26/01/2015 - 13:24

הארץ: די לפטרוניות… לא להנחתות!*

خصصت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية أمس الأحد، مقالتها الافتتاحية بحث المواطنين العرب على الخروج للتصويت في الانتخابات البرلمانية المقبلة.

הארץ: די לפטרוניות… לא להנחתות!*

صورة عن مقالة "هآرتس" بالعربية

خصصت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية أمس الأحد،  مقالتها الافتتاحية لحث المواطنين العرب على الخروج للتصويت في الانتخابات البرلمانية المقبلة.

وعنونت “هآرتس” افتتاحيتها التي نشرتها بالعبرية والعربية بـ “نداء للمواطنين العرب - أخرجوا للتصويت”،  تدعوهم فيها للخروج للتصويت بهدف إسقاط اليمين وطرح بديل لنتنياهو وائتلافه.

وعلى الرغم من أن غالبية المواطنين العرب تقرأ اللغة العبرية، وخاصة قرّاء صحيفة “هآرتس”، التي اتخذت لنفسها شعار “صحيفة لأناس يفكرون”، اختارت الصحيفة هذه المرة أن تكتب باللغة العربية (للمرة الثانية)، وتخاطب العرب كأنهم “حطابون وسقاة ماء ورعاة” وكأنهم ليس فقط لا يفكّرون، بل أرادت أيضاً أن توفر عليهم الترجمة، فقدمت لهم المقالة مترجمة. 

وبالإضافة إلى اللغة الركيكة، وطريقة الكتابة التي تذكّرنا بمناشير 'الهاغاناة' التي كانت تدعو العرب للاستسلام ورفع الأعلام البيضاء عشية النكبة أو طائرات الأباتشي التي تسقط المناشير على المدنيين في غزة قبل القصف، فإن استعلائية “هآرتس” استمرت حتى وصلت للمضامين، وتقدم النصائح للمواطن العربي الذي تراه الصحيفة غير واع، وأن من واجبها هي “الرجل الأبيض” أن ترسم لنا طريق الصواب، حيث قالت الصحيفة، إن على المواطنين العرب أن يدركوا أن الطريق الأمثل  لمحاربة هذه التوجّهات العنصرية ولاحتلال المكانة التي تليق بهم هو التصويت للأحزاب العربية.

أمّا القيادة العربية، فلم تسلم هي الأخرى من استعلائية الصحيفة، فلم تتوقف دعوتها للمواطنين العرب بالخروج للتصويت، بل قالت ما يجب على القيادة العربية أيضاً أن تفعله، وهنا نرى نسخاً رائعاً من مناشير الهاغاناة التي كانت تدعو القيادة العربية لحث الناس على الاستسلام، وتدعوهم لقيادة الجماهير لما هو أفضل لهم ولها. 

سلوك “هآرتس” وإن كانت نواياها طيبة هو سلوك أبوي واستعلائي “أبيض” يتعامل مع العرب كخزان أصوات لليسار الصهيوني، وتتعامل معنا كأوصياء. ألا يكفيها كتابها الناطقون بالعربية الذين لا يجيدون إلا جلد الذات؟

“هآرتس” تعاني من عقدة استعلاء في تعاملها مع المواطنين العرب وحتى اليهود الشرقيين، لكن اهتمامها بقضايانا ليس موسميا وتستحق عليه الثناء، خلافاً لصحيفة “يديعوت أحرونوت” التي نشرت هي أيضا بالأمس مقالاً لكاتب ناطق بالعربية يدعو فيه للمشاركة في التصويت دون الدعوة للتصويت للأحزاب العربية.

ختامًا، تخطر لنا هنا مقولة د. عزمي بشارة بأن “مواطنتنا مشتقة من حقنا على هذه البلاد، وليس فقط في هذه البلاد”، وأن 'إسرائيل لا تسدي لنا معروفا بل نحن نسدي لها معروفا إذا دخلنا البرلمان، وأي حقوق تصنعها هي حل وسط معنا وليس معروفا'. 


أوهام 

أثير مؤخراً ومجدداً إمكانية مشاركة العرب في ائتلاف حكومي بديل لليمين ونتنياهو بزعامة يتسحاك هرتسوغ وتسيبي ليفني أو دعمه دون المشاركة به.

وهنا، لا بد من التذكير والتشديد، بأن هذه الإمكانية هي غير واردة مطلقًا، ليس فقط بسبب رفض معظم الأحزاب العربية هذه المشاركة أو حتى الدعم من الخارج (الكتلة المانعة)، وتحديدا التجمع الوطني الديمقراطي، بل لرفض هرتسوغ “اليساري” مثل هذا الدعم لأن ذلك “يمس بشرعيته” أمام المصوتين اليهود.

تجربة “الكتلة العربية المانعة” في العام ١٩٩٢ لن تتكرر للأسباب المذكورة أعلاه، ولأن ليس هناك أي حديث جدي ولن يكون على ما يبدو في الأفق المنظور عن اتفاق سلام مع الفلسطينيين، لأن أسوأ الاتفاقيات التي يستعد الطرف الفلسطيني التوقيع عليها غير مقبولة حتى على ما يسمى “يساراً”. كما أن هرتسوغ - ليفني لن يقدما طرحا جديداًَ.

كما أن الشعب الفلسطيني ذاق مرارة وويلات حكم حزب 'العمل' على مدار عقود، إضافة إلى أن ليفني ليست “يسارية” أو حمائمية كما يروق لبعض العرب تصويرها. وكما يقول المثل “اللي بجرب المجرب عقله…”. ويكفي التذكير بأن حزب العمل قتل منا ١٣ شابا في أكتوبر ٢٠٠٠.

المواقع العربية

على الرغم من استعلائية “هآرتس” إلا أنها تبقى موضوعية ومهنية (باستثناء حالات الحرب)، أما “إعلامنا” المحلي، إن جازت التسمية، فهو يثير الاشمئزاز في تغطيته للمعركة الانتخابية وتحديدا الأحزاب العربية، ويبدو بأقبح صوره. 

فهذه المواقع (بعض وليس جميعها) تبحث عن الأخبار الصفراء والمثيرة والنميمة، وتنحاز إلى طرف ضد طرف بصورة عمياء وهوجاء، ضاربة بعرض الحائط قيم المهنية والموضوعية والمسؤولية الوطنية.

تشكل القائمة المشتركة هي حقا لحظة تاريخية في صيرورة المواطنين العرب في إسرائيل، ونتوقع من إعلامنا أن يتعامل معها بهذه الجدية. 

(* ترجمة العنوان - “هآرتس: كفى للوصاية ولا للإملاءات”)

 

التعليقات