13/03/2015 - 16:11

تسلل خطاب المتطرفين والمعتدلين/ رامي منصور

الفقر والهدم والمصادرة ليست مسببات المرض بل هي العوارض ولا يجب الاكتفاء بمعالجتها بل يجب أولا معالجة سبب المرض: العنصرية والاحتلال.

تسلل خطاب المتطرفين والمعتدلين/ رامي منصور

الأوهام والآمال

يكذب من يدعي أو يقول إن حياة العربي ستنقلب رأسًا على عقب بعد السابع عشر من آذار المقبل، وذلك لسبب بسيط وواضح: العنصرية والصهيونية لن تزول في صبيحة اليوم التالي للانتخابات. ونسبة الفقر لدينا لن تنخفض، وعمليات هدم المنازل ستتواصل في صبيحة اليوم التالي. إذن، محاولة فرض خطاب توزيع الابتسامات ومهادنة العنصرية من خلال رسم صورة وردية وهمية مثلها مثل معالجة الورم الخبيث بأدوية مسكنة للأوجاع التي لا طعم لها ولا رائحة وشكلها مقبول لكنها لا توفر العلاج بل تسكن الألم مؤقتا.

الفقر والهدم والمصادرة ليست مسببات المرض بل هي العوارض ولا يجب الاكتفاء بمعالجتها بل يجب أولا معالجة سبب المرض: العنصرية والاحتلال.

وهنا يجب التمييز بين من يحاول نثر الأوهام وبين من يحاول زرع الآمال. الأوهام لن تتحق أبداً والآمال بحاجة إلى إرادة وبوصلة. الأول يحاول بيع الناس سرابا لأنه يعتقد أن إرادة الناس هي أكل وشرب وشغل فقط وأن كرامتهم تتلخص في هذه الأمور. والثاني يرى أنه حتى تكون الإرادة حرة فلا بد من الكرامة أولا، والكرامة نقيضة المهادنة والتذلل. فمن لا كرامة له لا إرادة حرة لديه. والأمل شرط الإرادة، والوهم أو السراب هي رؤية الهائم فاقد الاتجاهات.

وهنا لا بأس بالتذكير بقول أمير الشعراء: وما نيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابا.

وشاة ناحوم برنياع

للصحافي الإسرائيلي ناحوم برنياع وشاة في “وسطنا العربي” ينخر الحقد أجسادهم ويستوطن عقولهم. ففي أوج المعركة الانتخابية فجأة يخصص برنياع جزءًا من مقالته الأسبوعية في يديعوت أحرونوت لمهاجمة الدكتور عزمي بشارة والتجمع الوطني الديمقراطي.

التحريض ممجوج؛ برنياع يدعي أن بشارة يدعم التجمع من الخارج وهو صاحب القول الفصل في الحزب، وأنه هو من فرض موقف الحزب المعارض لتوقيع فائض أصوات مع ميرتس.

قد يقول قائل إن التهم تشرف كل وطني. التجمع حزب وطني يجب دعمه وميرتس حزب صهيوني لا يجوز التوقيع معه على فائض أصوات.

لكن الحقيقة هي كما يلي: برنياع ووشاته يريدون تحريض الحكومة والمؤسسة الأمنية على ضرب التجمع وملاحقته لأن خطاب التجمع لا يتحدى الفكرة والفكر الصهيوني لغة وفكرا فحسب، بل أصبح في كل مكان حتى في مدرجات مشجعي إخاء الناصرة وفي هتافات مشجعي فريق اتحاد أبناء سخنين. وهذا ما يزعج برنياع ويقر به، وهو أن “نتنياهو تأخر في لجم التجمع”، حسب تعبيره.

وإذا كان برنياع يرغب بممارسة عمله بمهنية، فصاحبه الواشي ليس العنوان، بل ليذهب إلى الناصرة وسخنين ويسأل إدارات الفريقين والمشجعين هناك وإلى حيفا حيث يقام مركز ثقافي عربي ضخم...

المهادن وغير المهادن

في سياق الحديث عن ناحوم برنياع ووشاته، لا بد هنا من التحذير من تسلل دعاية السلطة إلى خطابنا السياسي ومحاولة فرزنا بين متطرفين ومعتدلين. فتحريض برنياع  يأتي بهذا الإطار ولأن أمثاله آلمهم عدم توقيع  القائمة المشتركة على اتفاق فائض أصوات مع ميرتس، ليس لأن القائمة ستخسر مقعدا بل لأن ما يسمى اليسار الصهيوني قد يخسر مقعدا. 

والفرز بين معتدلين ومتطرفين خطير جدا إذا ما تسلل وترسخ في خطابنا السياسي. في مواجهة سياسة عنصرية لا يوجد متطرفون ومعتدلون بل مهادن وغير مهادن. هناك من يهادن السلطة العنصرية وإعلامها، ولو بدرجات متفاوتة، وهنا من يصر على موقفه، ليس بدافع التطرف، وإنما لأنه حقيقي وأصيل.

التعليقات