26/12/2014 - 15:14

الوحدة هي الوضع الطبيعي/ خالد تيتي

يقول البعض، في الوحدة وعن الوحدة، أنها حديث موسمي عن الانتخابات. ربما يكون هذا الكلام صحيحا إذا ما اقتصر العمل السياسي على المشاركة في الكنيست الإسرائيلي، بمعنى أن تتحول الكنيست إلى حلبة العمل السياسي الوحيدة

الوحدة هي الوضع الطبيعي/ خالد تيتي

يقول البعض، في الوحدة وعن الوحدة، أنها حديث موسمي عن الانتخابات. ربما يكون هذا الكلام صحيحا إذا ما اقتصر العمل السياسي على المشاركة في الكنيست الإسرائيلي، بمعنى أن تتحول الكنيست إلى حلبة العمل السياسي الوحيدة، ليس من باب حصر الطاقات في العمل البرلماني التمثيلي فحسب بل في العمل وفق حدود المنظومة التي تفرضها الكنيست – خارج الكنيست أيضا. 

الحياة كنيست؟

عندما تتحول 'منظومة الكنيست' إلى منهاج حياة، يتحول العمل السياسي داخلها وخارجها إلى عمل خارج عن السياق والظروف التي نعيشها كأقلية قومية ويختلط الحابل بالنابل، فتارة نسمع عن ضرورة تغليب الخطاب الطبقي واستعمال أدواته في خوض العمل السياسي كعرب في هذه البلاد، وتارة أخرى نسمع عبارات منطلقة من أبراج عاجية عن التعددية وأهمية الاختلاف في مجتمعنا الديمقراطي المتحضر. الأنكى من ذلك هو ادعاءات سنوات التسعينيات من القرن الماضي حول بناء أجسام مانعة وتحالفات تؤسس لـ'يسار حقيقي'. أما عن الادعاء القائل بأن وحدة العرب هي مبتغى اليمين الإسرائيلي الذي يريدنا متقوقعين، فحدث ولا حرج.  

أي عمل سياسي موجه نقوم به كعرب أبناء شعب محتل وكأقلية قومية فرضت عليها المواطنة في الدولة اليهودية، يفترض أن يكون عملا جماعيا، وأي عمل جماعي في مواجهة الدولة وعنصريتها ومقارعة مقولتها اليهودية العنصرية يجب أن يكون حده الأدنى إجماع سياسي رافض ومناهض للاحتلال وفكرة عنصرية ويهودية دولة، منطلقًا نحو أكبر حيز ممكن للتوافق وإدارة أنواع الاختلاف في مجتمعنا. فهل نعتبر المشاركة في الكنيست خيارًا لعمل جماعي في مواجهة الدولة/السلطة ؟ أم أن هذه المشاركة خيارًا لكونها أمرا متاح فقط (حتى الآن) ؟

تفيد المعطيات الإحصائية أن الأحزاب العربية التي شاركت في الكنيست تستثمر جل جهدها في طرح ومرافعة قضايا مدنية تتعلق بالحياة اليومية والقضايا الجماهيرية للمجتمع العربي ( ٩٧٪ من اقتراحات القوانين التي قدمها أعضاء الكنيست العرب وأكثر من ٧٥٪ من الأدوات البرلمانية استعملت من قبلهم). أما  المواضيع التي خاض فيها نوابنا العرب في الكنيست من مختلف الأحزاب والقوائم فتكاد تكون ذات المواضيع، في سياقات مختلفة (بغض النظر عن كثافة العمل وجودته). لم تنبع هذه المعطيات من الفراغ ولا من قلة حيلة أو عدم إبداع النواب العرب. الموضوع ببساطة هو أن المساحة الطبيعية التي تمنحها طبيعة العمل البرلماني للعربي في مواجهة السلطة تقضي منه أن يمثل العرب، كل العرب. 

على العربي أن يمثل أبناء شعبه وقضاياهم الحارقة في الكنيست في سياق محدود وطبيعي وهو علاقة الفرد العربي بالسلطة وعلاقة الأقلية العربية بالسلطة، وذلك في ما يتعلق بالموضوعات الخدماتية أو في ما يتعلق بالخطاب السياسي ومساهمة الأحزاب والنواب في صقل وبناء الرأي العام المناهض للاحتلال وسياسات الحكومة في مقولة دولة اليهود. هذا ما يتوجب على عضو الكنيست العربي فعله في الكنيست عندما اختار المشاركة في اللعبة السياسية وهذا ما يفعله أعضاء الكنيست العرب مجتمعين فعلًا. فلماذا لا يكون العمل من خلال الكنيست جماعيًا إذا؟!

الوضع الطبيعي لمشاركة الأقلية العربية في أي مضمار يتعلق بمجابهة السلطة في مقولتها وممارستها، هو أن يكون هذا العمل مبنيًا على حد أدنى من التوافق والإجماع، الأهم من ذلك هو التنسيق، وعندما نتحدث عن التمثيل البرلماني لا يتعلق الموضوع بالتمايز الحقيقي الموجود بشكل بارز بين الأحزاب، فثمة من يطرح مقارعة يهودية الدولة من على منبر الكنيست فقط، وثمة من حول هذا الطرح إلى برنامج عمل سياسي في جميع الميادين. وإذا ما ربطنا بين طبيعة العمل البرلماني من خلال المعطيات والظروف السياسية التي نعيشها وبين ضرورة التنسيق والعمل الجماعي لأي فعل سياسي نقوم به كأقلية قومية، ستكون النتيجه الحتمية أن الوحدة هي الوضع الطبيعي الذي لا بد له أن يكون. هذه هي القاعدة، حتى لو أن الحقائق التاريخية حولتها إلى “حالة شاذة” في حياتنا. تنظيم الفلسطينيين في إسرائيل كأقلية قومية هو الوضع الطبيعي، التنسيق الكامل بين مختلف الأحزاب التي تمثل الأقلية العربية في هذه البلاد لإقامة قائمة مشتركة هو الوضع الطبيعي والوحدة في وجه السلطة (سواءً ما يسمى يمينًا ويسارًا ومركزًا وكل ما بين ذلك)  هي الوضع الطبيعي وليس 'الحلم العربي' كما يخيل لنا عندما نسمع مطلب الشارع في كل انتخابات.  

التعليقات