04/03/2014 - 17:04

تصويب موقف- أبناء البلد من رأس حربة الى الاذدناب/ سليمان ابو ارشيد

لقد تبلورت هوية أبناء البلد من خلال الصراع على الهوية الفسطينية لجماهيرنا في الداخل التي كانت تتعرض للتبديد والأسرلة، حيث جاهرت بانتمائها ورفعت علم شعبنا ورايته الوطنية عاليا في ساحات ومهرجانات يوم الارض، لتقول للعدو والصديق إن هذه الجماهير هي جزء لا يتجزأ من الشعب العربي الفلسطيني، وقواها الوطنية رافد من روافد حركة التحرر الوطني الفلسطيني، وإن م.ت. ف هي الممثل الشرعي والوحيد لهذا الشعب،

تصويب موقف- أبناء البلد من رأس حربة الى الاذدناب/ سليمان ابو ارشيد

ثلاثة عيوب تعتري موقف أبناء البلد الداعم لرامز جرايسي في انتخابات الناصرة المعادة. الأول يمس جوهر الموقف المبدئي، والثاني يرتبط بحيثيات الموقف العيني ومسوغاته، والثالث يتعلق بالطريقة والشكل الذي أخرج به هذا الموقف.

الموقف المبدئي:

 إن المتتبع لمسيرة أبناء البلد، سواء أكان مراقبا أو مشاركا، لا بدّ أن يدرك أن هويتها السياسية والفكرية قد صقلت من خلال صراعين ضاريين. الأول وهو الأساسي والمركزي، هو الصراع مع المؤسسة الإسرائيلية. والثاني هو الصراع مع الحزب الشيوعي الإسرائيلي، والذي احتل رغم ثانويته مساحة واسعة وأهمية استثنائية في تأسيس وتأصيل معتقداتها الفكرية والسياسية، وبالتالي في بلورة خطابها الوطني.

ومع أن بوصلة أبناء البلد ظلت مصوّبة نحو التناقض الرئيسي، أي مع المؤسسة الإسرائيلية وتجلياتها، إلا أنها كانت جاهزة لخوض الحرب التي شنها عليها الحزب الشيوعي، كون برنامجها ومنهجها الفكري والسياسي اصطدم بشكل مباشر مع مقولات ونهج الأسرلة الذي حاول هذا الحزب تكريسه لسنوات طويلة كان قد استحوذ خلالها على الساحة السياسية في الداخل، كونه الحزب الوحيد الذي نجا من النكبة، هذا ناهيك عن أنه رأى بمجرد ظهور أبناء البلد تهديدًا لحالة الاستحواذ والاحتكار المذكورة والتي لم "تنغصها" منذ عام 48 وحتى ظهور أبناء البلد سوى سنوات قليلة نافسته فيها حركة الأرض قبل أن يتم  إخراجها عن القانون.

أبناء البلد التي جاءت استجابة طبيعية لانبعاث شعبنا الفلسطيني وحركته الوطنية الحديثة، متمثلة بمنظمة التحرير الفلسطينية، من تحت ركام النكبة وامتدادًا لها في الداخل الفلسطيني، اصطدمت بسياسة الأسرلة التي تساوق معها وسوّقها الحزب الشيوعي الإسرائيلي، بل واستخدم عصا غليظة لقمع حالات التمرد عليها، فاصطدمت معه وصارعته على مدى سنوات طويلة خاضت خلالها حربًا ضارية على الجبهة السياسية والفكرية مع جهابذة مصممي ومروّجي مقولات ونهج الأسرلة الذي عمل الحزب الشيوعي على تعميمه وتكريسه. حرب وقفت في مركزها هوية جماهيرنا الفلسطينية في الداخل واستحوذت على الكثير من المجهودات والطاقات الفكرية السياسية للعديد من الكوادر في القرى والمدن والجامعات، أبرزهم في هذا المستوى الرفيق عمر سعيد (أبو صخر) الذي أنارت مقالاته ودراساته معالم هذا الطريق، وهي حرب كانت تخوضها الحركة جنبًا الى جنب مع الحرب التي كانت تخوضها ضد المؤسسة الاسرائيلية، التي وبخلاف تعاملها مع حركة الأرض التي صرعتها بالضربة القاضية من خلال إخراجها عن القانون، اختارت إرهاقها بحرب استنزاف طويلة، بغية محاصرة نفوذها وتأثيرها، مستخدمة بذلك ما ملكت أيمانها من أشكال قمع وملاحقة، مثل الاعتقالات والإقامات الجبرية والاعتقالات الإدارية والفصل من التعليم وقطع مصادر الرزق.

صراع على هوية جماهيرنا:

لقد تبلورت هوية أبناء البلد من خلال الصراع على الهوية الفسطينية لجماهيرنا في الداخل التي كانت تتعرض للتبديد والأسرلة، حيث  جاهرت بانتمائها ورفعت علم شعبنا ورايته الوطنية عاليا في ساحات ومهرجانات يوم الارض، لتقول للعدو والصديق إن هذه الجماهير هي جزء لا يتجزأ من الشعب العربي الفلسطيني، وقواها الوطنية رافد من روافد حركة التحرر الوطني الفلسطيني، وإن م.ت. ف هي الممثل الشرعي والوحيد لهذا الشعب، وهي جميعها مقولات لم تغضب السلطة فقط، بل أغضبت الحزب الشيوعي الاسرائيلي الذي اختصر الصراع معه، حول رفع العلم الفلسطيني في ساحات يوم الأرض، مجمل الصراع الدائر بين  نهجين: نهج الحركة الوطنية الفلسطينية، الذي عبرت عنه وقادته أبناء البلد، ونهج الأسرلة الذي عمل الحزب الشيوعي على تكريسه، مستفيدًا من واقع انفراده بالساحة التي يسّرتها له ظروف النكبة والاحتلال والحكم العسكري.

وإن كانت التحولات السياسية التي مرت بها إسرائيل ما عادت تمكنها من التعامل مع الفلسطينيين في الداخل مثلما تعاملت معهم في الخمسينيات والستينيات (إخراج حركة الأرض عن القانون)، وربما هي ما عادت بحاجة للتعامل معهم بهذا الأسلوب أيضا، فإن لصمود أبناء البلد فضلا كبيرًا في فتح الباب على مصراعيه والتأسيس لحركة وطنية في الداخل، اصطدم كل مكوّن من مكوناتها، لاحقا، مع نهج الأسرلة والاستحواذ الذي مثله الحزب الشيوعي والذي رسم خطا فاصلا بينه وبين سائر القوى السياسية في ساحة الداخل الفلسطيني والتي اكتملت تلاوينها في أواسط التسعينيات. ورغم انكسار الاحتكار السياسي للحزب الشيوعي واندحار نهج الأسرلة، وتقهقر تأثيراته حتى داخل الحزب الشيوعي نفسه، الذي تحصن في مستنقع تأسرله ردحًا من الزمن،  لكنه تراجع، مضطرًا تحت ضغط الكوادر الوطنية، عن الكثير من هذه المقولات، واضطر للتعامل ببعض التعقل مع واقع تعزز الهوية الوطنية الفلسطينية لجماهير الداخل في ظل التعددية السياسية.

انقسام الى معسكرين:

التباين بين القوى الوطنية في ساحة الداخل وبين الحزب الشيوعي ليس عارضا، بل هو تباين في المنطلقات الأساسية المرتبطة بنظرته للقضية الفلسطينية ولموقع الجماهير الفلسطينية في الداخل منها، وهو موقف ينطلق من قناعات هذا الحزب الثابتة حول شرعية إسرائيل بصفتها تعبيرًا عن حق تقرير المصير للمجتمع اليهودي في فلسطين. تباين يقسم ساحة الداخل الى معسكرين، معسكر الحزب الشيوعي وأتباعه، ومعسكر يضم سائر القوى وتقف في رأسه الحركة الوطنية. وهو انقسام يتجلى بوضوح في المستويين الوطني الفلسطيني العام والوطني المرتبط بالحقوق الجمعية لفلسطينيي الداخل. ففي المستوى الفلسطيني العام المتعلق بحل القضية الفلسطينية يترجم التباين بموقف الحزب الشيوعي المعادي لحل الدولة الواحدة التحرري (الذي يصطدم مع موقفه من شرعية إسرائيل)، بغض النظر عن كونها علمانية أم إسلامية، والتحريض على دعاتها في الداخل والخارج، فهو الحزب الذي ظل يصفق على مدى عشرات السنين لكل انحراف أو تراجع وانحراف لدى القيادة الفلسطينية عن ثوابتنا التاريخية الجامعة، باعتبار أنه يقرّبها لحل الدولتين لشعبين الذي تبناه، حتى إذا وصل التنازل ذروته، ممهدًا لاتفاق أوسلو، خرج علينا أقطابه بمقولة "الحجر الذي رفضه البناؤون أصبح حجر الزاوية"! وعندما أصبح أوسلو حجر الزاوية هللوا لأوسلو وكانوا أول الراقصين.

 وفي المستوى الوطني المرتبط بالحقوق الجمعية للفسطينيين في الداخل، فإن الحزب الشيوعي يقف حجر عثرة في وجه أي تشكل وطني لجماهير 48، كجزء من الشعب الفلسطيني أو بشكل مستقل، وذلك مقابل جميع القوى الوطنية والإسلامية الأخرى الموجودة على الساحة، فهو ضد تنظيم الجماهير العربية قوميًا، وبالتالي فهو ضد الحكم الذاتي وضد البرلمان العربي وضد انتخاب لجنة المتابعة، وحتى ضد قائمة عربية مشتركة للكنيست.

وبهذا المعنى فهو ضد أيّ تعبير عن هوية فلسطينية مشتركة على امتداد الوطن الفلسطيني، وضد أيّ تعبيرعن هوية جماعية مستقلة للفلسطينيين في الداخل، وهو موقف ينفرد به عن سائر القوى السياسية وحتى عن أكثرها سوءًا.

بالرغم من كل ذلك، فإن علاقتنا مع الحزب الشيوعي التي تأسست على قاعدة التحالف والصراع، لم تشبها ردّات فعل غريزية ونزعات انتقامية، وأكدنا على دوره التاريخي والحالي في حدود القصور الوطني الذي يعتري موقفه الاستراتيجي من القضية الوطنية، وتحالفنا معه قطريا في إطار التجمع الوطني الديمقراطي ضمن قائمة الجبهة والتجمع التي خاضت انتخابات الكنيست عام 1996، حيث انشق التجمع عن القائمة قبل أن تنشق أبناء البلد عن التجمع، وعلى ذاتها لاحقا. كذلك تحالفنا معه محليا في العديد من المواقع ودعمناه في أخرى، منها الناصرة، في أكثر من معركة انتخابية اعتقدنا أنه يشكل فيها رأس حربة في مواجهة قوى سلطوية أو ذات نزعة طائفية، وهما شرطان لا يتوفران في الانتخابات الحالية، حيث الاصطفاف بين جميع القوى الوطنية بقيادة القائم السابق بأعمال رئيس البلدية، ابن الجبهة الشرعي علي سلام، الذي لا يعرّف بأنه طائفي أو سلطوي وفق تعريفات الجبهة ذاتها، وبين الجبهة بقيادة رامز جرايسي.

أما النعوت التي أغدقت بها الجبهة على سلام من طراز "بلطجي" وغيرها، فهي لا تتجاوز النعوت التي سبق وأطلقتها على محمد ميعاري وصليبا خميس أو رياح أبو العسل وعزمي بشارة وغيرهم من الذين خرجوا على الحزب والجبهة. وكلنا يذكر شعار "حطوا الخاين والمنشق ع بوز المدفعية"، وطالت في نهاية المطاف معلمهم وحبيبهم إميل حبيبي.

الموقف من الناصرة ليس محليًا وليس تكتيكيًا:

تلخيصًا، إن تقييمنا لموقف الحزب الشيوعي والجبهة من القضية الوطنية ومن مسألة الحقوق الجمعية للفلسطينيين في الداخل، كان ومازال حجر أساس تبنى عليه علاقتنا وتحالفاتنا بهما، خاصة عندما يجري الحديث عن موقف من شأنه أن يؤثر على مجمل الخارطة الحزبية والوطنية في الداخل، بما يعنيه من تثبيت أو إزاحة هذا الحزب وهذه الجبهة عن مدينة رئيسة أو "عاصمة العرب"، ولا نقول إسقاط إحدى قلاعه الحمراء، بكل ما يعني ذلك من إضعاف إو تعزيز لجبروته وتداعيات ذلك على القضايا السياسية في المستوى الوطني العام والمتعلق بقضايا التسوية السياسية والوحدة الوطنية الفلسطينية وقضايا جماهير الداخل المرتبطة بانتخاب لجنة المتابعة والبرلمان العربي والحكم الذاتي.

مسوغات الموقف المؤيد:

انتخابات الناصرة ليست قضية محلية، فالناصرة هي المدينة التي اعتبرناها عاصمة المتبقين بعد ضياع الوطن، والناصرة تعكس الوجه السياسي والاجتماعي لشعبنا.

ولكن الى جانب سعينا للحفاظ على الناصرة وبلديتها وطنية وغير طائفية، بل وتحت هذا السقف شاركت أبناء البلد في الحراك السياسي النصراوي وسعت للتغيير حيث خاضت الانتخابات لأول مرة في عهد توفيق زياد عام 1989 في إطار جبهة العمل الوطني، ثم نجحت مع تحالف من الشخصيات الوطنية، على رأسها طيب الذكرالمناضل منصور كردوش، في الفوز عام 1993  بمقعد في البلدية أشغله منصور كردوش. وللمعلومية، فإن العضو الممثل لها ظل في المعارضة ولم يدخل الائتلاف البلدي، طول الفترة التي امتدت لخمس سنوات، استبدل خلالها رامز جرايسي المرحوم توفيق زياد بعد وفاته عام 94. وفي انتخابات 98 وهي أول انتخابات تجري بعد تأسيس التجمع الوطني الديمقراطي الذي خسرت أبناء البلد بالانشقاق عنه الكثير من عناصرها ومؤيديها وجرت تحت غمامة أزمة شهاب الدين، دعمت أبناء البلد قائمة الجبهة ومرشحها للرئاسة بذريعة الحفاظ على البلد من التمزق الطائفي بعد أن أعلنت انسحابها من الانتخابات للعضوية أيضا، علمًا أن قائمة تابعة للتجمع خاضت الانتخابات. في ظل تلك الغمامة جرت أيضا انتخابات 2003 و 2008 ولم تصدر أبناء البلد التي انسحبت من السباق فيهما موقفا داعما لمرشح الجبهة أو لغيره، بمعنى أن أبناء البلد ومنذ انسحابها من السباق وإعلانها دعم الجبهة عام 98 لم تصدر أيّ موقف من انتخابات الناصرة، وذلك على مدى ثلاث جولات انتخابية هي 2003 و2008 و213 وهي جولات يفترض أن "الوجه الوطني والحضاري للناصرة" كان يتعرض خلالها لتهديد أشد مما يتعرض له اليوم، أو أن المسوغ المذكور كان يمكن أن يكون أكثر فاعلية لو استخدم خلالها.

منافسة تحت السقف الوطني:

حيثيات الانتخابات الأخيرة ونتائجها كانت إعلانا بتعافي البلد من بقايا جراح أزمة شهاب الدين، التي رافقتها بوتائر متفاوتة على مدى ثلاث فترات انتخابية، تاركة تداعيات كارثية على الناصرة، أهمها، وبعكس ما يعتقد البعض، تعطيل عجلة التغيير في إدارة البلدية لسنوات طويلة. عادت مياه البلد الى مجاريها الطبيعية بمعنى عودة التنافس الانتخابي الديمقراطي تحت السقف الوطني، فاتحًا الطريق السريع أمام التغيير الذي تنشده الناس، حيث اصطفت جميع المكونات السياسية والاجتماعية خلف المرشح الذي يقود التغيير المنشود. وإذا كانت أبناء البلد قد فقدت دورها أو ورّثت هذا الدور لغيرها فهذا لا يغير من واقع أنها كانت من أوائل الذين دعوا وأسسوا لهذا التغيير، فلا يعقل أن يتشبث التنظيم الذي نادى وسعى للتغيير قبل أكثر من 20 عاما بالواقع الراهن ويسعى الى تكريس الحزب الذي عافته الناس بعد 40 عاما من الهيمنة والتسلط.

اضمحلال الموحدة وبروز قوى تغيير من داخل الجبهة:

سعى بعض المستعجلين على التغيير في الناصرة الى ركوب الباص السريع من خلال أزمة شهاب الدين التي كانت بمثابة "بوميرانغ" ارتدت عليهم ولعبت لصالح الجبهة. وندعي أنها أعاقت التغيير، بل وكانت سببًا في نجاح الجبهة في الانتخابات الثلاثة الاخيرة، حيث أظهرت دعاة التغيير كـ"طائفيين صغار"، مقابل من يعملون على صيانة "الوجه الوطني والحضاري" للناصرة، وهي الجبهة، وهو ما جعل أوساطا واسعة من الوطنيين العلمانيين تتمسك بالجبهة من باب "أهون الشرّين".

هذا الوضع سقط في الانتخابات الأخيرة ولم يعد موجودًا سوى في عقول الذين استفادوا منه على مدى الفترة الماضية، وخاصة القيادة النافذة في جبهة الناصرة، التي رفضت الاستجابة لمطلب التغيير الداخلي، والذي كان سيبقي علي سلام في صفوف الجبهة ويحرجه إذا ما أصر على المغادرة. الجبهة أصرت على التمسك بقديمها والاستمرار في تسويق شعارات تجاوزتها الناصرة بتجاوز أزمة شهاب الدين، على غرار الحفاظ على "الوجه الوطني والحضاري للناصرة"، خدمة لمصالحها، بل لمصالح المجموعة النافذة داخلها.

 قد نفهم تمسك الجبهة بشعارات انتهت صلاحيتها خدمة لمصالحها الفئوية، أما أن نقع نحن، وأقصد أبناء البلد، في هذا الشرك فهو أمر معيب، لأن كل طفل في الناصرة يعرف أن الصراع ليس على "الوجه الوطني والحضاري للناصرة"، بل على كرسي الرئاسة الذي تجلس عليه الجبهة منذ 40 عاما، ويجلس عليه نفس الشخص منذ 20. وهذا وحده سبب كاف للناس لتصوت مع التغيير، لأن البلد بصراحة عافت هذا الحزب وهذا الشخص، حتى لو كانت لا تشوبه شائبة، وهي تريد التغيير ولو من باب التغيير، علمًا أن "الفزاعة" أو البديل الطائفي الذي كانوا يخوّفون الناس به قد اضمحل وأصبح من يقود التغيير هو القائم السابق بأعمال رئيس البلدية- جبهة "ب"، إذا أردتم- وهو يقود تحالفا تصطف فيه جميع القوى الوطنية.

عن أيّ وجه حضاري تتحدثون؟:

في ظل الواقع الجديد الذي أفرزته معركة الانتخابات الحالية تصبح الشعارات القديمة التي تقسّم البلد الى "وجه حضاري" للناصرة ووجه غير حضاري، والتي كانت قد تصح لو جرى الحديث عن منافس طائفي أو مشوب بالطائفية، وهو ما لا ينطبق على علي سلام وفق تعريفات الجبهة نفسها، فهو كان الدرع الواقي للجبهة ورئيسها رامز جرايسي خلال أزمة شهاب الدين، لهذا تصبح هذه الشعارات مجرد محاولة بائسة لتقسيم البلد الى حضاريين ومتخلفين. وأهل الناصرة من الذكاء بحيث يفهمون الاشارات الطائفية التي تقف من وراء خطاب "الرز واللبن"، علما أن ابتعاد الجبهة عن الحارات والأوساط الشعبية في الناصرة يعيبها أكثر مما يشرفها، خاصة إذا تذكر الرفاق أن الحزب الشيوعي هو العمود الفقري للجبهة وأن هذه الحارات والأوساط هي التي حملت توفيق زياد الى رئاسة البلدية عام 75. أما بالنسبة لأبناء البلد فيفترض أن تجلس على رأس طاولة الرز واللبن، لأن فكرها لا يستطيع هضم السوشي.

الاذدناب:

فكر ومنهج أبناء البلد، الذي نبت في تلك الحارات والقرى وبين تلك الأوساط الشعبية التي نعتز بانتمائنا إليها، ليس أنه لا يهضم السوشي فحسب، بل يستعصي عليه فهم التزلف والاذدناب المكشوفين، هذا الفكر الذي تأسس في سياق عملية تطور تاريخي ممهورة بتضحيات راكمها العشرات، بل المئات من الرفاق والكوادر، يمتلك من الحصانة الذاتية ما يجعله عصيًّا على عبث العابثين، فلم نكن ولن نكون يومًا جاهزين لنستل ألسنتنا عند الطلب للعب دور المداحين الرداحين، نضع من ركع قبل سنوات تحت أقدام بيرس في ذرى قمة الجرمق، ونعظم من صغر في عيون صغارنا يوم استقبل أولمرت قبل أن تجف دماء أطفال حرب لبنان الثانية، وندعم من استنجد بأصوات الجنود لاستعادة كرسيّه المفقود، ونرى في مدينة فتحت أبوابها تحت قيادته وقيادة الجبهة لسفاح صبرا وشاتيلا، أرئيل شارون، ومجرم الحرب موفاز، "قلعة العروبة الأخيرة في الشرق الأوسط"! و"معقل الوطن والوطنية"!.

لقد تعودنا أن لا نخشى في قول  كلمة الحق لومة لائم، نقول للأعور أعور بعينه، دون خجل أو وجل، هكذا هي أبناء البلد وستبقى.

التعليقات