09/02/2015 - 15:59

لماذا "إرادة شعب"/ د. منصور عباس

اختارت القائمة المشتركة لنفسها شعارا رئيسيا لحملتها هو "إرادة شعب"، تجسيدا لحقيقة جلية أن الإرادة الشعبية انتصرت وفرضت نفسها -ربما لأول مرة- فتجلت هذه الإرادة على صورة تحالف سياسي في القائمة المشتركة.

لماذا

إعلان القائمة المشتركة

اختارت القائمة المشتركة لنفسها شعارا رئيسيا لحملتها هو 'إرادة شعب'، تجسيدا لحقيقة جلية أن الإرادة الشعبية انتصرت وفرضت نفسها -ربما لأول مرة- فتجلت هذه الإرادة على صورة تحالف سياسي في القائمة المشتركة.

كانت هناك خيارات مريحة أخرى أمام صانعي الوحدة (خيار القائمتين مثلا). حاولت أوساط متعددة بدوافع مختلفة تسويقه وتزيينه والترويج له، وحُشد لذلك استطلاعات الرأي وحملات إعلامية منظمة وعقدت اجتماعات، معلن وغير معلن عنها ، ولكن عبثا حاولوا وانتصرت الإرادة الشعبية .

اليوم، تهاجم القائمة المشتركة من زاوية أنها تحقيق لمصالح حزبية وشخصية  وليس استجابة لإرادة الشعب . على أي حال فإن معالجة هذا الادعاء  وتقييمه ليست في نوايا الأحزاب ودوافعها، وهل ابتغت بالوحدة وجه الله تعالى وتجردت من مصالحها (ندع الخلق للخالق)، ولكن في النظر في دلالات الخطوة وتوابعها وأثرها حاضرا ومستقبلا على شعبنا الفلسطيني في الداخل.

ما حاولت القائمة المشتركة أن تعبر عنه في شعارها الرئيس ليس فقط أن 'إرادة شعب' تقف خلف ولادة القائمة ، وإنما أننا نحتاج إلى 'إرادة شعب' من أجل أن نُنجح التجربة الفريدة خدمة لحاضرنا ومستقبل أبنائنا وشعبنا الفلسطيني وربما أمتنا بأسرها. نحن نقدم نموذجا وحدويا لشعب فلسطيني منقسم على نفسه، ولأمة عربية تفتتت شعوبا وقبائل وطوائف ودويلات.

'إرادة شعب' قد تتجلى في حشد خمسمائة ألف صوت للقائمة المشتركة ، وربما الأهم أن تتجلى 'إرادة شعب' في اقتحام مجالات النضال ضد العنصرية والتمييز وسلب الحقوق والاحتلال والاعتداء على حياة الناس ومقدساتهم وكرامتهم ومعاشهم، من قبل سلطة فاشية تتجمَّل بمظاهر الديمقراطية وحقوق الإنسان وهي منه براء.

'إرادة شعب' وسيلتنا للتأثير والتغيير في مجتمع متخم بجراح العنف والجريمة المنظمة. 'إرادة شعب' قيمة تربوية وثقافية لشعب طالما أُريد له أن يقبل الخنوع والخضوع والاستسلام للتخلف والفشل والهزيمة.

'إرادة شعب' هي التي تصنع الشعوب والمجتمعات الإنسانية وتنتصر لقضاياها وتمنع الارتكاس في أحضان التمزق والتشرذم والطائفية والعنصرية والكراهية.

أي خيار آخر أمامنا غير أن تكون لنا 'إرادة شعب' في قائمة مشتركة تعبر عنا وعن قضايانا وتشتبك مع من يسعى إلى عزلنا وسلب حقوقنا وكسر إرادتنا؟ هل نجحت قوى سياسية معتبرة بتقديم بديل أو حل لواقع مركب ومعقد بغير الإطار العام والوسائل المتعارف عليها قانونا وعرفا؟ هل نجحت قوى سياسية بتشكيل قائمة بديلة جديرة تعبر حقا عن جماهير شعبية تمثل فسيفساء المجتمع العربي في الداخل وكفاءاته وخبراته وأطره السياسية والمجتمعية الفاعلة؟

لا أدعي أن القائمة المشتركة فوق النقد والمراجعة والتصويب، ولكن كل ذلك ينبغي أن يكون في إطار التمسك بمشروع الإرادة الشعبية وتعزيز هذه الروح والاحتكام إليها، لا الفتّ في عضدها في وقت تواجه القائمة المشتركة أعتى دعاة الكراهية والفاشية والعنصرية وموقدي الحروب وهي تموضع نفسها كقوة سياسية ثالثة في الكنيست.

مطلوب من القائمة المشتركة أن تقدم جديدا وقبل موعد الانتخابات ، على مستوى الأداء السياسي والشعبي العام وأن تنفتح على أوسع الشرائح والكفاءات العلمية والمهنية والسياسية التي تدعم مشروع القائمة المشتركة، مستفيدة من هذه الطاقات في صياغة وتنفيذ برامجها ومبادراتها. كم ينبغي للقائمة المشتركة أن تحدد موقفا أكثر وضوحا وجدية من لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية بصورة تعهد لاستكمال بنائها وتقديم دعم مادي حقيقي وتوفير الكفاءات الضرورية لتطوير أدائها وتعزيز دورها.

إن من شأن هذه الإجراءات والمواقف أن تعزز الثقة بمشروع القائمة المشتركة ودورها المستقبلي، وأن تحدث التوازن المطلوب بين ميداني العمل البرلماني الرسمي في الكنيست والعمل الوحدوي الشعبي والمؤسسي من خلال لجنة المتابعة، ولكليهما نحتاج إلى 'إرادة شعب' مؤثرة ومتفاعلة مع الحدث ومستجيبة للتحديات.

(نائب رئيس الحركة الإسلامية - الشق الجنوبي)

 

التعليقات