27/12/2013 - 21:22

نحو إستراتيجية عمل وحدوية لإسقاط مشاريع التجنيد/ د. باسل غطاس

ما الجديد في الموضوع الذي يجعلنا نأحذ الأمور بجدية كبيرة وننظر إليها بخطورة أكبر؟ نوايا الحكومة الإسرائيلية اتضحت نهائيا في خطاب التهنئة بالعيد الذي أرسله بالفيديو إلى المحتفلين بعيد الميلاد من المتجندين المسيحيين في فندق الكراون بلازا وبمشاركة نائب الوزير أكونيس. هذا التسجيل هام جدا وخطير جدا وقد انتبه البعض فقط لزلة لسان نتانياهو في جملة "دولتنا اليهو.." ولكن لسان نتانياهو لم يزل أبدا في أمور أخيرة ومنها ما أعتبره يكشف عنه المقال لأول مرة.

نحو إستراتيجية عمل وحدوية لإسقاط مشاريع التجنيد/ د. باسل غطاس

إسقاط مخططات وقوانين التجنيد والتجند والخدمة المدنية أصبح واجبا وطنيا ملحا يتطلب الإعداد والتجهيز ووضع مخطط نضالي وحدوي وميداني واضح، كما هو الحال في التصدي لمشاريع المصادرة والتهويد والفصل العنصري. لم يعد من الممكن التعامل معها على أنها محاولات فاشلة لمجموعة هامشية أو بأن فشلها مؤكد ومفهوم ضمنا بسبب الموقف الإجماعي ضدها لدى الأحزاب والأطر المجتمعية.

ما الجديد في الموضوع الذي يجعلنا نأحذ الأمور بجدية كبيرة وننظر إليها بخطورة أكبر؟ نوايا الحكومة الإسرائيلية اتضحت نهائيا في خطاب التهنئة بالعيد الذي أرسله بالفيديو إلى المحتفلين بعيد الميلاد من المتجندين المسيحيين في فندق "الكراون بلازا"، وبمشاركة نائب الوزير أكونيس. هذا التسجيل هام جدا وخطير جدا، وقد انتبه البعض فقط لزلة لسان نتانياهو في جملة "دولتنا اليهو.."، ولكن لسان نتانياهو لم يزل أبدا في أمور أخيرة ومنها ما أعتبره يكشف عنه المقال لأول مرة.

بداية علينا أن ننتبه إلى مغزى أن يقوم رئيس حكومة ثلاث مرات خلال أسابيع قليلة بإيلاء هذا الاهتمام بمشروع تجنيد المسيحيين، فيستقبل خوريا لا وزن ولا قيمة اجتماعية أو دينية له في مكتبه مع ما يسمى "فوروم تجنيد المسيحيين"، ومن ثم التطرق في جلسة الحكومة وبشكل رسمي لموضوع التهديد الذي تتعرض له هذه المجموعة، وتعرض ابن الخوري المذكور لاعتداء جسدي، حسب ادعائه، وإطلاق الوعيد أمام الصحافة المحلية والعالمية ومن منبر جلسة الحكومة بأنه سيستعمل كل قوته السلطوية للدفاع عن هذه المجموعة. وأما ثالثها فكان هذا التسجيل المتلفز لمباركة العيد والذي يكشف أمورا جديدة ومنها معلومات مهمة.

أولا: يعتبر نتانياهو أن "فوروم تجنيد المسيحيين" القائم على المشروع شريك للحكومة في تنفيذ المخطط. الفوروم، وهو مجموعة من الشباب المسيحيين الذين خدموا في الجيش الإسرائيلي، منزوعو الهوية وبدون انتماء، وادعاؤهم الأساسي أن المسيحيين ليسوا عربًا بل آراميين, كنا نعرف أنه مدعوم من قبل التنظيم اليميني اليهودي "إم ترتسو"، ولكنه يصبح بقدرة نتانياهو "شريكا" للحكومة. إضافة إلى خطورة هذا التصريح وعدم قانونية وشرعية هكذا شراكة دنيئة وملوثة, فإنها تكشف النية الرسمية لحكومة اليمين بدعم نهج فصل المسيحيين عن انتمائهم العربي على نفس منوال سياسة فصل الدروز عن قوميتهم العربية وانتمائهم وخلق واقع تهميش وتجزئة وأزمة هوية سيكون التجنيد والتجند في جيش الاحتلال تحصيلا حاصلا لها.

ثانيا:  يصرح نتنياهو عن رضاه وتأييده بأن يقوم هذا الفوروم بالدفاع عن الذين ينوون التجند للجيش في وجه من يحاول ثنيهم عن ذلك فيما أشبه بتحريضهم على العنف بحجة الدفاع عن النفس، وذلك بغطاء ودعم حكومي. ولا أستبعد تحويلهم بيد نتانياهو واليمين الإسرائيلي الإرهابي إلى ميليشيا لفرض التجنيد مستقبلا إذا لم نقض على هذا المشروع الخطير وهو في مهده.

ثالثا: قال نتانياهو إن عدد المتجندين المسيحيين في ارتفاع ملحوظ تجاوز المئة، وعدد المتطوعين في الخدمة المدنية 500. هذه معلومات مهمة للفحص ومعرفة ما يجري. ولنفترض صحتها فهي على خطورتها إذ نسعى لكي لا يكون هناك متجند واحد في جيش الاحتلال ولا في الخدمة المدنية، ومع ذلك فللوهلة الأولى أرى ملامح فشل المشروع في تحقيق انطلاقة وزخم، ويعود هذا إلى حد بعيد للمعارضة الشعبية التي قمنا بها على مدار السنوات الأخيرة. ومن مظاهر هذا الفشل أن يعقد هؤلاء احتفالهم الذي حضره أكونيس في الناصرة في الخفاء خوفا من رد فعلنا على الاحتفال (وقد اتهمت أكونيس بالتسلل للناصرة وأنه كمتسلل يجب أن يرسل إلى سجن المتسللين الذي أقيم في النقب مؤخرًا).

بيت القصيد هو أن تجند رئيس الحكومة ومكتبه بهذه الكثافة وبهذه القوة يعني أن المشروع داهم وممول ومسنود، وأننا سنرى قريبا تصعيدا وتغييرا بالإستراتيجيات الحكومية باتجاه فرض التجنيد الإجباري على المسيحيين، وفرض الخدمة المدنية على الجميع. الوضع يتطلب منا إستراتيجية مضادة وشاملة نقوم من خلالها ليس فقط بالتركيز على موضوع التجنيد للجيش لفئة واحدة في هذه الحالة المسيحيين، وإنما برفض كل أنواع التجنيد والتجند والخدمة الوطنية أو المدنية وإعادة مطلب إلغاء فرض التجنيد الاجباري على أبناء الطائفة المعروفية لكي يكون شعارا مركزيا في هذه المعركة، وكذلك ربط الخدمة المدنية بموضوع التجنيد وشن الحملة ضدهما سوية واعتبار من يقبل بالخدمة المدنية من الشباك يدخل التجنيد من الباب.

أما الوسائل فتتطلب وبأقصى السرعة بدء التنسيق بين كل الأحزاب والهيئات والأطر من أجل وضع برنامج تفصيلي للعمل يكون في مركزه عقد مؤتمر وطني جامع ضد كل أنواع التجنيد والتجند والخدمة الوطنية وسلسلة نشاطات ميدانية ترسل رسالة واضحة أنناسنسقط كل مخططات نتنياهو ومؤسسات اليمين والدولة الصهيونية. 
 

التعليقات