27/07/2014 - 17:06

مهام الحراك الشبابي في أيام الانتفاضة/ ربيع عيد

تتسارع الأحداث في الداخل الفلسطيني منذ هبة الشهيد محمد أبو خضير وصولا للحرب العدوانية على قطاع غزة بشكل يضع الحراك الشعبي أمام العديد من الأسئلة والتحديات التي خلقتها الحالة الصدامية مع المؤسسة الإسرائيلية بعد تفجر الغضب المتراكم لدى الشارع، خصوصًا جيل الشباب الذي بدأ يرسم شكلا جديدًا من العلاقة مع المؤسسة التي كانت مقدمتها أيام الغضب والاحتجاج على مخطط "برافر" العام الماضي.

مهام الحراك الشبابي في أيام الانتفاضة/ ربيع عيد

تتسارع الأحداث في الداخل الفلسطيني منذ هبة الشهيد محمد أبو خضير وصولا للحرب العدوانية على قطاع غزة بشكل يضع الحراك الشعبي أمام العديد من الأسئلة والتحديات التي خلقتها الحالة الصدامية مع المؤسسة الإسرائيلية بعد تفجر الغضب المتراكم لدى الشارع، خصوصًا جيل الشباب الذي بدأ يرسم شكلا جديدًا من العلاقة مع المؤسسة التي كانت مقدمتها أيام الغضب والاحتجاج على مخطط "برافر" العام الماضي.

وبالرغم من كل محاولات ضرب الحراك من قبل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية من خلال حملة الاعتقالات الواسعة التي طالت المئات من المتظاهرين، بالإضافة لدعوات التحقيق وأحكام الإبعاد عن البلدات للناشطين، ما زال حراك الشارع مستمرًا ويتوسع كما شهدنا في مظاهرة حيفا والناصرة مؤخرًا، ومشاركة شرائح جديدة في المظاهرات. وبالرغم من محاولات التهدئة التي بادر إليها بعض القيادات ورؤساء المجالس المحلية العربية (بضغط إسرائيلي)، إلا أن الشارع ما زال يضج بالمظاهرات والمواجهات بشكل يومي وتصاعدها بعد العدوان الإجرامي على غزة.

ويأتي إطلاق مصطلح انتفاضة على ما يجري هذه الأيام  باعتبار أننا ندخل مرحلة جديدة من العلاقة مع المؤسسة الإسرائيلية على صعيد القضية الفلسطينية والتمرد على ضوابط السيطرة التي تقوم بها الدولة الاستعمارية، كما حصل في الانتفاضة الأولى والثانية وأيضا في يوم الأرض، مع أنه لم يُسم انتفاضة ربما لأنه كان محصورًا في الداخل الفلسطيني إلا أنه أسس لمرحلة جديدة، كما نشهد اليوم مرحلة جديدة غير واضحة المعالم بعد، إلا أن التضييق والملاحقة والتحريض أبرز سماتها، وفي الوقت نفسه تصاعد حدة المواجهة مع المؤسسة الإسرائيلية.

في هذا المنعطف الجديد المرتبط بالحرب العدوانية على غزة وصمود المقاومة وما يترتب عليها من نتائج، نحن بأمس الحاجة لتحويل الغضب المتفجر إلى حالة جماهيرية منظمة مع خطة نضالية إستراتيجية تصمد في وجه القمع، وتتمكن من توسيع شرائح المجتمع المشاركة ودائرة المواجهات على مختلف أشكالها، على اعتبار أن مفهوم المواجهة لا يقتصر فقط على المواجهة المباشرة التي تحصل مع الشرطة في المظاهرات، بل مواجهة حالة الضعف أو الخوف والبلبلة التي تحصل في ظروف استثنائية كهذه، ومواجهة محاولات كسر الصمود وإضفاء النفس الثوري الذي يجب الدفع فيه قدمًا.

وعلى ذلك يترتب أولا فهم الحالة التي نمر بها والوقوف بقدر المسؤولية تجاهها، وتجنب الدخول في مماحكات داخلية على أكثر من صعيد كالتناحر الحزبي أو المواجهة مع المجتمع المحلي التي قد تؤدي لنتائج سلبية تضرب الحراك وتضعه في الخانة التي تريد إسرائيل وضعه فيها، مستغلة الأوضاع السياسية في الوطن العربي من تعثر الربيع العربي وصعود للثورات المضادة وقوى التطرف.

ومن ضمن الأمور التي يترتب علينا فهمها، أننا في مرحلة مختلفة من شكل المواجهة لا يمكن فيها العودة إلى الوراء، بل البناء على السابق وتطوير آليات نضال جديدة، وإذ كنا نتحدث عن الحراك الشبابي في هذا المقال والسياق، علينا تشخيص أن أيام الغضب على مخطط "برافر" عام 2013، كانت مقدمة لما يحصل اليوم في 2014 مع التأكيد أن الحراك الشبابي في "برافر" قدم للشارع والأحزاب نموذجا جديدا عبارة عن اسقاطات مرحلة ما بعد أكتوبر 2000 من تحول في الخطاب السياسي، وأن الانتفاضة في 2014 في أيامها الأولى سبقت نشطاء الحراك الشبابي أيضا وليس فقط الأحزاب وهذا طبيعي في أي حدث ينفجر فيه الشارع.

دخول الحراك الشبابي في الأيام الأولى كان مهمًا جدًا لاستمرار الحراك، لكن ما زالت الأمور بحاجة لدفعة أكبر وتنظيم أوسع وأدق والخوض في التفاصيل الصغيرة للنجاح في استثمار الحالة الثورية حتى لا تكون هبة وتمر وحتى إحقاق انجازات أكبر وأوسع. وفي قراءة سريعة لحراك الأسابيع الأخيرة، تمكن الحراك الشبابي من تنظيم مظاهرات مهمة قطرية وأخرى محلية، طبعا بالإضافة للأحزاب والقوى السياسية مع تفاوت الأدوار فيما بينها.

بناء على ذلك، تقف أمام الحراك الشبابي مهام ليست بالقليلة أو السهلة بحاجة للبدء في العمل بها في هذه الأيام:

 *الاستمرار في تنظيم المظاهرات والتشديد على النشاطات المحلية، وتوسيع دائرة المشاركين في ظل حملة الترهيب من قبل الشرطة والمخابرات، من خلال بناء استراتيجية عمل جديدة عبر التوجه للناس بشكل مباشر والتواصل معهم، وعدم ترك الساحة لصوت الإعلام الإسرائيلي المحرض. بإمكان الحراك في كل بلدة وبلدة توزيع مناشير في البريد والشارع لتوصيل صوت الحراك، ولجعله حاضرًا وقائمًا ورقمًا صعبًا في المعادلة.

* تنظيم الوقفات شبه اليومية داخل البلدة، والتشديد على داخل البلدة في هذه الحالة هو لتأكيد الحضور وعدم الإنكسار خصوصًا في بلدات شهدت عددًا كبيرًا من الاعتقالات، كما تقوم قرية مجد الكروم مثلا، تكمن أهمية هذه الوقفات في كسر محاولة الكسر السلطوية للعمل السياسي.

* تنظيم مسيرات حاشدة داخل البلدات العربية لا يقل أهمية عن مظاهرات المواجهة، لما تحمل من رسالة جماهيرية، خصوصًا أن هناك شرائح لا تحتمل مظاهرات المواجهة ويجب إشراكها في الحراك.

 *إطلاق حملات دعم للمحال التجارية العربية في ظل تخوف البعض من خسائر اقتصادية في ظل الحراك، وتشجيع المنتوج المحلي، مما يزيد من لحمة المجتمع وتعاضده وقوته، وبعث رسائل طمأنة في وجه شعور وخطاب التهديد.

* إطلاق حملات إغاثة لأبناء شعبنا في قطاع غزة، وللجرحى الفلسطينيين في المستشفيات الإسرائيلية، وهي بدأت فعلا ويجب توسيعها.

* المبادرة لتنظيم حلقات توعية ونقاش وتثقيف حول الأوضاع الراهنة، بالإضافة لعقد اجتماعات للحراك للوقوف على صورة الوضع وتقييم المرحلة وتبادل الخبرات وتطوير العمل، بالإضافة أيضا لعقد لقاءات مع قيادات المجتمع العربي المختلفة التي نريدها معنا في هذا الحراك وعدم تركهم ليكونوا حاجزا أو وكلاء تهدئة، بل إشراكهم قدر الإمكان وبالسقف الذي تسمح لهم ظروفهم بتحمله حتى يتغير هذا السقف بشكل تدريجي.

 *أمسيات وندوات وأعمال تطوع وأنشطة فنية وثقافية.

 *المبادرة لرسومات جرافيتي في البلدات العربية، مما يعطي جوًا عامًا حاضنا للحراك ويعكس هوية وحلة جديدة.

* هناك أفكار عديدة لمبادرات تتعلق بالنشاط الإعلامي، إن كان على شبكات التواصل الإجتماعي، وإنتاج مواد إعلامية مختلفة، وفيديوهات وملصقات، بالإضافة إلى عملية التوثيق والأرشفة. وهناك ضرورة بالتواصل مع وسائل الإعلام المحلية حتى تلك التي لدينا عليها بعض الانتقادات في ما يتعلق بالتغطية أو الخط السياسي، ويجب عدم ترك بعض المواقع المحلية المؤثرة والعمل على كتابة المقالات فيها وإرسال البيانات والتواصل مع المحررين والمراسلين وخلق علاقة معها. وهناك ضرورة أيضا للتواصل مع وسائل إعلام عربية وعالمية ونشطاء أجانب ومؤسسات دولية وحقوق إنسان لإيصال صوتنا للخارج الذي تعمل إسرائيل عليه بحملات إعلامية منظمة ومكثفة.

* التواصل والتنسيق مع النشطاء الفلسطينيين الشباب من مختلف المناطق والعمل على أنشطة مشتركة.

هذه الأيام تحتاج منا إلى بذل جهود مضاعفة ومكثقة، واستغلال الفرصة التاريخية في لحظة المد الثوري للنهوض بقضيتنا وآمال شعبنا بالتحرر.

التعليقات