09/08/2014 - 15:06

حنين الزعبي مثلًا../ أحمد دراوشة

وهل كان يتوقّع نتنياهو ان تقفَ حنين الزعبي وزملاؤها أعضاء الكنيست، يقرأون عليه بعضًا من شعرِ المُنَخِّل اليُشكري

 حنين الزعبي مثلًا../  أحمد دراوشة

هل كنّا بإنتظارِ قرارٍ رسمي من  لجنة الآداب في الكنيست يقضي بإبعاد النائب حنين الزعبي عنه مدّة ستة أشهر، لنعرفَ أننا نعيشُ في ظل حكومةٍ فاشيّة؟ الحقيقةُ لا، فنحن، أي فلسطينيي الـ 48، نعرف أكثَرَ مِن غيرِنَا مَدى العنصريةِ المقيتةِ والممنهجةِ التي نتعرضُ لها في مضاربِ الحياةِ اليوميَّةِ: في ميزانيّاتِ الدولةِ، والبُنى التحتيّةِ وتزويرِ كتبِ التاريخِ، والكثيرِ الكثير مما لا يتسع له المقام هنا.

ولأنني عن حنين الزعبي أكتب، وأذكر أنني ما التَقَيتُها الّا وكانت المسافة بيننا أكثر من ثلاثين مترًا، فأحسبها أنها لم تتفاجَأ بهذا القرار البتّةَ فقد جرّبت مرارًا الإعتداءَ عليها في سفينة مرمرة، وأمام كاميرات الناظرين من على المنبر الإسرائيلي الأعلى سموًا في عُرفِهم "منبر الكنيست" ولم ترتجف أيادي الرئاسات الثلاث يومَها خوفًا من مؤسسات حقوق الإنسان، فالذي لا تردَعه أخلاقَه لن تردعه مؤسسات الأمم المتحدة.

السؤال المطروح الآن وبقوّة، هل كنّا نتوقّع من إسرائيل ومؤسساتها الشُّرطيّة أن تفتحَ أحضانَها للرافضين والمحتجّين والغاضبين على الحرب الإجراميّة في غزّة؟ كيف يمكن أن نتوقّع ذلك وقد عانينا ما عانينا نحن بالذات في مجازر عصابات الأرغون والهتسلاة، وما تلاها من مذابحَ بدءًا بالحكم العسكري وليسَ انتهاءًا بمجازر غزّة المستمرة حتّى كتابة هذه السطور؟

وهل كان يتوقّع نتنياهو ان تقفَ حنين الزعبي وزملاؤها أعضاء الكنيست، يقرأون عليه بعضًا من شعرِ المُنَخِّل اليُشكري: فدفعتها فتدافعت ** مشيَ القطاةِ الى الغديرِ // وأحبها وتحبني ** ويحب ناقتها بعيري؟ وهو يُمعِنُ في إبادةِ المكوّن الأهم في كرامة الأمة اليوم، أهلُ غزّةَ أعني؟ ام يتوَقّع أن تلزم منزلَها ونحن نرى المنازل تتدّمر في غزّة لا لشيءٍ فقط لأنهم نادوا بحقّهِم في السيادةِ على أرضِهم.

نحن نرى العنصريّة الإسرائيليّة في "أبهى" صورها وأعتى تجلّياتها، أكرر العنصرية الإسرائيلية لا الديموقراطية المزعومة، والّا ما تسمّون الهجمات العنصرية المتكررة على العرب في كل منتديات الفيسبوك وأن يتركها نتنياهو ولا يحرك ساكنًا، بينما يتطرق لستاتوسٍ لطالب عربي في التخنيون، حينما تداعَت كل مؤسسات الدولةِ للتأكيد أن "لا مكانَ له في كلية الطب والتخنيون" وبذلِك أصدر رئيس التخنيون بيانًا استثنائيًا على غير عادَتِه وهو خارجَ البلاد، قبل أن يتراجعَ عنه على وقعِ المظاهرات!

صراحةً، لا أتوقَعَ أكثر من ذلك فهم يصوروننا أعداءً في زي حمل، او خطرًا عظيمًا على سلطتهم لأننا نعيش بين ظهرانيهم ونتواجَدُ في جامعاتهم، ونتوظف في مؤسساتهم، ولو بدرجةٍ ثانية، ونملكُ تأثيرًا عليهم أكثر من تأثيرهم علينا، فبدَل أن تتقلّب لغتنا وتتغيّر، أنظروا للغتهم الركيكةَ كيف تشرّبت من لغتنا، ومدنهم كيف امتلأت بعمّالنا، وكيف نناجزهم في مضامير الفنّ والطبّ والعلوم والتعليم، رغم التضييق والمعوّقات. فهم يعتبرونَنا، بإيجازٍ بسيط، "سرطان" أمتهم!

فترةٌ دقيقةٌ نمّر بها اليوم، على أمل أن نخرجَ منها بأقل الخسائر الممكنة، وأضعفُ الإيمان فيها أن يتغيّب أعضاء الكنيست عن جلسات الكنيست تضامنا مع النائب الزعبي، لئلا يُقال في ما بعد، أُكِلتُ يومَ أُكِلَ الثور الأبيض، وطُرِدتُ يومَ طردت الزعبي؛ لكنّ المؤكّد أن العرب في الداخل قبل حرب غزّة ليسَ كما بعدها.

التعليقات