16/01/2015 - 09:44

وأما عن الحنين زعبي فوبيا.... فحدث../ هزام هردل*

استطاعت زعبي، وبجدارة، أن تزعزع هذا القالب المتين، الصلب والجيد السبك، قالبا كانت قد بلورته ذكورية المؤسسة الإسرائيلية بمعية المجتمع الفلسطيني، لصورة المرأة الشرقية عمومًا، والفلسطينية على وجه الخصوص

وأما عن الحنين زعبي فوبيا.... فحدث../ هزام هردل*

 

بمحاولة بسيطة للبحث عن اسم "حنين زعبي" باللغة العبرية في محرك غوغل، يأتينا ما يلي:
"חנין זועבי רווקה – حنين زعبي عزباء"؛
"חנין זועבי נשואה – حنين زعبي متزوجة"؛
" חנין זועבי עצבנית שתלך להתחתן– حنين زعبي عصبية – لتذهب وتتزوج"؛
"המגורים של חנין זועבי مكان سكن حنين زعبي"؛
"חנין זועבי גרה עם ההורים שלה حنين زعبي تسكن مع ذويها".

ومن خلال نقاشاتٍ مع أشخاص، والذين لا ينتمون إلى حزب التجمع يأتي ما يلي:

"حنين نمرودة، حنين فش عندها أسلوب حكي، حنين بتحاول تستقطب أضواء، محصنة ومش حلو تكون امرأة هيك، عفكرة عشان هيك متزوجتش، مين بيقرب عليها؟".

إذا حاولنا إلقاء الضوء على هذه التعليقات، الكلمات، والشيفرات المتداولة داخل الخطاب الإسرائيلي السائد، لرأينا أنها تحمل بطياتها مدلولاتٍ ومؤشراتٍ على وجود محاولة تنقيب عن كل ما يتعلّق بالحيّز الشخصي الخاص بالنائبة حنين زعبي. ومن هنا يأتي السؤال، لماذا كل هذه المضامين؟ لماذا يسمح المجتمع الإسرائيلي، لنفسه اختراق حياة حنين زعبي الشخصية؟ التنقيب عن جنسانيتها؟ كما عن وضعها الاجتماعي والعاطفي والنفسي؟ وهل تٌطرح هذه الأسئلة في حال كان ذلك رجلًا فلسطينيًا شاغلا لمنصبٍ برلماني، منتميا لذات الحزب؟ أو لأحزاب عربية أخرى؟ مادة للتفكير.

استطاعت زعبي، وبجدارة، أن تزعزع هذا القالب المتين، الصلب والجيد السبك، قالبا كانت قد بلورته ذكورية المؤسسة الإسرائيلية بمعية المجتمع الفلسطيني، لصورة المرأة الشرقية عمومًا، والفلسطينية على وجه الخصوص، قالبا ينص على صورة المرأة الشرقية المعرّفة باللطيفة، الناعمة، المتزوجة أو الطامحة للزواج، التي تحمل الأمومة بأعلى سلم أولوياتها، المتسامحة، المتواطئة؟ السهلة الانشطار؟ التوافقية التناغمية، المطيعة؟ الانسيابية؟ المتماهية؟ وربما المعنّفة اقتصاديًا؟ لا بل وغير الشاغلة لمناصب مرموقة؟ غير المستئنفة لمركبات هويتها؟


برأيي، إن حنين زعبي لم تعاقَب على كونها تحمل طرحًا سياسيًا مهددا للكيان الصهيوني، وعلى كونها إرهابية بنظرهم، ومُسيئة لموظفي الدولة. ان معاقبة حنين زعبي من قبل المؤسسة الإسرائيلية هو محصلة لمنظور استشراقي إسرائيلي ممنهج في التعامل مع النساء الفلسطينيات كنموذج شرقي متدني القيمة من جهة، وتوافق كل من ذكورية الدولة وذكورية المجتمع الفلسطيني على عزل النساء الفلسطينيات من جهة أخرى.


تسويق "إرهابية" حنين وادعاء "تهديدها" لكيان الدولة يعبّر وبشكل مباشر عن تغطية مدرَكة لمنظومة إسرائيلية عسكرية ترغب في حماية أمنها الداخلي، ولكن، فإن ما يبدو منطقيا ومفهوما للوهلة الأولى، يكاد يكون أكثر تركيبًا للوهلة الثانية، فمحاولات تعنيف حنين جسديا وكلاميا ونفسيا من خلال مشاركتها في مظاهرات ونشاطات عدّة، ومهاجتمها وطردها وعزلها ورفضها يجسّد، بل ويؤكد، أنها ليست بمجرد تحسّب أمنيا داخلي، بل منهجية ذكورية، تزامنت وبامتياز مع ذكورية المجتمع الفلسطيني في سياق تعامله مع النساء الفلسطينيات.

والذي لا يمكننا تجاهله، أن حنين زعبي هي امرأة حازمة ومدافعة ومحلّلة سياسيا، وتحمل فكرًا ثاقبًا، وتتحلى بالقوة والصلابة والحزم، وقارئة جيدة للمشهد السياسي، ومتحدية ومتكلّمة ومتنافسة جيدة، وهذا لا يشكّل فقط خطرًا على أمن دولة إسرائيل بحسب، بل يقلب كل المفاهيم السائدة، ويشكل تهديدًا حيًّا على مكانة الرجل في مجتمعٍ ذكوري إسرائيلي، وفي مجتمع فلسطيني كل منهن على حد سواء.

وبكلمات بسيطة يمكننا أن نصف ذلك من منظور إسرائيلي:
"إحنا يا دوبنا اللي قادرين نتعامل مع نساء يهوديات شكنازيات في البرلمان الإسرائيلي ونرد على مطالبهن المدنية شو جاي انت... أخرى امرأة شرقية عربية؟ وفلسطينية وعندك مطالب مدنية وطنية وقومية وبتحكي بالمواطنة وبالهوية وصهيونية الدولة؟ وكمان مش لطيفة؟ وكمان مش متزوجة؟ وأخوكِ وأبوكِ ما بضربوكي... لا لا هذا إشي صعب كثير نستوعبه، ومش مألوف إلنا بالمرة. وهاي أكيد ظاهرة إلها تفسير مرضي نفسي/ مرضي جنسي/ مرضي عقلي ولا شك في ذلك"

وأما عن الوصف من منظور فلسطيني: 
"طيب منقبل تتعلمي تتطوري، تشتغلي إيش بدك، بس بتحكي وتجادلي سياسة كمان؟ بتصيّحي؟ بتسمعيش الكلمة؟ عم بتقربي عالحيز الذكوري تبعنا؟ عالقوة؟ بتتحدي؟ لا.. وبتفكري كمان؟ وبتحللي؟ وبتفككي تركيبات معقدة؟ وكمان قارئة للخريطة السياسية؟ لا ثم ألف لا، لحد هون وبس، إرجعي لورا، لا.. ومش متزوجة كمان وبتحكي"

إن هذه الحالة ليست بحالة عينية موضعية تخص حنين زعبي بحسب، بل هي حال النساء الفلسطينيات عامةَ، ومن هنا، فإذا رغب المرء في معرفة أحوال النساء الفلسطينيات، فما عليه إلا معرفة حال النائبة حنين زعبي عن كثب. 

التعليقات