12/01/2014 - 09:13

رحيل شارون هدية لنتنياهو من السماء/ نضال محمد وتد

لم يأت موت شارون مفاجأً فقد بدأ مهرجان شارون ، أو مهرجان "وداع شارون" منذ الأسبوع الماضي، بسلسلة متواصلة من التعليقات والأخبار عن تردي صحته وتراجعها لحالة حرجة. مع ذلك، يمكن القول إن موت شارون، السبت، جاء كهدية من السماء لنتنياهو، تزيح عنه قلقا كبيرا. فموت شارون وقع قبيل 72 ساعة من وصول جون كيري لزيارة جديدة للمنطقة، وقبل أقل من 24 ساعة من طرح اقتراح جديد على لجنة التشريع الوزارية، من قبل نائبة الليكود، ميريت رجيف، ينص على منع رئيس الحكومة في إسرائيل من التفاوض على "مستقبل القدس" واللاجئين دون تفويض مسبق من الكنيست. موت شارون ، رغم غيابه عن الوعي والمشهد الإسرائيليين طيلة ثماني أعوام،يقلب أبجديات جدول الأعمال الإسرائيلي، فمع موته التأمت لجنة الطقوس والمراسم الرسمية، لتحديد ترتيبات جنازة من أبعد عن وزارة الأمن، بقرار لجنة تحقيق رسمية لدوره في مذابح صبرا وشاتيلا، لكن الجمهور الإسرائيلي ظل يردد له أغنية أريك ملك إسرائيل، إلى أن انتخبه رسميا ملكا (رئيس حكومة) عام 2001. جدول الأعمال الإسرائيلي، وجدول نتنياهو تحديدا سيمتلئ بإحداثيات مهرجان موت شارون والبكاء عليه، ولن يكون لميريت ريجف أو اللجنة الوزارية للتشريع، أي متسع للخوض في "اقتراحات لتكبيل يدي نتنياهو)، ولا لنتنياهو متسع للخوض في مقترحات كيري.. لكن كيري أيضا ، لن يأتي هذه المرة، للضغط على نتنياهو، فإسرائيل الحليفة، تدخل "أيام الحداد والحزن"، وسيكون على كيري إذا قرر الإبقاء على جدول أعماله الرسمي، أن يغير هدف زيارته من تحريك الملف السياسي، على مشاطرة إسرائيل "حزنها العميق"على شارون... كيري سيأتي، إذا لم تعدل خطته، معزيا وقد ينضم إليه أيضا الرئيس الأمريكي، وقائمة طويلة من زعماء العالم، للإعراب عن تضامنهم مع أمن إسرائيل، الذي سيصبح شارون مع موته أحد رموزه، هكذا تحولت سيرته العسكرية والدموية الإجرامية من جنرال دموي وقاتل في قبية ، إلى قائد في حرب الغفران، فقاتل مدان وفق لجنة رسمية إسرائيلية، في لبنان؛ في صبرا وشاتيلا، وفي رام الله والضفة الغربية في عدوان "السور الواقي"، الرجل الذي حاصر عرفات حتى الموت..كل هذا سيمحى من سيرة شارون.. ونتنياهو، خصمه اللدود، سيكون في طليعة الناعين لشارون، والمعزين به والمتباكين عليه، ثم المقسمين له على قبره بأنه لن يخون أمن إسرائيل، ولن يتنازل عن أرض إسرائيل، ووكل ذلك فقط ليواصل السير على درب شارون... موت شارون هو هدية من السماء لنتنياهو، ونتنياهو يجيد تلقف الهدايا وتوظيفها...وهذه المرة سيفتح ذراعيه قدر استطاعته لتلقف الهدية وعدم تفويت الفرصة المتاحة لتغيير المشهد ورسم مشهد جديد قوامه مهرجان وداع شارون ودفنه . في المجمل لن يغير موت شارون شيئا، لكنه سيوفر غطاء لنتنياهو لتمرير رسائله المعارضة لمقترحات كيري، والتي باشر توجيهها منذ الأسبوع الماضي مع إعلانه أمام كتلة حزبه ، الاثنين، أنه لن يزيل ولن يفكك أي مستوطنة، وانتهاء بتصريحات نشرتها صحيفة "يسرائيل هيوم"المقربة من نتنياهو، نقلا عن "مصادر رفيعة المستوى للغاية" اتهمت كيري بأنه لا يجيد قراءة الخرائط التي تعرض أمامه، وأن رمز فشل الدبلوماسية الأمريكية في إدارة أوباما، بدءا من الملف النووي الكوري، مرورا بتمجيده ، قبل الثورة السورية للأسد، وانتهاء باتفاق الذرة مع إيران. لن يغير موت شارون شيئا في المشهد الإسرائيلي، لأن المشهد الإسرائيلي استقر على ما هو عليه اليوم، بعد أن آتى غياب شارون الأول في يناير من العام 2006 أوكله بنجاح حزب كديما في الانتخابات، برئاسة ليفني، ثم انهيار الحزب كليا بعد انشقاقه عشية الانتخابات الأخيرة، في 22 يناير من العام الماضي، لتع الخريطة الحزبية الإسرائيلية إلى إحداثياتها الثابتة منذ تغلب نتنياهو على بيرس في العام 95 وتبلور كتلة برلمانية يمينية (وإن كانت مشكلة من عدة أحزاب تتفاوت وتتغير قوتها الداخلية من انتخابات لأخرى) تزيد عن65 عضو كنيست، تعارض قيام دولة فلسطينية وفق حدود حزيران 67 وعاصمتها القدس مع تفكيك كافة المستوطنات الإسرائيلية. مع ذلك سيوفر موت شارون، لنتنياهو، مهلة ولو لأسبوع، يستريح خلالها من ضغوط جناح معارضيه في الحزب نفسه، ومن إلحاح كيري على تقديم أو تبني أفكار جديدة ولو كانت قديمة....

رحيل شارون هدية لنتنياهو من السماء/ نضال محمد وتد


لم يأت موت شارون مفاجأً فقد بدأ مهرجان شارون ، أو مهرجان "وداع شارون" منذ الأسبوع الماضي،  بسلسلة متواصلة من التعليقات والأخبار عن تردي صحته وتراجعها لحالة حرجة. مع ذلك، يمكن القول إن موت شارون، السبت، جاء كهدية من السماء  لنتنياهو، تزيح عنه قلقا كبيرا. فموت شارون وقع قبيل 72 ساعة من وصول جون كيري لزيارة جديدة للمنطقة، وقبل أقل من 24 ساعة من طرح اقتراح جديد على لجنة التشريع الوزارية، من قبل نائبة الليكود، ميريت رجيف، ينص على منع رئيس الحكومة في إسرائيل من التفاوض على "مستقبل القدس" واللاجئين دون تفويض مسبق من الكنيست.

موت شارون ، رغم غيابه عن الوعي والمشهد الإسرائيليين طيلة ثماني أعوام،يقلب أبجديات جدول الأعمال الإسرائيلي، فمع موته التأمت لجنة الطقوس والمراسم الرسمية، لتحديد ترتيبات جنازة من أبعد عن وزارة الأمن، بقرار لجنة تحقيق رسمية لدوره في مذابح صبرا وشاتيلا، لكن الجمهور الإسرائيلي ظل يردد له أغنية أريك ملك إسرائيل، إلى أن انتخبه رسميا ملكا (رئيس حكومة) عام 2001. جدول الأعمال الإسرائيلي، وجدول نتنياهو تحديدا سيمتلئ بإحداثيات مهرجان موت شارون والبكاء عليه، ولن يكون لميريت ريجف أو اللجنة الوزارية للتشريع، أي متسع للخوض في "اقتراحات لتكبيل يدي نتنياهو"بل من شأن وقع موت شارون أن يعزز موقف نتنياهو حاليا في رد اقتراحات ميريت ريجف، ولن يكون لنتنياهو متسع للخوض في مقترحات كيري..

لكن كيري أيضا ، لن يأتي هذه المرة، للضغط على نتنياهو، فإسرائيل الحليفة، تدخل "أيام الحداد والحزن"، وسيكون على كيري إذا قرر الإبقاء على جدول أعماله الرسمي، أن يغير هدف زيارته من تحريك الملف السياسي، على مشاطرة إسرائيل "حزنها العميق"على شارون...
كيري سيأتي، إذا لم تعدل خطته، معزيا وقد ينضم إليه أيضا الرئيس الأمريكي، وقائمة طويلة من زعماء العالم، للإعراب عن تضامنهم مع أمن إسرائيل، الذي سيصبح شارون مع موته أحد رموزه، هكذا تحولت سيرته العسكرية والدموية الإجرامية  من جنرال دموي وقاتل في قبية ، إلى قائد في حرب الغفران، فقاتل مدان وفق لجنة رسمية إسرائيلية، في لبنان؛ في صبرا وشاتيلا، وفي رام الله والضفة الغربية في عدوان "السور الواقي"، الرجل الذي حاصر عرفات حتى الموت..كل هذا سيمحى من سيرة شارون..

ونتنياهو، خصمه اللدود، سيكون في طليعة الناعين لشارون، والمعزين به والمتباكين عليه، ثم المقسمين له على قبره بأنه لن يخون أمن إسرائيل، ولن يتنازل عن أرض إسرائيل، ووكل ذلك فقط ليواصل السير على درب شارون...

موت شارون هو هدية من السماء لنتنياهو، ونتنياهو يجيد تلقف الهدايا وتوظيفها...وهذه المرة سيفتح ذراعيه قدر استطاعته لتلقف الهدية وعدم تفويت الفرصة المتاحة لتغيير المشهد ورسم مشهد جديد قوامه مهرجان وداع شارون ودفنه .
في المجمل لن يغير موت شارون شيئا، لكنه سيوفر غطاء لنتنياهو لتمرير رسائله المعارضة لمقترحات كيري، والتي باشر توجيهها منذ الأسبوع الماضي مع إعلانه أمام كتلة حزبه ، الاثنين، أنه لن يزيل ولن يفكك أي مستوطنة، وانتهاء بتصريحات نشرتها صحيفة "يسرائيل هيوم"المقربة من نتنياهو، نقلا عن "مصادر رفيعة المستوى للغاية" اتهمت كيري بأنه لا يجيد قراءة الخرائط التي تعرض أمامه، وأن رمز فشل الدبلوماسية الأمريكية في إدارة أوباما، بدءا من الملف النووي الكوري، مرورا بتمجيده ، قبل الثورة السورية للأسد، وانتهاء باتفاق الذرة مع إيران.

لن يغير موت شارون شيئا في المشهد الإسرائيلي، لأن المشهد الإسرائيلي استقر على ما هو عليه اليوم، بعد أن آتى غياب شارون الأول في يناير من العام 2006 أوكله بنجاح حزب كديما في الانتخابات، برئاسة ليفني، ثم انهيار الحزب كليا بعد انشقاقه عشية الانتخابات الأخيرة، في 22 يناير من العام الماضي، لتع الخريطة الحزبية الإسرائيلية إلى إحداثياتها الثابتة منذ تغلب نتنياهو على بيرس في العام 95 وتبلور كتلة برلمانية يمينية (وإن كانت مشكلة من عدة أحزاب تتفاوت وتتغير قوتها الداخلية من انتخابات لأخرى)  تزيد عن65 عضو كنيست، تعارض قيام دولة فلسطينية وفق حدود حزيران 67 وعاصمتها القدس مع تفكيك كافة المستوطنات الإسرائيلية.

مع ذلك سيوفر موت شارون،  لنتنياهو، مهلة ولو لأسبوع، يستريح خلالها من ضغوط جناح معارضيه في الحزب نفسه، ومن إلحاح كيري على تقديم أو تبني أفكار جديدة ولو كانت قديمة....

التعليقات