها إلى مدينة شبابيّة وإلى مركز ثقافة وإنتاج فكريّ وفنيّ وأكاديميّ. كما أصبحت حيفا أرضيّة خصبة للحراك الشبابيّ النضاليّ في السّنوات الأخيرة، بدايةً مع حملة "جائعون للحريّة" التي أعلن فيها الشباب الوافد إلى حيفا الإضراب المفتوح عن الطعام تضامنًا مع إضراب الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، واستمرارًا بحملة "برافر لن يمر" حيث شهدت حيفا مظاهرات تضامنية كبيرة مع النقب.

وما كان خروج الآلاف من الشباب والشابات في مظاهرة ضد العنف في أعقاب مقتل الشاب المرحوم محروس زبيدات في حيفا في أيار الماضي إلا برهانًا على وعي ومسؤولية الشباب والشابات الحيفاويين تجاه مجتمعهم. تلك المسيرة الموحّدة التي جمعت شبابًا وشابات من أحياء حيفا العربية المختلفة، وكانت مؤشر وعي اجتماعيّ وسياسيّ، وليس بالضرورة تحت إطار حزبي منظم.

بقي أن نسأل أنفسنا كيف يمكننا استثمار هذه الطاقات الشبابية والروح النضالية والمسؤولية المجتمعية بين الشباب الوافد إلى حيفا وبين الشباب الحيفاوي في هذه المدينة الشبابية؟ وكيف يمكننا الاستثمار في هذه الحالة للمساهمة في إنتاج مجتمع فلسطينيّ في الحيز المدينيّ الموجود في حيفا؟

إن التجمع الوطني الديمقراطي هو حزب الشباب، فهو حزب جديد يتّصف بأنه متجدد دائمًا، وهو حزب متمرد بطبيعته يشبه شبابه، حيث أن عمره لا يتجاوز 17 عامًا مما يبعد عنه صفة التوريث، ولا يجعلنا نتعامل مع الشباب كجزء من عائلة بل كأفراد لهم وعيهم وسقفهم السياسي المستقل. فلا يُخدَّرون في شعارات عمرها عشرات السنين، ولا يتبنون أيديولوجيات خشبية ومتكلسة. وكونهم مستقلين فكريًا لا يمنعهم من التواصل مع المجتمع في محاولة لتغييره نحو الأفضل. التجمّع هو الوحيد حتى الآن الذي حصّن مكانًا للمرأة في الكنيست الإسرائيلي، وغيّر موازين القوى في داخله بين الرجل والمرأة لينعكس هذا التغيير على المجتمع وعلى مؤسّساته.

لهذا فان الحركة الوطنية هي المساحة التي يمكن من خلالها تنظيم الشباب، وخلق أطر نضالية جديدة ومتحدية على الأصعدة السياسيّة والمجتمعيّة والثقافيّة. يمكن للحركة الوطنية أن تكون رافعة للشباب الحيفاوي في مواجة التّحديات في حيفا، كما يمكنها أن تشكّل رافعة سياسية اجتماعية للشباب الوافد إليها، وبهذا يمكنها توحيد الطرفين وبناء مجتمع فلسطينيّ حيفاويّ واعد، فربما نسترجع ما كانت عليه حيفا قبل 1948، حيث كانت مدينة مركزية وثقافية وفنية للوطن العربي كله. لهذا فحيفا هي قضية الشباب، و"إن الانسان في نهاية الأمر قضية"- غسان كنفاني.
 

التعليقات